أبرز الأخبارعالم عربي

العراق برمته على حافة البركان… والمصير مجهول

العراق على حافة البركان، ذلك هو الاستنتاج الذي توصل اليه مراقبو مآل الامور في الساحة العراقية، في اعقاب احداث الحويجة في قضاء كركوك، التي فتحت الابواب واسعة على احتمالات الانفجار والتدهور والفلتان، اثر اطلاق قوات الامن العراقية النار على معتصمين في ساحة هذه المسيرة، وقتلت 50 منهم وجرحت 210 اخرين.

بالطبع الحادث كان كبيراً بدلالاته وبردود الفعل، ومعه انفتح باب التساؤلات حول مستقبل الوضع في العراق، وهل هو مقبل على العودة مجدداً الى اجواء ومناخات الحرب الاهلية؟ والسؤال الاخر المطروح: هل الامور ستعود الى طبيعتها ام ان الفلتان والمواجهات العسكرية ستكون من الان فصاعداً هي سيدة الموقف؟
قوات الامن العراقية اطلقت نيران اسلحتها على المتظاهرين والمعتصمين في ساحة الحويجة. الفعل كان مستغرباً، فهو امعان من حكومة المالكي في التحدي وايذان باللجوء الى خيار اخذ الامور والاوضاع الى المستوى الذي حذر منه الكثيرون وخشي منه الكثيرون ايضاً وهو مستوى المواجهة.
اما رد الفعل من جانب المعارضين، فكان ايضاً اللجوء الى خيار قبول التحدي وبالتالي الشروع في مواجهات عسكرية مع قوى السلطة، ذهبت الى حد «تحرير» مدن ونواح بكاملها من اي سيطرة رسمية امنية او سياسية وانتشار السلاح والمسلحين في الشوارع والاغارة على مراكز ودوريات القوى الامنية وقتل عناصرها.

قرع طبول المواجهة
انها اذاً طبول المواجهة قرعتها السلطة العراقية اولاً، فقبلت شرائح واسعة من محافظات الوسط التحدي وردت على قرع الطبول بمثلها، ومعها بات السؤال الكبير: ماذا بعد والى اي درك تقاد الاوضاع في بلاد الرافدين؟ واستطراداً هل ما زال ثمة فرصة للمعالجة وكبح جماح اندفاعة الجميع الى اختبار المواجهة برغبة واعية او غير واعية، لا سيما ان الامم المتحدة رفعت صوتها عالياً بالتحذير من خطورة ما يجري، في حين ان جامعة الدول العربية ما لبثت ان اعربت عن مخاوفها مما يحصل، وافصحت عن رغبتها في ايفاد ممثلين لمعاينة الامور عن كثب، وهو ما رفضته حكومة بغداد معتبرة ان «لا حاجة لمثل ذلك، فالاوضاع ما برحت تحت السيطرة، وما يجري هو شأن عراقي داخلي»؟
ليست المرة الاولى التي تسجل فيها مواجهات بين المعتصمين المعارضين والقوى الامنية العراقية، فهي حصلت مرتين في السابق، سقط في الاولى سبع ضحايا، وفي الثانية ضحية واحدة واستطاعت الحكومة استيعاب تداعيات الحدثين في حينه، وتمكن قادة الاعتصام والتظاهرات من امتصاص النتائج والعودة الى مربع التهدئة والتعبير السلمي.
ولكن الامور هذه المرة اوشكت على الخروج عن نطاق السيطرة، والساحات باتت عبارة عن مسارح وميادين مهيأة للمواجهة ولساعة الصفر، لا سيما ان شعارات جديدة ارتفعت مثل شعار المطالبة باقليم سني.
عندما نزل المعتصمون المعارضون لحكومة المالكي الى الشوارع والساحات مع بداية السنة الجارية رافعين شعارات جوهرها المطالبة بإنهاء زمن التهميش والمظلومية والحيف اللاحق بشريحة وازنة من الشعب العراقي، في محافظات ثلاث يغلب على قاطنيها لون مذهبي واحد، كان السؤال المطروح بإلحاح يومذاك: كيف سيرد المالكي وهل سيكون على قدر من الحكمة والدراية لاستيعاب اثار هذه «الصدمة» الجديدة، ام سيمعن في سلوك دروب التحدي؟
وفي المقابل، كان السؤال ايضاً مطروحاً عن اي «اجندة» لهؤلاء النازلين لتوهم الى ساحات الاعتصام، واستتباعاً الى طور جديد بمواصفات مختلفة من اطوار احتدام المواجهة مع الحكومة العراقية التي يعدونها ظالمة وقاهرة؟
وهل فعلاً يضمرون المقاصد والاهداف عينها التي يفصحون عنها في شعاراتهم ومطالبهم الداعية في جوهرها الى انهاء عهد اختلال التوازن في الحكم بين مكونات المجتمع العراقي الطائفي والعرقي والمذهبي، واعادة الاعتبار الى شريحة لا يستهان بها اقصتها عن ساحة الفعل والمشاركة، وحرمتها من حقوق بمفعول رجعي من قوانين اجتثاث البعث والتي كانت من اول القوانين التي صدرت في بدايات عهد الاحتلال الاميركي، والتي جملت وحسنت بما سمي لاحقاً قوانين «المساءلة والعدالة»!؟
وبالتالي هل ثمة تطابق بين المعلن عنه من المعارضين بالصوت العالي الهادر الذي يصدح في ساحات الاعتصام ليل نهار، ومطالب ومقاصد اخرى مضمرة، منها الذهاب الى اطالة زمن المواجهة، وبالتالي ارباك الحكومة العراقية ومحاصرتها توطئة لاهداف اخرى، حتى لو ان هذه الحكومة استجابت للمطالب المرفوعة ونزلت عند تطلعات المعتصمين؟

ابعاد الحراك الاعتراضي
بالطبع ثمة من ذهب في رحلة تقص وبحث عن ابعاد هذا الحراك الاعتراضي المستجد اصلاً على خلفية قضية محدودة، هي قضية اعتقال جهاز الحماية المرافقة لوزير المال العيساوي بتهمة الاشتراك في عمليات ذات طابع ارهابي، وهل له علاقة وارتباط مع الاحداث التي تعصف منذ اكثر من سنتين في الساحة السورية؟ واستطراداً هل هو صدى للصراعات المفتوحة على مصراعيها في هذا البلد المتاخم والمتداخل بالجغرافيا والديموغرافيا والتاريخ مع العراق، ام انه حدث منفصل يتصل بسياق مسار الامور في العراق منذ الانتخابات العامة الاخيرة قبل نحو ثلاثة اعوام، مروراً بمسألة تركت تداعياتها وبصماتها السلبية على المشهد السياسي العراقي، هي مسألة الحكم بالاعدام على نائب الرئيس العراقي وابرز القيادات العراقية السنية الواعدة طارق الهاشمي، مما اضطره الى مغادرة البلاد والعيش متنقلاً بين الدوحة والرياض وانقرة، وصولاً الى مسألة الشروع بعملية «محاصرة» وزير المال العيساوي تحضيراً لدفعه نحو السجن او الهجرة القسرية بحثاً عن ملاذ امن، بغية اقصائه عن ساح الفعل السياسي؟
ومهما يكن الامر، فالواضح ان للحراك المعارض لحكومة المالكي الذي «انفجر» في خاتمة المطاف اعتصامات دائمة ودعوات الى العصيان والتمرد على السلطة والخروج على النظام العام، جذوره ودوافعه ودواعيه السياسية والاجتماعية.
فالاعتراضات الحادة على اداء المالكي بالتحديد بدأت منذ اكثر من عام بحراك سياسي قادته ثلاث كتل نيابية وسياسية وازنة في البلاد، وتجسد صفات الحضور الوطني وهي: «القائمة العراقية» بزعامة اياد علاوي، و«الائتلاف الكردستاني» بزعامة مسعود البرزاني، و«التيار الصدري» بقيادة مقتدى الصدر، واوشك حراك هذه القوى ان يحقق هدفه الرئيس المعلن المتمثل في سحب الثقة من المالكي والدعوة الى استبداله بشخصية اخرى ينتقيها الائتلاف الوطني العراقي الذي يشكل الحاضنة السياسية للمالكي.
لكن المالكي الذي نجح في استيعاب حراك المعارضين سياسياً وسد الطرق والابواب امام هدفهم الرئيس بفعل دعم داخلي وخارجي، وجد نفسه امام تحدي معارضة من نوع اخر، هو تحدي اعتصام الميادين والساحات، اذ ان مئات الآلاف من العراقيين نزلوا الى الشارع رافعين مطالبهم، وقد اخفقت امام حراكهم كل المحاولات التي بذلها المالكي لاستيعاب هذا الحراك وتدجينه، اذ صمد المتحركون امام «اغراءات» رئيس الوزراء العراقي وامام تهديداته على حد سواء.
وسعى المالكي الى شق البيئة الحاضنة لحراك المعترضين والمعتصمين عبر التواصل مع جهات وعشائر وشيوخ وقوى تعيش في البيئة الجغرافية والديموغرافية للمتحركين، ثم سعى ايضاً الى ارضاء المعتصمين عبر تشكيل لجنة مهمتها التواصل معهم والوقوف على مطالبهم، وفعلاً اقر العديد من المطالب المرفوعة من جانبهم، وفي مقدمها اطلاق مئات المعتقلين والمعتقلات.

محاولة استغلال التناقضات
ثم سعى ايضاً الى الاستفادة من التناقضات القائمة بين المعتصمين انفسهم والجهات السياسية التي يفترض انها متجانسة معهم سياسياً ودينياً والمتمثلة في ائتلاف «القائمة العراقية»، فكان ان مد خطوط التعاون مع احد اقطاب هذه القائمة وهو نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك، الذي احدث انشقاقاً فعلياً في القائمة وخرج منها مع اخرين، ووفر له سبل الدعم ليكون هو الواجهة السياسية لسُنة العراق.
واعرب المالكي اكثر من مرة عن استعداده لاستقبال وفود من المعتصمين، فكان ذلك سبباً اساسياً في ظهور تصدعات وتباينات في داخل «جبهة» المعتصمين و«معسكر» المعترضين، لكن كل هذه المحاولات والمساعي الحثيثة التي بذلها المالكي على مدى نحو اربعة اشهر لم تفلح في انهاء الاعتصام وانفراط عقد المعتصمين وعودتهم الى منازلهم واعمالهم.
وهكذا يبدو من خلال سياق الاحداث المتتابعة ان المالكي لجأ الى «آخر الدواء» وهو المواجهة الامنية المباشرة مع المعتصمين مع الاستعداد المسبق للتعامل مع التداعيات والنتائج الناجمة عن هذه المواجهة، فكانت «واقعة» الحويجة اولاً التي اعتبرت فاتحة لابواب المفاجآت والاحتمالات السلبية.
هل اخطأ المعتصمون بإصرارهم على عدم التجاوب مع دعوات المالكي ومحاولاته وجهوده لارضائهم، وقرروا المضي قدماً في خيار التحدي بصرف النظر عن الاثمان، وبغض الطرف عن النتائج والتداعيات، ام انهم منذ البداية شاءوا ان تبلغ الامور هذه الدرجة القصوى من الاخطار المفتوحة على كل الاحتمالات السلبية المروعة؟
واستتباعاً، هل ان المالكي شرع في اللجوء الى خيار المواجهة فأخطأ التقدير والحساب فوجد الجواب الموجع من قبل المعتصمين المعارضين المتحضرين لهذه الساعة؟ ام انه وجد الساعة المناسبة لتوجيه الضربة القاضية لخصومه المحتشدين، بعدما فعل كل ما يمكن ان يفعله لاضعاف تحركهم ومحاصرتهم في اضيق المواقع والساحات وعزلهم قدر الامكان؟
وبالتالي هل خرجت الامور عن نطاق السيطرة، وباتت من الصعوبة بمكان اعادة عجلة الاوضاع الى مرحلة الحل والتسوية السياسية، فصار العراق فعلاً على شفا الوقوع في البركان؟
الاجابة على هذه التساؤلات التي تطغى على ما عداها تحتاج الى المزيد من الوقت ليتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود، او بمعنى اخر ليتضح مسار الامور. لقد نجح المعتصمون في ردة فعلهم الاولى على مجزرة الحويجة وعلى تحدي المالكي ان يطلقوا نفير المواجهة، وان يحولوا مناطقهم الى ساحة حرب ومواجهة حقيقية مع القوى الامنية للسلطة، ومعه علا صوت التطرف والتشدد.
نجح المعتصمون على سبيل المثال، في السيطرة على مدينة وناحيتها هي مدينة سليمان بك، كما نجحوا في السيطرة على شوارع ومدن وبلدات اخرى، وقلصوا من مظاهر حضور السلطة التي اضطرت الى ان تحشد قواها.
ومع ذلك المناخ المحتقن، شهد العراق المزيد من التفجيرات وعمليات القتل في اماكن حساسة، واستطراداً في اماكن لم تكن التفجيرات تطاولها سابقاً في بعض المناطق. وارتفعت اصوات تدعو العشائر الى ارسال مقاتليها ليكونوا جيشاً يواجه السلطة. وتحدثت المعلومات عن انشقاقات في وحدات الجيش العراقي وانضمام العناصر المنشقة الى المسلحين.

مناخات مواجهة
انها مناخات مواجهة فعلية خيمت لايام عدة على العراق، لكن اتضح لاحقاً ان ثمة انقساماً حقيقياً في بيئة هؤلاء ترفض فعلاً الانزلاق الى مرحلة التمرد على السلطة والانشقاق عن الحكومة المركزية، اذ ان شيوخ ووجهاء وعشائر نجحوا في اقناع المسلحين بإخلاء المناطق التي احتلوها، وذهبوا ايضاً الى حد البحث عن مسلحين قتلوا عناصر من الجيش لتسليمهم الى السلطة.
وفي الوقت عينه، اعلنت عشائر الانبار التي تقود التظاهرات والاعتصامات منذ اكثر من اربعة اشهر، رفضها للدعوات التي اطلقت لتشكيل اقليم سني.
واكثر من ذلك، فإن قادة في مجالس الصحوة، هددوا بالعودة الى ممارسة المواجهات التي قادوها في اعوام سابقة في تنظيم «القاعدة» الذي كان قد بسط سيطرته على مناطق عدة في وسط العراق، وذلك في اشارة منهم الى معارضة الذهاب الى حال من الفوضى والفلتان وسيطرة المتمردين على السلطة وعلى مقاليد الامور.
وبمعنى اخر، ظهرت تناقضات حقيقية وتجاذبات جدية في بيئة المعتصمين حيال استمرار التمرد على السلطة ومواجهة رجالاتها.
وعلى المستوى السياسي ايضاً، بدا واضحاً ان «القائمة العراقية» التي رفعت مجدداً شعار الدعوة الى استقالة المالكي كمقدمة لازمة للحل والتسوية، رفض رئيسها علاوي استقالة صالح المطلك ومقاطعة العملية السياسية، بعدما عينه المالكي ممثلاً للحكومة للتعامل مع مطالب المعترضين.
وعلى رغم ان التحالف الكردستاني استغل تفاقم الاحداث وتطورها الدراماتيكي ونشر قوات البشمركة بشكل مفاجىء في محيط كركوك التي يسعى منذ زمن لاستعادتها الى اقليمه شبه المستقل تحت حجة ملء الفراغ الحاصل، لا يبدو انه في وارد الذهاب بعيداً في معاداته للمالكي وللحكومة العراقية، لان رئيس وزراء اقليم كردستان البرزاني سرعان ما زار بغداد وعقد تفاهمات امنية مع المسؤولين المعنيين فيها.
وبناء على كل هذه المعطيات، ثمة فرصة ما زالت سانحة لتهدئة الاوضاع ولتبريد الاجواء وتبديد الاحتقان الذي بلغ ذروته القصوى خلال الايام القليلة الماضية.
وثمة سبب جوهري اخر ربما يساهم في اخذ الامور نحو دائرة التهدئة، وهو ان المالكي ابدى منذ احداث الحويجة في كركوك، استعداداً اكيداً لعدم التهاون وعدم التراجع تجاه ما حصل، وهو منذ البداية حذر الجميع من اثار الفتنة التي بدأت تطل برأسها، وابلغ من يعنيهم الامر بشكل واضح انه ماض قدماً وحتى النهاية في «خيارات ضبط الاوضاع بالقوة التي اتخذها»، وقد اعطى رسالة واضحة وعملية لذلك في الميدان والساحات.

غياب المبادرات
ويبقى ان الامور باتت مرهونة بالطرف المعارض، فهل سيمضي قدماً في دفع الامور نحو الاحتمالات السلبية حتى لو كانت تحضير الارض والاجواء والنفوس لجعل الانبار ملاذاً آمناً لاهل السنة تحميه جيوش العشائر اي الذهاب الى الخيارات السلبية الاقصى، رداً على سلبية المالكي وتسلطه، ام ان هذا الطرف ما زال يبدي حرصاً على فتح ابواب الحلول والتسويات؟
وفي المقابل، فإن السؤال موجود ايضاً عند المالكي، وماذا يضمر لمعالجة الوضع ام انه قد وضع نصب عينيه فقط موضوع «الثأر» من معارضيه وتوجيه الضربة القاضية لهم كهدف واحد اوحد؟
حتى الان ورغم مرور بضعة ايام على احداث الحويجة، ما زالت الساحة العراقية تفتقد لمبادرات جدية توحي بأن طرفي النزاع جاهزان للذهاب الى خيار البحث عن حلول وتفاهمات تحول دون الذهاب نحو المزيد من جولات العنف والمواجهات، فالمبادرة التي طرحها ديوان الوقف السني والشيعي سرعان ما انهارت وبقيت قاصرة.
وعليه، ثمة من يرى امرين لا ثالث لهما، الاول ان حكومة المالكي ما زالت تقبض على زمام المبادرة وبالتالي فهي بدأت امراً لتنهيه على طريقتها الخاصة، ووفق حساباتها هي.
والثاني ان المعارضين المعتصمين قد وجدوا فرصتهم لتقويض حكومة المالكي والتأثير على كل التركيبة السياسية التي نشأت بعد سقوط نظام صدام حسين، بناء على ما يجري في الاقليم عموماً.
ورغم تسارع الاحداث واحتدام الصراع، فإنه كان ثمة فرصة لرئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي (وهو احد القادة المحسوبين على القائمة العراقية) ان يقدم مبادرة جديدة للخروج من الازمة فحواها اجراء انتخابات مبكرة برعاية حكومة مصغرة جديدة تشرف عليها ولا تشارك فيها، وذلك بعد حل البرلمان الحالي واقالة حكومة المالكي.
ولقد سارع المالكي الى القبول بالجزء الاول من المبادرة وهي حل البرلمان الحالي واجراء انتخابات مبكرة، لكنه اشترط ان تكون هذه الانتخابات بإشراف حكومته هو وليس برعاية حكومة جديدة.
ولا بد من الاشارة الى ان المالكي نفسه سبق واقترح على معارضيه الذهاب الى انتخابات مبكرة، لكنهم لم يتجاوبوا معه.
وثمة من يرى ان «حماسة» المعارضين للمالكي للذهاب الى صناديق الاقتراع قبل الموعد المقرر لذلك (بعد نحو عام ونصف العام) ناتج عن قناعتهم بأن النتائج ستتغير عن الانتخابات الاخيرة وانها ستفرز نتائج ومعطيات جديدة لن تسمح للمالكي او لفريقه السياسي باكتساح الساحة الشيعية وفرض حكومة غالبية.

ابرهيم بيرم

 


جيش الطريقة النقشبندية
برز اسم «جيش الطريقة النقشبندية» في الاحداث الاخيرة المتفاقمة في كركوك والانبار، باعتباره رأس الحربة في المواجهة المسلحة للجيش النظامي في العراق، وفي الدفاع عن اماكن الاعتصام والتظاهرات، فيما اعلن انه هو الذي كان له قصب السبق في السيطرة التامة على مدينة سلمان بك قرب كركوك لنحو ثلاثة ايام، قبل ان تعود القوات الامنية العراقية وتدخلها مجدداً.
الجيش ينتسب بالاسم الى طريقة صوفية قديمة جداً منتشرة في انحاء من العراق ودول عربية واسلامية اخرى، لكنه عملياً يعتبر الذراع العسكرية لفلول «حزب البعث» المنحل وفصائل اخرى ما برحت عصية على النظام العراقي الحالي. ويعتبر نائب الرئيس العراقي الاسبق عزت الدوري هو القائد الفعلي لهذا الجيش الذي تقول المعلومات ان عديده يتراوح بين الف و5 آلاف مقاتل معظمهم من ضباط وعناصر في جيش النظام العراقي البائد، لذا يعتبر على قدر معين من التنظيم والقدرة القتالية، ويستندون الى عقيدة سياسية وقتالية.
اسم هذا الجيش برز عملياً منذ عام 2006، كإحدى ابرز القوى والفصائل المسلحة التي قاتلت القوات الاميركية والقوات العراقية الحالية.
ومجدداً برز اسم «جيش الطريقة النقشبندية» ابان نزول معارضي حكومة نوري المالكي الى ساحات الاعتصام، كأحد «حماة» هذه الاعتصامات والتظاهرات وأحد الذين حرضوا على البقاء في ميادين الاعتصام، وتصعيد الحراك المعارض لحكومة بغداد وصاحب الدعوة الى مواجهتها.
لذا لم يكن مستغرباً ان تعتبر حكومة بغداد هذا الجيش كإحدى القوى المتهمة بالتحريض والعصيان المسلح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق