تحرك دولي على خط المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية
تجربة وزير الخارجية الاميركية الجديد، جون كيري، الجدية الاولى، في الشرق الاوسط، وضبطاً حول القضيتين الاساسيتين الملحتين: سوريا وفلسطين، بدأت هذا الاسبوع، لدى زيارته العاصمة الايطالية روما، في 8 و9 ايار (مايو) الجاري، قادماً من موسكو.
قد يلتقي رئيس الديبلوماسية الاميركية، خلال اليومين الذين سيمضيهما في العاصمة الايطالية، اضافة الى رئيس الحكومة الايطالية انريكو ليتا، وزيرة خارجيته، ايما بونينو، تسيبيي ليفني وزيرة العدل الاسرائيلية، المكلفة شؤون التفاوض مع الفلسطينيين، وصائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، ووزير خارجية الاردن، وغيرهم من المسؤولين العرب، الذين سعت الادارة الاميركية الى الاتيان بهم الى روما، في هذه المناسبة.
يبدو ان الولايات المتحدة، تعلق اهمية على الورقة الايطالية، في وقت تواجه منطقة الشرق الاوسط تحديات ومخاطر انفجار واسع النطاق، على وقع الاحداث السورية.
ويرى المراقبون، ان تجربة جون كيري هذه، تشكل، في اي حال، استعداداً للتجربة الجديدة التي ستواجهها الولايات المتحدة، بعد النصف الثاني من شهر حزيران (يونيو) المقبل، وما سيخرج من الانتخابات الرئاسية الايرانية. ولكن من الواضح ان المسألتين السورية والفلسطينية تبقيان الاكثر الحاحاً.
ففي الاسبوع الماضي، زار روما، رئيس الدولة الاسرائيلية، شيمون بيريز، ورئيس الدولة الفلسطينية، محمود عباس، من دون ان يلتقيا.
واعلن شيمون بيريز، امام الصحافيين في العاصمة الايطالية، ان ايران وسوريا تشكلان تهديداً للعالم كله. ولكنه اشار في المقابل الى ان فلسطين واسرائيل، قد تتوصلان الى اتفاق سلام، خلال هذه السنة، على اساس قيام دولتين، يشكل الحل الوحيد الممكن.
عباس في روما
وفي المقابل، وجّه الرئيس محمود عباس، الذي تسلم هوية مواطن شرف لمدينة نابولي الايطالية، حيث بقي طوال اليومين اللذين تواجد خلالهما شيمون بيريز في روما، نداء الى ايطاليا، لممارسة الضغوط على اسرائيل. ورأى ان لا اهمية لوجود وزراء متطرفين في الحكومة الاسرائيلية الجديدة، لان الكلمة الاخيرة تبقى لرئيسها بنيامين نتانياهو، فاذا اراد المفاوضات، كانت مفاوضات فالمطلوب هو اخراج هذه المفاوضات من الجمود الذي جعلها نتانياهو تتخبط فيه. في حين ان اللعبة الفلسطينية يطرحها عباس في غاية الوضوح. فاذا لم تتوصل الادارة الاميركية، وسائر العالم، الى اقناع اسرائيل نتانياهو، بالعودة الى طاولة المفاوضات، في النصف الاول، من حزيران (يونيو) المقبل، فانه سيعمد الى تطبيق القرارات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية، وفي طليعتها «اعادة مفاتيج الضفة الغربية الى الاسرائيليين»، اي وقف اي تعاون مع الحكومة الاسرائيلية، واجبار الجيش الاسرائيلي على ان يتحمل مباشرة كل شؤون ادارة الاراضي الفلسطينية في الضفة.
ويتفق المراقبون، على ان الخطوات التي اعتمدتها ادارة محمود عباس، والضغوط التي مارستها، تضع نتانياهو في الزاوية، واشار رئيس الدولة الفلسطينية الى ان الاميركيين طلبوا منه مهلة شهرين ونصف الشهر، ولكنه يعرف ماذا سيفعل بعد ذلك، اذا لم يتحقق اي شيء، مع التشديد على ان لا عودة الى الكفاح المسلح، والى العنف، «لكننا نعرف ماذا سنفعل».
وكان بنيامين نتانياهو اعلن، منذ ايام، انه سيطرح على الاستفتاء، نتائج اي اتفاق، قد يتم التوصل اليه ليقول الشعب اذا كان يوافق عليه ام لا. واذا كان المراقبون يعتبرون هكذا مبادرة، ترضية الى المتشددين، فان اليسار الاسرائيلي يرى ان امامه فرصة لان يجعل الرأي العام يقتنع بهذه الحلول، التي هي الضمان لبقاء اسرائيل.
ولكن اعلان نتانياهو، يشكل في اي حال، تأكيداً للصعوبات التي يواجهها.
وكان جون كيري التقى في واشنطن، في الثاني من ايار (مايو) تسيبي ليفني، واسحق مولهو، ممثلاً لنتانياهو، حيث بحث معهما، بنود المبادرة الاميركية، فاذا وافاه الاثنان الى روما، تكون اشارة الى ان اوباما وكيري قررا الاسراع في تنشيط المبادرة الاميركية، من دون ان يكون من الواضح، ما هي انعكاسات التسريع العسكري الذي قامت به اسرائيل، على الجبهة السورية – الايرانية.
دخول الصين
ومن جهة ثانية، سجل المسرح السياسي في المنطقة، الدخول العلني، للصين، التي زارها قبل ايام قليلة، من الغارة الثالثة، التي قام بها الطيران الحربي الاسرائيلي، على سوريا، منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، رئيس المخابرات العسكرية الاسرائيلية، الجنرال افيف كوشاني، حيث اجرى مباحثات مع مسؤولين عسكريين ومخابراتيين.
وفي اطار هذا الدور، يشير المراقبون الى ان الزيارة التي قام بها، في هذا الاسبوع، الى الصين كل من الرئيس الفلسطيني ورئيس الحكومة الاسرائيلية، وسط تأكيد ناطق رسمي صيني على استعداد لتسهيل لقاء بين الاثنين، في بكين، ولكن لا يبدو ان هذا الامر تم، فنتانياهو وصل الى بكين يوم الثلاثاء قادماً من شانغهاي، التي زارها يوم الاثنين، بينما ترك محمود عباس بكين يوم الثلاثاء، التي وصل اليها يوم الاحد.
وكان الموفدالصيني الخاص، وو سايك، زار اسرائيل وفلسطين في الاسبوع الماضي، للمرة العاشرة خلال الاربع سنوات الاخيرة. ولفت ان وو التقى خلال هذه المرة، وزيرة العدل الاسرائيلية تسيبي ليفني المكلفة شؤون المفاوضات مع الفلسطينيين. ولم يسبق للصين ان التزمت هكذا مبادرة، طوال العشرين سنة الماضية.
ولكن الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا شونينيغ، اكد ان بلاده «على استعداد لجمع الاثنين اذا ارادا ذلك. بينما قال الناطق باسم السفارة الاسرائيلية، في مدريد ليور حيات: «انه لمن الغباء القول ان الزعيمين يقطعان 12 ساعة طيران للاجتماع في بلد اجنبي، بينما لا تبعد القدس عن رام الله اكثر من عشر دقائق».
ورد ليور حيات، على اعلان بكين انها تدعم «انشاء دولة فلسطينية، ضمن حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية: «ان للصين طريقة مختلفة في النظر الى السياسة في الشرق الاوسط»، و«تختلف وجهات نظر البلدين بالنسبة الى بعض الامور».
وهذه هي المرة الاولى التي يزور فيها نتانياهو الصين، التي كان زارها ايهود اولمرت في سنة 2007.
الديبلوماسية الهادئة
ويلاحظ ان المبادرة الصينية، جاءت بعد الدورة الآسيوية التي قام بها جون كيري، وشملت بكين.
وفي اواخر اذار (مارس) الماضي زار باراك اوباما الضفة الغربية للمرة الاولى، داعياً الفريقين الى «التخلي عن الشروط المسبقة» للحوار.
ويبقى ان زيارة نتانياهو ومحمود عباس الى بكين تجربة للديبلوماسية الهادئة التي تنادي بها الصين، ومقياس للنفوذ الصيني في الشرق الاوسط مع العلم ان الصين، هي احد اكبر زبائن البترول الايراني، الذي يصطدم بحالة توتر عالية مع اسرائيل.
ويخفف ليور حيات، في جريدة «آ. ب. ث» الاسبانية، من وطأة هذا الوضع قائلاً: «ان الصين لا تدعم ايران ولكنها تستمر تشتري بترولها! مشيراً الى ان هذا الامر، هو احدى النواحي، التي لا تتوافق حولها اسرائيل مع الصين.