رئيسي

تونس: انتخابات وشيكة على وقع تهديدات ارهابية، وعودة اركان نظام بن علي

اعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب في تونس عن قرب استكمال التحضيرات للانتخابات التشريعية التي من المقرر ان تجري في 26 تشرين اول (اكتوبر) المقبل. وبحسب بيان للهيئة، ستتنافس 1500 قائمة في الانتخابات التشريعية المقبلة أغلبها قوائم حزبية، بينما كشفت السلطات عن وجود تهديدات وصفتها بـ «الإرهابية» تواجه العملية الانتخابية.

وقالت الهيئة إنها تمكنت من تسجيل أكثر من تسعمائة ألف ناخب منذ فتح باب التسجيل في 25 حزيران (يونيو) الماضي حتى 26 من الشهر الحالي ليتجاوز عدد المسجلين أكثر من خمسة ملايين ناخب. ووصفت ما توصلت إليه بأنه خطوة إيجابية، مشددة على حرصها على إنجاح المراحل المتبقية من العملية الانتخابية.
ومن جهته، اعتبر رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة، ان نجاح التجربة التونسية في الانتقال السياسي مرهون بنجاح الانتخابات وتنظيمها في الآجال التي حددها المجلس التأسيسي. وأشار خلال لقائه المحافظين إلى أن ما وصفه بـ «الإرهاب» هو أهمّ تهديد يواجه هذا الاستحقاق الانتخابي.
بدوره، أفاد وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو بأن وزارته اتخذت بالاشتراك مع وزارة الدفاع وهيئة الانتخابات جملة من الإجراءات لحسن سير العملية الانتخابية. وكشف بن جدو عن وجود تهديدات حقيقية وصفها بـ «الإرهابية»، مؤكداً قدرة السلطات الأمنية على مواجهتها. ولم يوضح الوزير ماهية هذه التهديدات، لكنه قال إن هناك من يخططون للقيام بضربات تستهدف سلامة الانتخابات، مضيفاً أن وزارته لن تمكنهم من ذلك.
وكشف عن تشكيل خلية أزمة بغرض التنسيق بين كل الوزارات خصوصاً الدفاع والداخلية، إضافة إلى تشكيل قوة مشتركة بين الجيش والأمن الداخلي ستنتشر في بؤر التوتر، خصوصاً على الحدود مع الجزائر، حيث يتحصن مسلحون في الجبال هناك.

الانتخابات
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات التشريعية بتونس في 26  تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، تعقبها انتخابات رئاسية في 23  تشرين الثاني (نوفمبر).
وسينتج عن هذه الانتخابات مؤسسات دائمة تنهي المرحلة الانتقالية التي أعقبت اطاحة الرئيس زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير) 2011. والتي طال امدها بعض الشيء، ولم تفلح حتى اللحظة في وضع حد للتهديدات الارهابية التي تقوم بها تنظيمات اسلامية متطرفة.
في الاثناء، تشير التقارير الواردة من العاصمة التونسية الى ان الجدل ما يزال محتدماً على الساحة السياسية لجهة التشكيلة المقبلة للبرلمان المنوي انتخابه. ومع ان البعض يرى ذلك سابقاً لاوانه، هناك من يرى ان المؤشرات تدعو الى الكثير من القلق. حيث لا تزال عودة رموز نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي للمشهد تشكل حالة من الارباك، وتلقي بظلالها على المشهد الانتخابي المنتظر.
وبينما يدفع البعض بان الهيئات الرسمية والانتخابية غطت عملياتها باجراءات قانونية ودستورية ووضعت المزيد من الضوابط لعمليات الترشح. الا ان العملية برمتها ما تزال محفوفة – من وجهة نظر اخرى – بالمزيد من المخاطر. ومن احتمالية تسرب اركان نظام بن علي الى البرلمان المقبل وبالتالي الى مؤسسات الدولة.
مصدر التخوفات دخول بعض رموز حزب التجمع التونسي المنحل من خلال بعض القوائم الانتخابية الحزبية والمستقلة، ما دفع بالبعض الى ابداء التخوف من عودة رموز النظام القديم، ولا سيما في ظل تأخر المحاسبة السياسية.
ومن أبرز الأحزاب التي تضم في صفوفها رموزاً من «الحرس القديم» حزب نداء تونس الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق الباجي قايد السبسي الذي كان عيّن الأمين العام للحزب المنحل محمد الغرياني مستشاراً سياسياً له.

جبهات سياسية
وتشكلت جبهات سياسية بعد الثورة من أحزاب صغيرة، مؤسسوها تقلدوا مناصب مهمة في النظام السابق كحزب «المبادرة الوطنية» الذي يرأسه كمال مرجان آخر وزير خارجية لنظام بن علي. إضافة إلى ائتلاف الحركة الدستورية التي يتزعمها حامد القروي الذي كان وزيراً أول إبان صعود بن علي للحكم بعد انتخابات 1989 وبقي في ذلك المنصب طوال عشر سنوات في فترة عرفت قمعاً شديداً ضد الإسلاميين واليساريين معاً.
وقبل التصديق على الدستور التونسي الجديد في كانون الثاني (يناير) الماضي شهدت الساحة السياسية تجاذبات بشأن مصير رموز النظام السابق، فبينما دعت بعض الأحزاب إلى ضرورة عزلهم لمدة زمنية طالبت أحزاب أخرى بالتصالح معهم.
ومن بين الأحزاب التي دافعت عن تمكين رموز النظام السابق من المشاركة في الحياة السياسية حزب المبادرة الذي يرى ممثله بالمجلس التأسيسي للدستور محمد كريم كريفة أن الإقصاء السياسي إجراء «غير دستوري وعقاب جماعي».
في الوقت نفسه، ارتفعت وتيرة الخوف من تحكم المال السياسي بمجريات الانتخابات، ومن ثم بنتائجها. فقد أثارت استعانة أحزاب سياسية برجال أعمال كبار ووضعهم على رأس القوائم الانتخابية على حساب النشطاء قلقا لدى الناخبين التونسيين الذين باتوا يخشون من تأثير رؤوس الأموال على نزاهة الانتخابات وشفافيتها، فيما أعربت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن تخوفها من خطورة المال السياسي على اتجاهات الرأي العام وعلى نتائج صناديق الاقتراع. ويرى الناخبون أن تنافس الأحزاب السياسية الكبرى، مثل حركة النهضة الإسلامية وحركة نداء تونس، على استقطاب رجال الأعمال وترؤسهم لقوائم انتخابية في جهات لها ثقلها الاقتصادي والسياسي، يعكس عدم ثقتها في عمقها الشعبي، ومؤشر على أن تلك الأحزاب تراهن على المال السياسي لشراء الأصوات أكثر مما تراهن على أصوات أنصارها اقتناعاً ببرامجها.

الخوف من التزوير
ويخشى غالبية التونسيين من تزوير عقول الناخبين من خلال حملات انتخابية غير نزيهة تشحن الناس وتستقطبهم إما بـتوظيف الدين او بتوظيف المال.
ويبدو تأثير المال السياسي أكثر خطورة في المدن الكبرى التي تعتبر خزاناً انتخابياً بامتياز تحسم إلى حد بعيد طبيعة نتائج عملية الاقتراع، مثل مدينة صفاقس التي توصف بالعاصمة الاقتصادية، ومدينة سوسة التي توصف بالعاصمة السياحية، إضافة إلى تونس العاصمة التي تجمع ما بين العامين السياسي والاقتصادي.
ورشحت حركة النهضة ضمن قوائمها الانتخابية 9 رجال أعمال بارزين من بينهم محمد فريخة صاحب شركة «سيفاكس» للطيران وهي أول منافس لشركة الخطوط التونسية المملوكة للدولة في تونس.
وكشفت أسماء رؤساء القوائم الانتخابية لحركة نداء تونس عن ترشيح 7 رجال أعمال، من بينهم منصف السلامي ورضا شرف الدين، اللذان يديران كما من الشركات الاستثمارية الكبرى في مدينة صفاقس وتونس العاصمة ومدن أخرى.
وتسعى كل من حركة النهضة ونداء تونس إلى الاستثمار الانتخابي في رجال الأعمال من خلال الاستفادة من الثقل الذي يحظيان به في ظل غياب شخصيات سياسية موالية لهما تحظى بثقة الناخبين.
وأعرب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار عن تخوفه من تأثير المال السياسي على نزاهة الانتخابات، لافتاً إلى أن هناك تهديداً جدياً لنزاهة الانتخابات وشفافيتها في ظل مراهنة عدد من الأحزاب على رجال الأعمال.

تمديدات ارهابية
في الاثناء، وبينما يحتدم الجدل حول واقع ومستقبل البلاد من زاوية انتخابية، ترتفع وتيرة الخوف من التهديدات الارهابية. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن حجز أسلحة كانت في طريقها إلى جبل الشعانبي حيث تتحصن جماعات إرهابية مسلحة واعتقال 12 عنصراً ارهابياً.
وأفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي خلال مؤتمر صحفي بمقر الوزارة أن وحدات من الحرس حجزت أسلحة وذخيرة ومتفجرات في مدينة بن قردان كان يقلها عنصران على متن شاحنة رباعية الدفع.
وأوضح أن الأسلحة كانت متجهة بداية إلى مدينة سيدي بوزيد وسط تونس ومنها إلى جبل الشعانبي التابع لولاية القصرين غرب البلاد على مقربة من الحدود الجزائرية حيث تتحصن جماعات إرهابية مسلحة.
وتتمثل كمية الأسلحة في 11 قذيفة «آ.ربي.جي» والآلاف من الطلقات النارية والعشرات من القنابل اليدوية وصواعق.
وأوقفت الداخلية التونسية خلال العملية 12 عنصراً إرهابياً بينما نشرت صور اثنين قالت إنهما من العناصر الخطيرة أحدهما جزائري يدعى لقمان أبو صخر والآخر تونسي يدعى محمد علي الغربي، ودعت المواطنين إلى الإدلاء بأي معطيات تساعد على إلقاء القبض عليهما.
وضيقت الأجهزة الأمنية الخناق على كل من يشتبه به في التورط مع الخلايا الإرهابية في أغلب المحافظات وذلك منذ سقوط 15 جندياً في أوسع هجوم ارهابي تقوده جماعات مسلحة بجبل الشعانبي في منتصف تموز (يوليو) الماضي.

تونس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق