رئيسيسياسة عربية

الرصاص المجهول يفاقم الازمة الامنية في ليبيا

يبدو ان انعدام الامن على الساحة الليبية اصبح عنواناً لكل المتابعات الخاصة بتطورات الموقف هناك، حيث تسارعت الاحداث على الساحة ايذاناً بحالة امنية غير مسبوقة، تفاصيلها اعمال اختطاف وقتل، وعنوانها رصاص مجهول، يستهدف اي مسؤول امني وغيره، بما في ذلك مسؤولون رفيعو المستوى، وشخصيات قيادية ينتهي مقتلهم الى تعميق الازمة وتفاقمها بشكل مرعب.

مع ان مسألة غياب الامن عن ليبيا تعمقت منذ فترة وجيزة، الا ان التطورات الاخيرة اسهمت في تعميقها، لجهة ارتفاع وتيرة الاتهام للحكومة المؤقتة بعدم القدرة على تسيير الامور، والحفاظ على النظام العام. وفي الوقت نفسه تمكين القائمين على عملية تغييب النظام وتكريس الفوضى من ايجاد مبررات لمواصلة نشاطاتهم التي يجري تصنيفها ضمن اطار الجرائم البشعة.
ومع تعدد العناصر الجرمية التي شهدتها الساحة الا ان مسألة اختطاف رئيس الوزراء الليبي علي زيدان لفترة يوم كامل قبل ان يتم الافراج عنه، والتأكيد على انه كان  يخضع للاستجواب خلال فترة اختطافه يمكن تفسيرها بحالة التردي الامني العام. وهي الحالة التي تعمقت في ضوء اقدام الولايات المتحدة على خطف «ابو انس الليبي» المطلوب لديها على خلفيات نشاطات ارهابية.
ميدانياً، قتل العشرات من المسؤولين برصاص قيل انه مجهول، الامر الذي عزز حالة انعدام الامن، وفاقم الحالة الامنية لجهة مواصلة عمليات الاغتيال، وانتشار ردات الفعل الثأرية والانتقامية.
من ذلك اقدام مجهولين على اغتيال مدير الشرطة العسكرية العقيد احمد البرغثي في مدينة بنغازي، رمياً بالرصاص، ومن ثم الاختفاء. وتعرض ضابطين لرصاص قناصة ما ادى الى مقتل المقدم عبد الفتاح الرياني وجرح  العقيد عبد السلام الدوس في عمليتين منفصلتين في المدينة عينها. واغتيل امام وخطيب احد مساجد مدينة بنغازي الشيخ عبد السلام الحاسي في انفجار استهدف سيارته عقب خروجه من المسجد بعد امامته للمصلين.

هجمات ضد الجيش
وضمن اطار الفوضى التي تحكم الساحة، اعلن متحدث باسم الجيش ان 15 جندياً ليبياً قتلوا واصيب اربعة في هجوم على نقطة تفتيش للجيش بين مدينتي ترهونة وبني وليد على بعد اكثر من 100 كلم جنوب شرق طرابلس.
بينما تشهد مدينة بنغازي انفلاتاً امنياً واسعاً منذ اعلان تحرير البلد من قبضة نظام معمر القذافي في العام 2011، وينعكس هذا الانفلات من خلال عمليات الاغتيالات و الانفجارات التي تستهدف مباني حكومية ودبلوماسية بالاضافة الى شخصيات عسكرية وامنية واخرى ناشطة سياسياً واعلامياً. بينما تجاهد السلطات الليبية وعلى رأسها الحكومة المؤقتة التي خطف رئيسها علي زيدان لساعات، لبسط الامن وخلق مؤسسات امنية وعسكرية محترفة وقادرة على فرض قوة القانون في البلاد.
الى ذلك، اعلنت الحكومة الافراج عن رئيس الوزراء الليبي علي زيدان الذي خطف على يد مجموعة مسلحة واقتيد نحو جهة مجهولة بعد ايام من عودته من زيارة رسمية الى المغرب.
وكانت الحكومة  اعلنت في بيان مقتضب على موقعها الالكتروني عن اقتياد رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان فجراً الى جهة غير معلومة، ولاسباب غير معروفة من قبل مجموعة يعتقد انها من الثوار السابقين.
وجاءت عملية الخطف بعد خمسة ايام من القاء القبض في طرابلس على ابو انس الليبي المشتبه بانتمائه الى تنظيم القاعدة على يد مجموعة كومندوس اميركية.
واضاف البيان ان الحكومة تعتقد بأن المجموعة التي تقف وراء عملية الخطف هي من غرفة ثوار ليبيا ولجنة مكافحة الجريمة التابعتين مبدئياً لوزارتي الدفاع والداخلية.
وخطف زيدان من فندق كورينثيا الذي يقيم فيه بينما اكد موظف في الفندق ان عدداً كبيراً من الرجال المسلحين اجتاحوا المكان في وقت باكر.
وسبق ذلك قيام عشرات الجنود الليبيين باحتلال مقر الحكومة في طرابلس مطالبين بتلقي رواتب متأخرة. وافادت تقارير اعلامية ان الجنود يحتجون على عدم صرف رواتبهم منذ اشهر، وان الجنود الذين لم يكونوا مسلحين تمكنوا من دخول المبنى ومنعوا اياً كان من الدخول أو الخروج. ويستهدف ثوار سابقون قاتلوا نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي مقر الحكومة دورياً للمطالبة برواتب او مكافآت.

اعتقال ابو انس
وفي موضوع آخر، اعتقلت قوة خاصة من المارينز الأميركي ابو انس الليبي واسمه الأصلي نزيه الرقيعي في العاصمة الليبية طرابلس في عملية اثارت جدلاً وتم احتجازه على متن السفينة الحربية الأميركية «يو اس اس سان انطونيو» وقام محققون باستجوابه قبل وصوله الى نيويورك. وكان الليبي أحد المشتبه بهم في تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا و تنزانيا عام 1998 التي قتل فيها 224 شخصاً. وادرج اسم ابو انس على لائحة اهم المطلوبين لدى «إف بي آيه» الذي عرض مكافأة «تصل الى خمسة ملايين دولار مقابل معلومات تمكن من القبض عليه او ادانته. وكان صدر اتهام رسمي خلال العام 2000 في نيويورك بحق ابو انس الليبي في قضية هجمات على السفارتين الاميركيتين في تنزانيا وكينيا.
والرجل البالغ 49 عاماً والمولود في طرابلس اقام في المملكة المتحدة حيث حصل على اللجوء السياسي بحسب الاف بي آيه. وكانت شرطة سكوتلنديارد أوقفته عام 1999 لكنها افرجت عنه لعدم كفاية الدليل بحسب صحيفة الغارديان البريطانية. وكانت وجهت اليه الاتهامات امام محكمة مانهاتن الفدرالية في عام 2000 الى جانب 20 عضواً مفترضاً في القاعدة، وخصوصاً بتهمة التآمر لقتل مواطنين اميركيين والتآمر لتدمير مبان وممتلكات تخص الولايات المتحدة. واثارت عملية اعتقال الليبي الذي يوصف بانه قيادي مفترض في تنظيم القاعدة على الاراضي الليبية، تساؤلات حول مدى قانونية مثل هذا العمل، فيما يبقي الرئيس باراك اوباما والسلطات الاميركية الغموض حول هذه القضية، حيث نددت ليبيا بالعملية، واعتبرتها اختطافاً، وطلبت طرابلس من واشنطن تسليمها المشتبه به «فوراً». واكدت انها لم تتبلغ بالامر قبل حصوله. واعلنت انها استدعت السفيرة الاميركية بعد اسر ابو انس لتطرح عليها بعض الاسئلة. وفي المقابل، رفضت الولايات المتحدة الكشف عما اذا كانت طلبت إذناً بالتدخل من الحكومة الليبية لكنها شددت على أن العملية شرعية. وقال اوباما: نفضل التحرك بالتعاون مع الدول التي تجري فيها مثل هذه العمليات حين يكون الامر ممكناً، لكننا لن نلزم دفاعنا لأحد.

طرابلس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق