دولياترئيسي

طهران: عشرون مرشحاً للرئاسة ينتظرون كلمة مجلس صيانة الدستور

مع ان الصراع بين الاصلاحيين والمحافظين في ايران لم ينقطع، ولم يتوقف للحظة، الا انه كان يصطدم بـ «حاجز صد» متين، قوامه مجموعة من المؤسسات الدستورية، وبعض الشخصيات المتنفذة وعلى رأس الهرم فيها المرجعية العليا «المرشد الاعلى للثورة الايرانية» علي خامنئي، الذي يمسك بيده كامل الصلاحيات، بما في ذلك صلاحيات «الفقيه» الذي يملك الولاية الدينية اضافة الى الشؤون السياسية.

يعود الصراع مجدداً بين التيارين الاصلاحي والمحافظ، ولكن من بوابة الانتخابات الرئاسية التي ستجري خلال شهر حزيران (يونيو) المقبل، وهي الانتخابات التي لن يتمكن الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد من خوضها بسبب استنفاد حقه في الترشح. والمحدد دستورياً بمرتين.
وما بين المرتين الاولى والثانية، بدا واضحاً ان الصراع تجذر بعض الشيء. وتحول في اخر انتخابات الى فوضى عمت الشارع، وردها النظام الى «اطراف خارجية» وبالتالي الى مؤامرات تستهدف النظام الحاكم، حيث جندت الدولة كل امكاناتها لمواجهة ما اعتبرته «الخطر الداهم» الذي يتهدد الدولة ككل.
والاخطر من ذلك كله – من وجهة النظر الايرانية الرسمية – ان الخلافات امتدت الى داخل البيت المحافظ نفسه، واقتربت من خط نجاد – خامنئي، ومن خلال رفض بعض التعيينات والتنسيبات، الامر الذي شكل دعماً غير مباشر للاصلاحيين، الذين حاولوا العودة الى نشاطهم بعد فترة من السجن والاعتقال والاقامة الجبرية.
ويبدو ان خامنئي تنبه الى بعض الثغرات التي حدثت في الموسم الرئاسي السابق، سواء خلال الانتخابات او في الفترة التي اعقبتها، فبادر مبكراً الى اصدار توجيهاته بخصوص الممارسات المتاحة اثناء الحملات الانتخابية.
وبقدر ما هي ممارسات من شأنها ان تنظم الحملات الانتخابية، كشفت رسالة خامنئي عن تأكيدات جديدة بانه لا يزال يمسك بقبضته جميع الامور. وانه ما زال يشكل المرجعية في جميع شؤون الدولة.

رسالة خامنئي
فقد أقحم خامنئي نفسه في معمعة الانتخابات الرئاسية المقبلة، من خلال دعوة المرشحين إلى تجنب المطب، الذي عادة ما يقع فيه الطامحون الى الزعامة في أنحاء العالم، وهو تقديم وعود لا يستطيعون تنفيذها. وأطلق خامنئي، صاحب الكلمة العليا في شؤون إيران، دعوته هذه برسالة انتخابية خاصة على موقعه الشخصي، لا تترك مجالاً للشك في أنه الحاكم الناهي في العملية الانتخابية.
وتضمنت الرسالة قائمة من التوجيهات تحدد للمرشح ما يتعيّن الالتزام به، وما يتعيّن الابتعاد عنه، خلال الحملة الانتخابية، متوقعاً من المتنافسين أن يتقيّدوا بها خلال الحملة الانتخابية، حتى يوم الاقتراع في 14 حزيران (يونيو) المقبل.
ويغمز خامنئي من طرف الرئيس نجاد تلميحاً، حينما يشير الى تعهّد الرئيس محمود أحمدي نجاد بوضع ثروة إيران النفطية على مائدة الإيرانيين قبل أن يفوز بولايته الأولى في العام 2005. غير أن رئاسته تميزت بارتفاع معدلات التضخم وهبوط مستوى المعيشة.
ويحرص خامنئي في رسالته التي تفيض بالمضامين السياسية على عدم تكرار حالة الغليان، التي أعقبت فوز أحمدي نجاد بولاية ثانية، في انتخابات مطعون بنزاهتها في العام 2009، عندما نزل ملايين المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجاً على تزوير الانتخابات. وادّعى قادة إيران أن الاحتجاجات حينها مؤامرة مدعومة من الغرب.
الى ذلك، تشير التقارير الى ان الحياة دبت في عروق السياسة الداخلية بالجمهورية الاسلامية، مع تقدم نحو عشرين شخصية إصلاحية ومحافظة بترشيحاتهم الى منصب الرئيس خلفاً لأحمدي نجاد، وانتظارها نيل موافقة مجلس صيانة الدستور لتستمر في السباق الرئاسي أو تعيد حساباتها ثانية. وكان آخر هؤلاء المرشحين حسن روحاني، المفاوض الإيراني السابق في الملف النووي وأمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي، والذي يصنف بانه من تيار المحافظين المعتدلين. وانه مفاوض قوي استطاع قيادة المفاوضات مع الغرب وتجميد برنامج طهران لتخصيب اليورانيوم، قبل ان يستقيل بناء على ضغوطات من الرئيس نجاد.
وأعلنت شخصيات إصلاحية مشاركتها في التنافس الرئاسي، مثل مصطفى كواكبيان، والشيخ حسن روحاني، امين عام حزب الديمقراطية الشعبية، ومحمد رضا عارف نائب الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي ورئيس جامعة طهران، والشيخ علي فلاحيان، وحسن سبحاني، وهو استاذ في الاقتصاد. كما تقدمت أسماء أخرى كثيرة، حيث رشح نجاد صديقه «أسفنديار رحيم مشائي»، لكن المراقبين يحصرون حظوظ الترشح الفعلي للسباق الرئاسي الإيراني بأربعة، هم الأوفر حظاً في خلافة نجاد، وحمل تركته الثقيلة، خصوصاً أن ملالي طهران يزدرون مشائي.

ابرز المرشحين
يعتبر محمد باقر قاليباف، رئيس بلدية طهران الحالي والقائد السابق في الحرس الثوري الإيراني والمسؤول السابق عن قوى الأمن الداخلي، هو أبرز هؤلاء الأربعة. فالرجل ازداد نشاطاً في الآونة الأخيرة، وشرع في تنفيذ المشاريع الإنمائية في طهران، ساعياً بجد إلى توسيع دائرة نفوذه الاقتصادي والاجتماعي، من أجل تعزيز موقعه الانتخابي في العاصمة. وقاليباف من المحافظين المعتدلين، حيث كشفت مصادر أن السلطات الإيرانية منعته من السفر إلى الولايات المتحدة، لحضور حفلة تكريمه هناك، بعد تطويره شبكة الاتصالات في طهران.
اما الثاني فهو غلام علي حداد عادل، رئيس مجلس الشورى السابق الذي خلفه علي لاريجاني. وثمة من يهمس في أروقة صنع القرار في طهران بأن خسارة حداد عادل لرئاسة الشورى كانت مقدمة فعلية لوصوله إلى سدة الرئاسة. غير أن هناك من يستبعد فوزه برئاسة الجمهورية بعد عجزه عن الاحتفاظ برئاسة الشورى. والثالث الذي يعتقد انه الأوفر حظاً للرئاسة هو رئيس مجلس الشورى الحالي علي لاريجاني، الذي أزيح عن رئاسة مجلس الأمن القومي الإيراني بسبب خلاف مع نجاد على المفاوضات مع الغرب في الملف النووي. وتدعم الحوزات العلمية لاريجاني، ما يعزز موقعه. أما الرابع فهو سعيد جليلي، أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني، الهادىء والمتواضع والمقبول من جميع الأطراف، لنأيه بنفسه عن الصراعات السياسية الداخلية في إيران. ويحبه الإيرانيون ويضربونه مثالاً لأنّه يقود سيارة إيرانية الصنع، فيرون فيه خير ممثل لهم. لكنهم ينتظرون جميعاً قرار مجلس صيانة الدستور، في مهلة أقصاها 22 أيار (مايو) المقبل، ليستطيعوا المضي قدماً في السباق الرئاسي، أو العودة بخفي حنين إلى مراقبة ما ستؤول إليه الأوضاع في دولة لها مقامها الاقليمي والدولي.

طهران – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق