سياسة لبنانيةلبنانيات

بو حبيب القى كلمة لبنان في مجلس الأمن الدولي: لا سلام مستداماً من دون عدالة للفلسطينيين

«لبنان لا يريد الحرب ولم يسع يوماً اليها»

ألقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب، كلمة لبنان في الاجتماع على المستوى الوزاري لمجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الحالة في الشرق الاوسط، قال فيها:
«نجتمع اليوم بعد أكثر من 75 عاماً» على بداية الازمة الأم في الشرق الاوسط، أي قيام اسرائيل على أرض فلسطين ونزوح أكثر من نصف سكانها الفلسطينيين الى الدول المجاورة، وما زلنا نبحث عن مسكنات كلما إشتدت وتيرة الصراع بين الحين والآخر، وآخرها الأحداث التي شهدتها المنطقة منذ ٧ تشرين الاول (أكتوبر) الماضي. من جيل الى جيل وعلى مدى عقود طويلة، لم تنعم منطقتنا بالسلام ولا بالأمن. لقد أصبح هذا الصراع تركة ثقيلة من الحقد، والمرارة، والعنف المتزايد، تتوارثها الأجيال. فهل نسأل أنفسنا في ظل الاوضاع الحالية المتفجرة في الشرق الأوسط، إذا تعلمنا شيئاً من دروس الماضي؟ ألم يحن الوقت لنعترف بأننا لن نستطيع إلغاء بعضنا بعضاً؟ متى سنبدأ العمل لحلٍ مستدام لهذا الصراع؟ هل سنترك هذا للأجيال القادمة؟».
وتابع: «لقد أثبتت الحروب والاحقاد والويلات المستمرة، أقله منذ ٧٥عاماً»، بأن علينا أن نجد حلاً نهائياً للقضية الفلسطينية لأنها مفتاح السلم، وبوابة الامن في الشرق الاوسط. من على هذا المنبر، أدعو حكماء وعقلاء العالم للضغط على إسرائيل لإنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية، واللبنانية، والسورية، كي نعيش سوياً، ونعترف ببعضنا» بعضاً وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، والمبادرة العربية للسلام المنبثقة من القمة العربية في بيروت عام ٢٠٠٢، والتي أقرت الإعتراف بإسرائيل مقابل إنهاء الإحتلال، وحل الدولتين، القائم على حق ووجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية. فلا سلام مستداماً من دون عدالة للفلسطينيين… إن أنصاف الحلول والتسويات الموقتة تُوَلِد الحروب والدمار».
واردف: «إننا مجتمعون اليوم على وقع التهديدات الاسرائيلية بإستمرار هذه الحرب العبثية بلا أفق سياسي واضح أو رؤية لسلام مستدام. إن ما تقوم به إسرائيل بتحويل غزة الى ركام، والقضاء على حماس، إن تحقق، سيُوَلِدُ  منظمات أكثر تطرفاً وأكثر إصراراً على محو إسرائيل من الوجود. ألا يكفينا قتل أكثر من  ٢٥ الف فلسطيني معظمهم من الاطفال، والنساء، والشيوخ، وهذا أكثر من 1% من سكان قطاع غزة، أي ما يقارب مقارنة بعدد سكان كل من أميركا والاتحاد الاوروبي، حوالي 3،5 مليون مواطن أميركي، أو 4،5 مليون مواطن أوروبي. وما إنعكاس هذه الرخصة المعطاة لإسرائيل للقتل الأعمى على صورة الغرب في عالمنا، ودعوته الدائمة وإصراره على  إحترام حقوق الإنسان؟ لقد تحول الغرب، بنظر كثيرين من شعوب العالم الى الخاسر الأكبر في دفاعه عن قضية حقوق الإنسان، بعد تغاضيه عن ما يحدث في غزة من قتل جماعي للأطفال والنساء والشيوخ».
اضاف: «كذلك نراقب بقلق شديد توسع رقعه الأحداث المتنقلة والمتصاعدة في البحر الأحمر، وما تحمله من تهديد لحرية الملاحة، والاقتصاد العالمي، والأمن والسلم الإقليميين، إضافة الى ما يجري أيضاً في العراق، وسوريا،  ناهيك عن جنوب لبنان. لذلك نخشى من سوء التقدير لجهة اللعب على حافة الهاوية، وجر المنطقة كلها الى العصر الحجري، كما يهدد كبار المسؤولين الإسرائيليين لبنان بصورة مستمرة. فهذه الحرب التي نسعى جاهدين الى منع وقوعها، ونعمل مقتنعين الى حث كل من يعنيهم الأمر على عدم الوقوع في فخ القيادة الإسرائيلية الهادف الى إستمرار الحرب وتوسعها، ستكون مختلفة، وفقاً لقراءتنا ومشاوراتنا، عن كل سابقتها لجهة مساحتها الجغرافية، وتعدد جبهاتها، وحجم المشاركة العابرة للساحات فيها. فنحن نخشى بأنها لن توفر بقعة من الشرق الأوسط من تبعاتها، وهي لن تكون نزهة للإسرائيليين كما يتخيل بعض أصحاب الرؤوس الحامية المرتبط بقاؤهم السياسي بالنفخ في نارها».
وقال: «بقدر قلقنا من إمتداد هذا الصراع كأحجار الدومينو المتدرجة على بقاع الشرق الاوسط كافة وعلى رأسها لبنان، نرى فيه أيضاً فرصة تاريخية لهدوء مستدام على حدود لبنان الجنوبية. فلبنان لا يريد الحرب، ولم يسع يوماً، أو يسعى اليوم اليها، لأنه سبق له أن ذاق مرارتها في حربه التي دامت 15 عاماً، وتعلم من مآسيها وويلاتها في حروب وإجتياحات اسرائيلية خلفت الدمار والخراب وآلاف القتلى والجرحى. فقرارنا السلم والاستقرار لأنه الطريق الأقصر والأنجح للرخاء والازدهار. ولقد حقق قرار مجلس الامن رقم ١٧٠١ استقراراً نسبياً منذ انتهاء ما عُرف بحرب تموز ٢٠٠٦، حيث لم تحصل منذ حينه ولغاية ٧ اكتوبر ٢٠٢٣، عمليات عسكرية تهدد السلم والامن الاقليميين حول الخط الازرق، المعروف لبنانياً بخط الانسحاب الاسرائيلي من لبنان لعام ٢٠٠٠. وقد أدت حرب غزة الى زعزعة الاستقرار النسبي الذي شهده جنوب لبنان، ونتج عنها نزوح عشرات الآلاف من سكان القرى اللبنانية الى مناطق شمالية اكثر امناً».
وأعلن بو حبيب «ان رؤيتنا من اجل تحقيق الامن والاستقرار المستدام في جنوب لبنان تقوم على التطبيق الشامل والكامل للقرار ١٧٠١، ضمن سلة متكاملة بضمانات دولية واضحة ومعلنة، بما يعزز فرص  الأمن والهدوء الشامل والمستدام وفقاً لمايأتي:
أولاً: إظهار الحدود الدولية الجنوبية المرسمة عام ١٩٢٣ بين لبنان وفلسطين، والمؤكد عليها في اتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان واسرائيل في جزيرة رودس اليونانية باشراف ورعاية الامم المتحدة بتاريخ عام ١٩٤٩ المشار اليها في القرارات الدولية كافة ذات الصلة، والتزام البلدين الكامل والصريح بتلك الحدود. يتطلب ذلك استكمال عملية الاتفاق على النقاط الـ ١٣ الحدودية المتنازع عليها كافة، إستكمالاً للموافقة المبدئية على اظهار الحدود في سبع منها، تحت اشراف قوات اليونيفيل التابعة للامم المتحدة.  يهدف ذلك الى إنسحاب اسرائيل الى الحدود المعترف بها دولياً، إنطلاقاً من النقطة B1 في منطقة رأس الناقورة الواقعة ضمن الحدود اللبنانية، وصولاً الى خراج بلدة «الماري» التي تشكل بجزء منها التمدد العمراني لقرية الغجر، بالاضافة الى انسحاب اسرائيل الكامل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبة.
ثانياً: وقف نهائي للخروقات الاسرائيلية التي وصلت الى حوالي 30 الف خرقاً منذ عام 2006، براً وبحراً وجواً لسيادة لبنان وحدوده المعترف بها دولياً، بالاضافة الى عدم استعمال الاجواء اللبنانية لقصف الاراضي السورية.
ثالثاً: دعم الامم المتحدة والدول الصديقة الحكومة اللبنانية في بسط سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية من خلال تقوية قواتها المسلحة، لا سيما من خلال تقوية وتعزيز انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، وتوفير له ما يحتاج من عديد وعتاد بالتعاون مع اليونيفيل، بحيث لا يكون هناك سلاح دون موافقة حكومة لبنان ولا تكون هناك سلطة غير سلطة حكومة لبنان.
رابعاً: تسهيل العودة الآمنة والكريمة للنازحين من المناطق الحدودية التي نزحوا منها بعد ٧ تشرين الاول (اكتوبر) ٢٠٢٣.
خامساً:  وقف الحرب على غزة مما يسهل وضع هذا التصور موضع التنفيذ والبدء بآلية سريعة لايجاد حل طويل الأجل للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، وفقاً لقرارات الامم المتحدة ذات الصلة».
وختم وزير الخارجية كلمته بالقول: «دعونا نعطي السلام فرصة حقيقية قبل فوات الأوان. يكفينا حروب وصراعات وقتل ودمار. لنتوقف عن البحث عن أنصاف الحلول التي تؤدي الى مآسي كالتي نعيشها اليوم. فأحداث 7 تشرين الماضي لم تأت من فراغ، وهذه المآسي ستتكرر بصورة أعنف وأفظع، إن لم نتوصل الى حل دائم، عادل، وشامل، قائم على تنفيذ إسرائيل قرارات الأمم المتحدة كافة ذات الصلة. فبالرغم من الاحداث الأليمة التي يعيشها الشرق الاوسط خلال هذه الفترة، نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لإرساء دعائم السلام، والامن، والرخاء، والازدهار. فلنلتقطها، إنها فرصة تاريخية قد لا تتكرر مجدداً في المدى المنظور. وإن فشلنا، فما حدث في ٧ تشرين الاول، وما سبقه، سيعيد نفسه بصورة أبشع الى أن تتقبل اسرائيل بأن الشعب الفلسطيني لن «ينقرض، أو يتبخر، أو يغرق في البحر»، وبأن دولته آتية لا محالة. فلنختصر المسافات والعذابات علينا وعليهم، ونمهد الأرضية لمستقبل أفضل لشعوب منطقتنا، ونريح العالم أجمع من حمل أوزار هذا الصراع لأجيال قادمة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق