اليمن: حراك عسكري لحماية الحوار ورفض رئاسي لمصالحة القاعدة

بينما تتواصل الترتيبات – بكل اشكالها – من اجل اطلاق الحوار اليمني الذي يستهدف الانفصاليين الجنوبيين اساساً، ولا يستثني باقي الاطياف السياسية العاملة على الساحة، توقف المتابعون عند نشاط دموي مكثف في المحافظات الجنوبية ومنها محافظة عدن. حيث وقعت تفجيرات عدة دامية هناك ما ادى الى مقتل العشرات، وخراب انبوب النفط الرئيسي الذي يتم من خلاله تصدير المنتجات الى الخارج.
شهدت الساحة اليمنية حراكاً دولياً داعماً لمشروع الحوار، حيث بدا واضحاً ان ذلك الحراك ركز على مبدأي «العصا والجزرة»، واستخدم اسلوبي الترغيب والترهيب معاً، وصولاً الى اغراء الداعمين للحوار، وتهديد أمني لمعارضي اجرائه.
في تلك الاثناء بدا واضحاً ان اجواء الحزم بدأت تطفو على السطح، حيث اعلن الرئيس هادي رفضه للحوار مع جهات وصفها بانها تمارس «النشاط الارهابي»، وسط اشارات بأن المقصود هو تنظيم القاعدة، وفي الوقت نفسه استنجد بالجيش من اجل مواجهة من يرفضون الحوار ومن يعملون على تفجيره.
ميدانياً، واضافة الى الاحداث التي شهدتها محافظة حضرموت الجنوبية قبل اسبوعين والتي ادت الى سقوط اعداد كبيرة من القتلى والجرحى، افادت حصيلة جديدة استناداً الى شهود ومصدر طبي ان السيارة المفخخة التي انفجرت خلال الاسبوع الفائت في مدينة لودر بمحافظة ابين في جنوب اليمن مستهدفة مقراً حكومياً، ادت الى مقتل 12 من عناصر اللجان الشعبية الموالية للنظام، والتي اتهمت تنظيم القاعدة بالوقوف وراء هذا التفجير.
وبحسب معلومات رسمية فان انتحارياً من تنظيم القاعدة تمكن من الوصول في سيارته المفخخة الى مقر اللجان وهو مبنى حكومي وفجرها عند بوابة المقر حيث كانت القيادة تعقد اجتماعاً.
اعمال فوضى واشتباكات
اندلعت أعمال فوضى واشتباكات خلال الأسبوع الماضي بين الشرطة وعناصر في الحراك الجنوبي شملت محافظات عدن، حضرموت ولحج في الجنوب وسقط خلالها قتلى وجرحى. وتعرضت مقرات لحزب «الإصلاح الإسلامي» المشارك في التشكيل الحكومي، في هذه المحافظات لاقتحام وإحراق من قبل من وصفهم الحزب بـ «تيار الحراك المسلح». وفجر مسلحون انبوب النفط اليمني الرئيسي الذي يتعرض لهجمات متكررة في محافظة مأرب بوسط البلاد. ونقل الموقع عن مصادر محلية في المحافظة ان «عناصر تخريبية» قامت «بتفجير انبوب النفط في نقطة كيلو 93 بمديرية صرواح» الواقعة غرب مدينة مأرب. وذكر موقع وزارة الدفاع اليمنية ان التفجير ادى الى اشتعال النيران الكثيفة في الأنبوب الذي ينقل النفط من حقول صافر في وسط البلاد الى رأس عيسى على البحر الاحمر غرباً. وكان الانبوب نفسه تعرض لهجمات عدة آخرها في الثامن من شباط (فبراير).
وينتج اليمن حوالى 300 الف برميل من النفط يومياً يخصص معظمها للتصدير. ويعتمد اليمن على الايرادات النفطية لتغذية موازنة الدولة في وقت جعلت الازمات السياسية وحالة انعدام الامن اقتصاده على شفير الانهيار.
في تلك الاثناء، تعهدت الحكومة اليمنية بمحاسبة المسؤولين عن أعمال العنف التي وقعت في محافظات الجنوب نهاية شباط (فبراير) الماضي وسقط خلالها قتلى وجرحى في مواجهات بين الأمن ومحتجين من الحراك الجنوبي المنادي بالانفصال. وقالت الحكومة في بيان لها، أنها لن تتهاون في اتخاذ العقوبات الرادعة ومحاسبة المتسببين عن أعمال العنف والقتل وإشاعة الفوضى وملاحقتهم.
وبحسب البيان فإن الحكومة أكدت إدانتها لجميع أشكال العنف، مشيدة بالموقف الموحد لجميع أبناء محافظة حضرموت الجنوبية ووقوفهم صفاً واحداً في رفض العنف.
واستمعت الحكومة إلى تقرير أولي من اللجنة الوزارية المكلفة بتقصي الحقائق حول أحداث العنف التي شهدتها محافظة حضرموت مؤخراً. وأبرزت اللجنة نتائج لقاءاتها بالسلطة المحلية والقيادات العسكرية والامنية ومختلف الاطياف السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمواطنين بالمحافظة، للوقوف على الاسباب الكامنة وراء تلك الاحداث ومعالجة تداعياتها. وحثت الحكومة اللجنة على التسريع باعداد التقرير النهائي لنتائج عملها ورفعه إليها في أسرع وقت ممكن.
من جهته، رفض الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عرضاً للصلح مع القاعدة قدمته مجموعة من العلماء وشيوخ القبائل، مشدداً على شرط تخلي التنظيم عن سلاحه مسبقاً. واصر الرئيس على ان يتخلى عناصر القاعدة عن اسلحتهم ويعلنوا توبتهم وتخليهم عن الفكر المتطرف. وكان تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» قد اعلن في بيان نشر عبر الانترنت عن فشل وساطة قادها ثمانية علماء وشيوخ قبائل من اجل الصلح مع الدولة. واعلن الوسطاء الثمانية في بيان يحمل تاريخ الخامس من شباط (فبراير) فشل مساعيهم للصلح بين القاعدة والدولة بما يمنح هدنة لمدة شهرين لمناقشة الاتفاق بين الطرفين. وذكر بيان العلماء والشيوخ ان المفاوضات تمت مع رئيس جهاز الامن السياسي غالب مطهر القمش، ولم يتم التوقيع في النهاية على الاتفاق من قبل مفوض من رئيس الجمهورية. وتواصل القوات اليمنية مطاردة انصار القاعدة، فيما تنفذ طائرات اميركية من دون طيار غارات على اهداف للقاعدة في اليمن.
دعوة للحوار
في ما يخص الحوار، دعت قيادات يمنية في الجنوب الداعي للانفصال إلى إجراء حوار يشارك فيه جميع المكونات السياسية للوصول الى حل للقضية الجنوبية، وذلك من خلال دعم أممي. جاء ذلك في بيان صادر عن اجتماع ضم المبعوث الأممي لليمن جمال بن عمر وعدداً من القيادات الجنوبية في دبي. وبحسب البيان فإن الاجتماع يأتي في إطار المشاورات الواسعة التي تجريها الأمم المتحدة مع الأطراف كافة في اليمن. وطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من القادة العسكريين والامنيين بذل كل الجهود لحماية الحوار الوطني المزمع عقده في 18 اذار (مارس) من محاولات تخريبه، مهدداً باجراءات صارمة ضد من يهدد الحوار. وفي هذا السياق، اكد القائد العسكري البارز اللواء علي محسن الاحمر دعمه الكامل للرئيس اليمني في مساعيه لانجاح الحوار بالرغم من القرارات التي اتخذها الاخير وتحد من نفوذه.
وقال هادي اثناء ترؤسه اجتماعاً استثنائياً للجنة الشؤون العسكرية والامنية انه يتعين على القادة العسكريين والامنيين «توخي اليقظة والحذر ومراقبة اعداء امن واستقرار اليمن ووحدته». واعتبر هادي ان الحوار الذي سيقوده شخصياً بموجب اتفاق انتقال السلطة في البلاد ويهدف الى تعديل الدستور وحل القضايا الكبرى من مسألة الجنوب والتمرد الشيعي في الشمال، يمثل «مناسبة وطنية».
صنعاء – «الاسبوع العربي»