افتتاحية

لماذا كل هذا الحرص على النازحين؟

الى متى سيبقى اللبناني يعيش في بلد، لا وجود للدولة فيه. رئاسة الجمهورية تعاني الشغور منذ حوالي الستة اشهر، وقد عشش العنكبوت في قصر بعبدا. المجلس النيابي، معطل بالكامل لا يستطيع التشريع، ولا يقوم بانتخاب رئيس. الحكومة نسمع بها عبر وسائل الاعلام، اما انجازاتها فسراب. الحدود فالتة والتهريب على قدم وساق، وقد أُهدرت مليارات الدولارات على الدعم، لتذهب الاموال الى التجار والمهربين وكلها من اموال المودعين، التي تبخرت اليوم بالكامل. واما اموال اصحاب الصفقات المشبوهة والسرقات فحطت في المصارف الاجنبية في عدد من الدول. الجنوب ساحة يستطيع اي شخص، حتى لو كان ضيفاً، ان يدوس على اصول الضيافة ويعرض مضيفه لحروب لا يريدها، فتعرضه للخراب والدمار. املاكه مستباحة ولا من يحاسب، وفي احسن الاحوال تصدر بيانات وتصريحات لا تقدم ولا تؤخر. ويبقى المعتدي متمسكاً بما ليس له الحق فيه. واخطر مما تقدم وجود نصف عدد السكان من النازحين السوريين، يسرحون ويمرحون، يزداد عددهم في كل يوم، ان لجهة التدفق غير الشرعي وعبر الحدود غير الشرعية، وان عبر الولادات وهي بمعدل ست ولادات مقابل ولادة لبنانية واحدة. يتمترسون وراء الهروب من الحرب في بلادهم، بينما هم في حركة تنقل دائمة بين بلدهم وبلدنا، يأتون في اخر كل شهر ليقبضوا الهبة النعمة التي سقطت عليهم من حيث لم يكونوا يتوقعون، حتى فاق دخلهم الشهري بمرات دخل اللبناني. تنهال عليهم المساعدات من الهيئات الدولية والدول الاوروبية. يسابقون اللبناني على لقمة عيشه، يتاجرون، يدخلون في الصناعة، يعملون في الزراعة وفي مختلف الاعمال، يستهلكون البنى التحية، يحملون لبنان ما لا طاقة له على تحمله يخلون بالامن. وباحصاء بسيط نتبين نسبة السجناء في السجون اللبنانية. وهناك نسبة لا تقل كثيراً ترتكب المخالفات وحتى الجرائم، وتفر الى سوريا.
النازحون السوريون محميون، من الهيئات الدولية مثل منظمة حقوق اللاجئين، ومنظمة حقوق الانسان، والاتحاد الاوروبي وكلها تشارك في دفع الدولارات بسخاء لهؤلاء. فلماذا كل هذا الكرم؟ انه حتماً ليس حباً بهم، بل خوف من ان يغادروا لبنان، ويحولوا انظارهم نحو اوروبا، التي تحارب النزوح بكل ما اوتيت من امكانات. الغرب والامم المتحدة والمنظمات الدولية تعلم جيداً كم هو الحمل ثقيل على بلد مثل لبنان يعاني من ازمات معيشية واقتصادية ومالية يرزح تحتها، دفعت ابناءه الى الهجرة بمئات الالاف حتى فاق عدد المهاجرين عدد الباقين فيه. ومع ذلك لا تزال هذه المؤسسات تشجع النازحين على البقاء، تحت ذريعة ان الوضع غير مستتب في بلدهم، وهي تربط عودتهم بالحل السلمي النهائى في سوريا، حتى تضمن انهم اذا عادوا الى بلدهم لا يفكرون بالهجرة نحو الدول الاوروبية.
لقد حذرنا في السابق، ولكن احداً لم يسمع، الى ان ورد خبر مؤخراً يفيد ان اليونان تعمل على بناء جدار على الحدود بينها وبين تركيا «لمنع المهاجرين من العبور»، لانهم اذا عبروا ووصلوا الى اليونان تفتح امامهم ابواب دول الانحاد الاوروبي، وهذا ما يرفضه الغرب ولو على حساب لبنان المغلوب على امره. اما الحكومة فهي كالعادة تتفرج، تتخبط في مشاكلها ولا تفعل شيئاً. لذلك سيبقى البلد يعاني الى ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة من خارج المنظومة، تتطلع الى مصلحة الوطن وتحرص على سيادته وامنه، وتفرض سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية وتضبط الامن، وتخضع جميع المقيمين على التراب اللبناني لسلطة القانون، وهذا يتطلب السرعة القصوى قبل تفكك لبنان وضياعه. لذلك يتهربون من انتخاب رئيس واعادة البلاد الى كنف الشرعية.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق