سياسة عربية

اليمن: الازمة تتفاقم، والبلاد تتفسخ: انذار اميركي لـ «صالح» بمغادرة البلاد

«الكل يتهم الكل، والكل يحذر الكل»، هذا هو العنوان الرئيس للحالة اليمنية الراهنة، في ضوء تطورات يراها المتابعون عنوانا لحالة التفسخ التي تعيشها البلاد، والتي يؤكد محللون انها من الحالات المستعصية، والتي من الصعب جداً اعادتها الى حالتها السابقة.

فبينما تتهم الولايات المتحدة الاميركية الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالتورط في مؤامرات عنوانها التنسيق مع الحوثيين، يتهم الحوثيون الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي بـ «اعاقة العملية السياسية». وتتهم دول الخليج العربي مجلس الامن بالتسبب في تدهور الاوضاع اليمنية.
وفي الاثناء، تنشط «القوة الحوثية» التي تتغذى عبر بوابات «الحديدة»، ومن منافذ ايران عبر البحر الاحمر، في فرض قوتها على الارض، وصولاً الى سيطرة على ما يزيد عن ستين بالمائة من البلاد. وتعمل على تهيئة بنية تحتية تصلح لان تكون اساسا لدولة بكامل تجهيزاتها.
وبين هذه وتلك، ينشط تنظيم القاعدة في العديد من المناطق، ويخوص حرب تحالفات مع بعض القبائل السنية لمواجة الخطر الحوثي. وتشير بعض التقارير الى تنسيق عالي المستوى بين التنظيم الذي تعرض مؤخراً الى جرعة كبرى من الغارات الجوية نفذتها طائرات اميركية بدون طيار. وينشط الحراك الجنوبي في استغلال حالة الفراغ وصولاً الى فرض حالة الانقسام وتأسيس الدولة الجنوبية على الحدود التي كانت قائمة قبل الوحدة. وتنشط بعض القبائل في تحريك النزعة الانفصالية بما يكشف عن توجه لاقامة دويلات هشة هروباً من واقع مؤلم.

انذار اميركي لصالح
في التفاصيل، اعلن مكتب الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح إن السفير الأميركي في اليمن وجه – عبر وسيط – إنذاراً لصالح بمغادرة اليمن قبل الساعة الخامسة من مساء غد الجمعة على ابعد تقدير. وبالتزامن، يستعد مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات تستهدف كلاً من صالح، وزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بتهمة عرقلة الانتقال السياسي في البلاد.
وبحسب المكتب، ابلغ السفير الأميركي عبدالله صالح بأنه سيتعرض لعقوبات صارمة اذا لم ينفذ ما هو مطلوب منه. وان العقوبات ستتخذ بناء على طلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي، والخارجية الأميركية إلى مجلس الأمن في حال لم يغادر البلاد في الأجل المحدد. وتشير التقارير الى ان الإنذار الموجه إلى الرئيس المخلوع يأتي على خلفية اتهامه بالتعاون مع جماعة الحوثي بعرقلة العملية السياسية في البلاد.
في المقابل، اعتبر حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح، إن الرسالة الاميركية تعتبر تدخلاً سافراً في الشأن اليمني الداخلي. واكد الحزب في رده على الانذار الاميركي بانه لا يحق لأي طرف أجنبي إخراج أي مواطن يمني من وطنه. ولوح الحزب بحشد انصاره من اجل مواجهة التهديد، دون ان يتم توضيح الاساليب التي يمكن ان تتبع في هذا الصدد.
وبالتزامن، وزعت الولايات المتحدة مشروع قرار على اعضاء مجلس الأمن يفرض عقوبات على صالح وزعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي، وقيادي آخر بالجماعة هو عبدالله يحيى الحكيم بتهمة عرقلة الانتقال السياسي في البلاد.
وتنص العقوبات التي طلبتها واشنطن على منع صالح والقائدين الحوثيين من دخول جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتجميد أرصدتهم المفترضة خارج اليمن.
وفي الاثناء، كشفت وكالة «رويترز» عن وثيقة أميركية تتهم صالح بتأييد الحوثيين والاستعانة بهم لزعزعة استقرار اليمن وعرقلة العملية السياسية بدءاً من خريف 2012. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة جمعت معلومات ووثائق تؤكد تورط صالح والحوثيين في «التهديد الواضح لاتفاقيات التحول الديمقراطي السلمي في اليمن».
في المقابل، حمّل زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مسؤولية «تدهور» الأوضاع الأمنية في مختلف مناطق البلاد. وقال الحوثي في خطاب متلفز بمناسبة عاشوراء أن بعض القوى السياسية أصبحت جزءاً من المشكلة بدلاً عن أن تكون جزءاً من الحل، مؤكداً ضرورة تنفيذ مخرجات ما اسماه «لقاء الحكماء» الذي نظمه  يوم الجمعة الفائت.

مجلس التعاون الخليجي
الى ذلك، تقدمت دول مجلس التعاون الخليجي نهاية الأسبوع الفائت بطلب لمجلس الأمن، مفاده تنفيذ القرارات المتعلقة باليمن وإيقاع العقوبات على معرقلي المصالحة اليمنية أياً كانوا.
وكانت دولة الكويت هي التي تقدّمت بالطلب كونها ترأس الدورة الحالية في مجلس التعاون. وأكد عبدالله المعلمي، مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة في تصريحات صحفية أن من ابرز العناوين التي تضمنها الطلب إعادة لفت نظر مجلس الأمن لما يحدث في اليمن وخطورة الأوضاع هناك، مع التأكيد على تحمل المجلس مسؤولية تدهور الأوضاع اليمنية.
وتضمنت الرسالة سبع نقاط من بينها المطالبات بتنفيذ التزامات مجلس الأمن تجاه الوضع في اليمن. ولفت انتباه المجلس للوضع المتردي في البلاد، ومطالبة المجلس بتحمل مسؤولياته تجاه الدولة الشقيقة، وتنفيذ قرارات المجلس تجاه اليمن على جميع الأصعدة، وإيقاع العقوبات بحق معرقلي المصالحة اليمنية سواء كانوا أفرادا أو كيانات، والتسريع بإيجاد حل لتدهور الأوضاع هناك.
في سياق مواز، اعلن رجال قبائل في اليمن إن ضربات نفذتها طائرات اميركية بلا طيار تسببت في مقتل عشرة على الاقل يشتبه بانهم من متشددي تنظيم القاعدة في وسط البلاد حيث أدت اشتباكات أخرى بين أنصار الشريعة ومتمردين حوثيين شيعة الى مقتل عشرة اشخاص أيضاً.
وتدور معارك في وسط وغرب اليمن منذ ان سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء يوم 21 ايلول (سبتمبر) مما جعلهم قوة سياسية صاعدة في الدولة المتحالفة مع الولايات المتحدة المجاورة للسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم.
وقال رجال القبائل ان الطائرات الاميركية بلا طيار استهدفت مواقع يسيطر عليها مقاتلو أنصار الشريعة في بلدة رداع في محافظة البيضاء.
وذكروا ان عشرة على الاقل يعتقد انهم مقاتلون من أنصار الشريعة قتلوا في الضربات وهو أكبر عدد من القتلى توقعه ضربات جوية اميركية منذ ان تقدم الحوثيون في المنطقة في منتصف تشرين الاول (اكتوبر).
وتقر الولايات المتحدة باستخدام طائرات بلا طيار في اليمن لكنها لا تعلق علنا على العمليات.

اشتباكات وقتلى
كما قتل أكثر من أربعين شخصاً في اشتباكات بين مسلحي الحوثي وبين القبائل وأنصار الشريعة المرتبطة بتنظيم القاعدة في محافظة البيضاء وسط اليمن، في حين استدعت السلطات اليمنية المسلحين الموالين لها لتأمين المنشآت الحيوية بعدن جنوبي البلاد.
وقتل أكثر من عشرين من مسلحي الحوثي في هجمات شنها مسلحون قبليون، كما قتل نحو عشرين من مسلحي تنظيم أنصار الشريعة في اشتباكات مستمرة بين الجانبين في مدينة رداع بمحافظة البيضاء وسط اليمن.
وفي سياق آخر، كشفت وزارة الداخلية اليمنية، عن مقتل 19 جندياً في هجوم شنه متشددون من تنظيم القاعدة استهدف بشكل متزامن إدارة الأمن، ونقطتين أمنيتين بمديرية «جبل رأس» في محافظة الحديدة.
وقالت الداخلية إن الهجوم وقع – السبت -، وان المهاجمين نهبوا مخزن الأسلحة واستولوا على أربع آليات عسكرية في إدارة الأمن بالمديرية. كما أحرقوا إحدى المدرعات.
واستقل عناصر «القاعدة» 20 سيارة خلال الهجوم واستعملوا أسلحة خفيفة ومتوسطة ومدافع رشاشة.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق