ممتلكات بن علي بالمزاد العلني… ولا من يريدها

السجادة العجمية المصنوعة من خيوط الحرير: بيعت. زمردات ليلى طرابلسي: كسدت. العصي ذات الرمانات الفضية: بيعت. الضباع البرونزية: لم يشترها احد، جردة الحسابات في كازينو تونس القديم، بعد 4 اشهر من البيع بالمزاد العلني، دلت على ان القسم الاكبر من كنوز الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، لم يجد من يشتريه. فالاثرياء، في ايامنا، لا يبكون ولكنهم يشتكون، ولا يصرخون وهم بعض الروس، وعدد قليل من الخليجيين، ولا اوروبي ولا اميركي واحداً.
سيارات الديكتاتور السابق طرحت في المزاد، اربعون منها، قيمتها الاجمالية 150 مليون يورو، ولم يتمكنوا من بيع اكثر من نصفها. سيارة اللمبورغيني البيضاء، انتظرت حتى الاسبوع الماضي،، لتجد من يشتريها، بعرض مغفل، ولم يشأ مدير المزاد ان يكشف عن اسم الشخص، الذي اشتراها ولا المبلغ الذي دفعه، ولكنه اعتبره مقبولاً. واكتفى بالقول، ان السيارة انتهت في احدى دول الخليج، ولكنه اشتكى من ان السيارة كانت تحمل اثار ضربة، ربما من اثار الثورة.
اما «جوهرة المجموعة» فلم تجد من يشتريها، وهي كناية عن سيارة ضخمة، من فئة «مايباخ مرسيدس»، الفائقة التصفيح، لا يوجد منها اكثر من خمسة نماذج في العالم، لدى الرئيس الفرنسي السابق، ساركوزي واحدة منها، هدية من الصديق معمر القذافي، وهي مجهزة في الداخل، بصالون من الجلد وعظام السلاحف، وطاولة وبار وما يلزم من كبايات البلور، ثمن الواحدة منها، يقدر بمليون يورو. ولكنها لم تجد اي راغب في شرائها، «مما يعني انها ستنتهي في احد المتاحف التونسية، فتصبح رمزاً لتلك السنوات من تاريخنا».
حديث يتيم
وفي الانتظار، يستمر الغبار يغطي كنوز بن علي، في بناء تابع لاحد الفنادق الضخمة الفارغة، على الكورنيش الذي يربط تونس، باحيائها الغنية، صالوناتها على طراز لاس فيغاس، المزينة بالرموز البيروغليفية، وبالخطوط المصرية.
وفي الحديث الصحافي الوحيد الذي ادلى به بعد خروجه اشتكى بن علي: «رموني في طائرة من دون ان يتركوا لي الوقت الكافي، لاجد نظاراتي وادويتي»، فانتهت نظاراته الذهبية، صنع كريستيان ديور، في مجموعة اغراضه الثالثة المطروحة بالمزاد العلني، بثمن اولي: 800 يورو. اما الادوية، فانها ليست بين المجموعة، شأت لوحات بيكاسو الثمينة ومليارات اليورو الخمسة، التي حملها مع زوجته، بينما ما يزال مطروحاً للبيع، بعض ما بقي، مثل العطور التي كان يستعملها بعد الحلاقة، ماركة اتزارو، وعطور «نوجور فيديل» من فراغونار، وعطور شانيل. اضافة الى اجهزة تسجيل الفيديو والكومبيوتر، التي لم تخرج من حاوياتها، والبرادات العملاقة، ماركة ل. ج الذهبية اللون، (ثمنها في السوق 3000 يورو)، وآلاف المناشف والشراشف من اللينو، المطرزة باليد (مجموعة 12 قطعة مطروحة للبيع بتسعين يورو).
ولا يكفي التونسي، ان يعيش مرتين، ليتمكن من شراء عقد من الماس، او العقيق، وبعض الخواتم التي كانت تزين عنق ليلى طرابلسي واصابعها. وكذلك سيارات البورش والبنتلي، وساعات بريغيه المرصعة بالماس وساعات باتيك فيليب، من السلسلة الممتازة التي تساوي الواحدة منها، مئة الف يورو وما فوق.
ولكن هناك ماضٍ، لن يمضي لمدة طويلة من الزمن، وكذلك الاشياء الاقل ثمناً مما سبق، مثل سيارة سمارت، الرمادية التي كان بن علي يستعملها في تنقلاته ضمن حدائق القصور، ومجموعة حيوانات القصر الجمهوري وطيوره النادرة.
ربطات عنق تقدمة برلوسكوني باسعار مخفضة
ملابس الامبراطور وخصوصاً الامبراطورة كانت مطروحة كذلك للبيع، مع تخفيضات تصل الى 30 في المئة. واحذية موكاسان، من صنع سرجيو روسي، ومعاطف الفيزون، واطنان من الجزادين والاحزمة ماركة لوي فيتون، وروبرتو كافاليوفالنتينو، وغوتشي ومجموعة من الاحذية، من شأنها ان تجعل لون وجه ايميلدا ماركوس، الفيليبينية يزداد اصفراراً وحياء، لو بقيت حية. وفي مزاد القصور الرئاسية، زوج احذية كرة المضرب، ماركة «لو كوك سبورتيف»، ولا يعرف اذا كانت مستعملة ام لا، اضافة الى دزينة من ربطات العنق الرئاسية من الحرير الخالص، تحمل توقيع رئيس الوزراء الايطالي السابق اللعوب سيلفيو برلوسكوني، منسوجاً، فاشترى احد الصحافيين الطليان، واحدة منها بستة وثلاثين يورو. ويتذكر العارفون، زيارات خاصة جداً،كان يقوم بها برلوسكوني الى قصر قرطاجة، تقول التقارير التي كشفت عنها، ويكيليكس، ان احداً لم يكن على علم بها، حتى وزيرا خارجية البلدين.
شروط البيع في غاية الصرامة، تبدأ بشراء بطاقة مشاركة من وزارة المالية ثمنها 15 يورو، ثم يطرح الراغب في الشراء، عرضاً سرياً بالثمن، بالنسبة الى الاشياء الثمينة، فتتولى لجنة خاصة تقديره انطلاقاً من السعر الادنى، الذي جرى تقديره. ولكن مصادر الحكومة التونسية تعتبر ان الامور جرت ببطء، لانه كان من المفروض ان تنتهي العملية، منذ شهرين، لكن تقرر تمديدها، الى منتصف شهر نيسان (ابريل) الحالي «وسيصار عندئذٍ الى اعادة ما تبقى الى المستودعات الحكومية، وقد لا يكون الامر كذلك، لان مالية الدولة تبكي ولان قيادة حزب النهضة الحاكم، تود ان تطيل امد عملية البيع. خصوصاً، وان الكنز الحقيقي ليس هنا، فتونس تلاحق حسابات آل بن علي السرية في الفراديس الضرائبية، وتفتش عن مكان ايداعهم الذهب والمال في الخارج. فالدوائر المختصة، في انتظار، ان تتسلم من السلطات الايطالية، مثلاً يخت بن علي السياحي الخاص، الذي يبلغ طوله 14 متراً، وكانت صادرته قبل سنتين في مرفأ لامبيدوزا وسيطرح هذا اليخت في المزاد، وان لم يجد من يشتريه، سيحولونه الى وحدة حرس الشواطىء لحماية بحر تونس الجديدة.
ج. ص