السعودية تتحضر لزيادة انتاجها النفطي صيفاً
تدل كل الوقائع والتوقعات على ان الطلب على النفط سيزداد في الاشهر القليلة المقبلة، لا سيما من اكبر مستهلكين اثنين للذهب الاسود، فضلاً عن زيادة الطلب في الداخل.
اكد المهندس علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية السعودي انه من المرجح ان يزيد الطلب الخارجي على الخام السعودي في الاشهر القليلة المقبلة. لكنه اضاف، على هامش اجتماع عقد في الدوحة ان حجم الزيادة في الطلب لم يتضح بعد.
عاملان رئيسيان
وبحسب خبراء في شؤون النفط، فان انتاج السعودية من النفط يزيد في فترة الصيف لعاملين اساسيين اولهما الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده الاقتصادات الآسيوية، ولا سيما الاقتصادين الصيني والهندي، وتحول هذه الاقتصادات من الخام الايراني الذي فقد كثيراً من اسواقه وعملائه بسبب الحظر الاميركي – الاوروبي عليه، وثانيهما نمو الاستهلاك المحلي لانتاج الكهرباء مع دخول فصل الصيف الشديد الحرارة.
وتشير الدراسات الى ان 50٪ من انتاج السعودية من الكهرباء يذهب لتشغيل اجهزة التكييف التي يعتمد عليها السعوديون بشكل كبير في فصل الصيف الطويل نسبياً، غير ان النمو السنوي في الطلب على الكهرباء محلياً مرتفع.
ويقول احد خبراء النفط ان هناك مؤشرات عدة تدفع لزيادة الطلب على الخام السعودي بشكل واسع، من ابرزها توقعات معدل النمو في الاقتصاد الصيني الى نحو 8٪، كذلك انتعاش الاقتصاد الاميركي، الذي يسقط مقولة انخفاض واردات الولايات المتحدة من النفط السعودي.
ويؤكد الخبير نفسه ان توقعات وزير البترول والثروة المعدنية في محلها لأنها مبنية على معدلات النمو الاقتصادي الذي بدأت مؤشراته تزيد في الاقتصاد الاميركي، ومعدلات نمو مرتفعة في الاقتصاد الصيني، بالاضافة الى نوع من التعافي في الاقتصادات الاوروبية.
ومع استمرار مشكلات ديون اوروبا، وزيادة اعتماد الولايات المتحدة على انتاجها النفطي يصبح الطلب الصيني هو المحرك الرئيسي لصادرات الخام السعودية. وتظهر نتائج اكثر من مسح ان المصانع الصينية انتعشت في اذار (مارس) المنصرم، ما ينبىء بتحسن اقتصادي قوي يكفي لاجتياز مخاطر قد تنشأ عن تباين اداء الصادرات.
وبحسب المسوحات نفسها فان الطلب على النفط السعودي في المنطقة الآسيوية يأتي من المصانع، في حين يتركز الطلب الاميركي على البنزين بسبب الرحلات الصيفية التي يحبذها الاميركيون داخل الولايات المتحدة نفسها وتراجع هذا الطلب خلال السنوات الماضية بسبب الازمة المالية العالمية، بينما بقيت المصانع هي المحرك والمحفز لزيادة الطلب على الخام السعودي.
العقوبات الايرانية
واذا كانت زيادة الطلب الصيني، او الآسيوي بشكل عام، واستمرار الطلب الاميركي هما العاملان الرئيسيان في ارتفاع الطلب على الخام السعودي خلال الاشهر المقبلة، فان العقوبات الاميركية والاوروبية ضد ايران تلعب دوراً ايضاً في ارتفاع الطلب على الخام السعودي، نتيجة تحول كثير من عملاء الخام الايراني نحو الخامات البديلة، علماً بأن الخام السعودي هو الاكثر وفرة، وان السعودية ما زالت تحتفظ بفائض انتاجي يعتبر الوحيد في منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك).
وفي اعتقاد خبير نفطي سعودي، فان زيادة الطلب على الخام السعودي تقلل من الاستهلاك المحلي، لان هذه الزيادة تصحبها زيادة في الانتاج وزيادة في انتاج الغاز المصاحب الذي يحل محل المشتقات النفطية في انتاج الكهرباء وتحلية المياه.
واذا كانت الصين قد زادت مستورداتها من الخام السعودي بنسبة 24،7٪ في العام 2012، وتتوقع شركة «سي. ان. بي. سي» التي تديرها الحكومة الصينية ارتفاع صافي الواردات مجدداً هذا العام، فان «ارامكو» السعودية – اكبر شركة منتجة للنفط في العالم – قد خفضت الانتاج بشدة في الربع الاخير من العام الماضي بسبب ضعف النمو الاقتصادي في الخارج، كما انخفض الاستهلاك من جراء طقس اكثر برودة من المعتاد في المملكة.
وتظهر التحليلات ان خفض السعودية انتاجها في الربع الاخير من العام الماضي، وخفضه ايضاً في الربع الاول من العام الحالي ساهما في تقليص الفجوة بين خامي «غرب تكساس» و«برنت» الى اقل من 15 دولاراً، حيث بقي الاول في حدود 96 دولاراً للبرميل، بينما بلغ متوسط سعر خام «برنت» خلال الفترة نفسها 109 دولارات للبرميل.
وكانت السعودية – اكبر منتج في منظمة اوبك والوحيدة التي تملك طاقة انتاجية كبيرة غير مستغلة – قد خفضت انتاجها بنحو 700 الف برميل يومياً خلال الشهرين الاخيرين من العام 2012، مما ساعد في ارتفاع اسعار الخام من اول كانون الاول (ديسمبر) حتى منتصف شباط (فبراير).
الدور المرجح
ويؤكد خبراء النفط ان استقرار الاسعار فوق 100 دولار للبرميل خلال العام الحالي، سيحقق فائضاً جديداً في الميزانية السعودية، اما انخفاضها الى ما دون 90 دولاراً للبرميل قد لا يحقق اي فائض في ميزانية هذا العام بسبب الانفاق الحكومي الضخم الذي تم الاعلان عنه منذ فترة قصيرة ويركز الخبراء على استمرار الدور المرجح للسعودية في تغطية حجم الطلب العالمي وتحقيق التوازن للاسواق النهائية، وفي اعتقادهم ان خفض السعودية معدلات انتاجها في الاشهر الاخيرة من العام الماضي جاء نتيجة انخفاض حجم الطلب العالمي، وخصوصاً الطلب الصيني الذي تراجع بسبب انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، الا انها قادرة على زيادة انتاجها من 9 ملايين برميل يومياً في الوقت الراهن من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي الى 12،5 مليون برميل اذا احتاجت الاسواق لهذه الزيادة.
ويعتبر الامين العام للاتحاد الخليجي لانتاج البتروكيماويات الدكتور عبد الوهاب السعدون انه على الرغم من ارتفاع حجم الانتاج المحلي في اميركا، فان معدلات استيرادها للنفط تبلغ 8 ملايين برميل يومياً بخلاف ما يشيعه البعض عن امكان اكتفاء اميركا ذاتياً.
توقعات الاستهلاك
ادت عمليات انتاج النفط المتزايدة لبعض الدول المنتجة غير الاعضاء في اوبك الى تخفيض الدول الاعضاء من حجم الامدادات اليومية خلال الفترة الاخيرة. ويتوقع ان يقفز حجم استهلاك النفط العالمي الى 105 ملايين برميل بحلول العام 2035 من 90 مليون برميل حالياً. ويؤكد محللون ان دول اوبك ستتكفل بنحو 50٪ من الزيادة الجديدة، على ان تتكفل الدول غير الاعضاء بالنسبة المتبقية، مشيرين الى ان الولايات المتحدة باتت احدى اهم الدول التي تلعب دوراً مهماً في سوق النفط العالمية.
وفي هذا السياق يؤكد محللون انه على الرغم من لعب اميركا دوراً مهماً في سوق النفط العالمية خلال الفترة الاخيرة في ظل تزايد معدلات انتاجها الى 9 ملايين برميل من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي، فانها مضطرة حالياً الى استيراد نحو 8،4 ملايين برميل يومياً، كما انها ستستورد في العام 2035 نحو 6 ملايين برميل يومياً، وهو الامر الذي يعني عدم قدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي.