رئيسيسياسة عربية

الطائرات الروسية تنتظر توقيع المجلس النيابي على الاتفاقية الدفاعية

عكست زيارة الرئيس ميشال سليمان الى موسكو مدى الاهتمام الروسي بلبنان وبموضوع الشرق الاوسط والاقليات فيه، لا سيما المسيحية. فالزيارة التي كانت خاصة لتسلم جائزة المؤسسة الدولية لوحدة الشعوب الارثوذكسية التي انشأها بطريرك موسكو وكل روسيا، الراحل الكسي الثاني، تحولت الى زيارة دولة بامتياز.

بعدما تريث المسؤولون الروس في تحديد مواعيد لاستقبال الرئيس سليمان انهالت على دوائر البروتوكول في القصر الجمهوري قبل اسبوع من موعد الزيارة طلبات مواعيد رسمية. لقد شكلت الزيارة محطة مهمة في العلاقات بين لبنان وروسيا ترجمتها الحفاوة التي حظي بها الرئيس سليمان والوفد المرافق، وبدت الزيارة مميزة واستثنائية. اجتمع الرئيس سليمان مع الرئيس فلاديمير بوتين في دارته خارج موسكو ومع رئيس الحكومة ديمتري مدفيديف ورئيس الدوما ووزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه مخايل بوغدانوف. وقال احد المطلعين ان الزيارة اعادت لبنان الى الخريطة الدولية عبر بوابة موسكو، فالاهتمام اللافت بالرئيس سليمان من قبل المسؤولين الروس في هذا الظرف اوحى بما لا يقبل الشك بانه هو المرجعية لمسيحيي الشرق. فالزيارة هي الاولى لرئيس عربي بعد انتخاب بوتين. وجاءت في سياق انفتاح روسي على لبنان.

اهتمام بوضع سوريا
يبدي المسؤولون الروس اهتماماً بالوضع في سوريا ويعمل وزير الخارجية مع نائبه على دعوة الائتلاف الوطني السوري الى موسكو للتشاور، انطلاقاً من رغبة الروس في توحيد موقف المعارضة، لان لا حل الا عبر الحوار والتفاوض بين اهل النظام والمعارضة، بعد توحيد مكوناتها ومن دون شروط. ويرى الروس ان استمرار المواجهات قد يترك تداعيات على دول الجوار، وقد يفسح المجال امام قيام تنظيمات اصولية ومتطرفة، وقد تتحول سوريا الى ساحة مستباحة للجهاديين واهل النصرة. وينطلق الموقف الروسي من الملف السوري من تمسك روسيا بحليفها الاساسي في المنطقة انطلاقاً من مصالح مشتركة ومن المحافظة على قواعد عسكرية روسية في سوريا، وتجنب خسارة حليف اقليمي منه تطل على المنطقة، وتتجنب ان يتم التعاطي معها كما حصل في ليبيا عندما تفرد الشركاء الدوليون، ولا تريد تكرار الامر وتفضل الحل الداخلي، وتتصرف على انها راعية الاقليات في المنطقة مع الربيع العربي والخوف على مصير هؤلاء.
بدأ برنامج الزيارة كنسياً بمأدبة اقامها بطريرك موسكو وكل روسيا كيريل الاول على شرف الرئيس سليمان والوفد المرافق في الكرملين فالقى كلمة رحب فيها بالضيف واصفاً اياه بانه رجل الحوار والوفاق، مثنياً على الدور الذي يؤديه في مجال التطوير السلمي للبنان والجهود التي يبذلها في تأييد الحوار المسيحي – الاسلامي وتعزيز الوحدة بين اللبنانيين وتقديم المساعدة للنازحين السوريين. واقام المعتمد البطريركي الانطاكي لدى بطريرك روسيا نيفون  صيقلي مأدبة غداء على شرف الرئيس سليمان دعا اليها السلك الديبلوماسي العربي والاجنبي. وقال الرئيس سليمان رداً على كلمات الترحيب به «ان سعيكم لوحدة الامم الارثوذكسية على مقاصد الخير هو الخطوة على طريق توحيد مختلف الامم على قاعدة الايمان بمبادىء ومثل سامية والسعي المشترك لتحقيق السلام والعدالة والكرامة الانسانية في وقت ما زالت آفات الظلم والعوز والمرض والحروب ومخاطرها تهدد البشرية جمعاء. واعتبر انه يقع على لبنان والرئيس المسيحي فيه مسؤولية ضمان مسيحيي الشرق مدعوماً من الطوائف الاسلامية ومعولاً على الدور الكبير الذي يمكن ان تؤديه روسيا في هذا الاطار، مشدداً على جعل لبنان مركزاً لحوار الحضارات والاديان».

اربعة محاور
ماذا تناولت محادثات سليمان مع المسؤولين الروس، وهل سيكون لما جرى متابعة عبر وفود روسية واخرى لبنانية؟ تقول اوساط الوفد اللبناني ان المحادثات اللبنانية – الروسية تناولت جملة مواضيع لبنانية واقليمية، وتمحورت حول اربعة محاور اساسية هي:
1- العلاقات اللبنانية – الروسية: اكد الجانب الروسي الاستعداد لمساعدة لبنان في شتى المجالات لا سيما العسكرية، بعدما صادق مجلس الدوما على اتفاقية التعاون العسكري التي تشمل العتاد والتدريب والتأهيل، وعلى جهوزية موسكو لتلبية اي طلب لبناني، «فالمساعدات العسكرية من طائرات وغيرها جاهزة، ونحن ننتظر ان يصادق مجلس النواب اللبناني على الاتفاقية». وابدى الجانب الروسي الاستعداد لاعادة تشغيل سكة الحديد والاهتمام بملفي الكهرباء واستخراج الغاز والنفط  من خلال وفود قد تزور لبنان لاحقاً لمتابعة البحث في هذه الملفات.
2- الوضع في المنطقة: شرح الجانب الروسي الموقف مما يجري في سوريا والتمسك بالحل السلمي بمشاركة الجميع من دون شروط مسبقة كتنحي الرئيس بشار الاسد، مؤكداً التزام موسكو اتفاق جنيف رافضاً ان يتكرر ما حصل في ليبيا ودعا الى الحوار بين المعارضة واهل النظام واشار الى ان الائتلاف سيزور موسكو قريباً للتشاور.
3- النازحون: استأثر الموضوع باهتمام المسؤولين الروس الذين حاولوا معرفة عدد النازحين والحاجة للمساعدة وطرحوا اسئلة استفسارية حول هذا الموضوع مؤكدين استعدادهم لتقديم مساعدات مالية مباشرة الى النازحين عبر الدولة وليس عبر المجالس او التنظيمات.
4- الاقليات: ابدى الجانب الروسي اهتمامه بالاقليات في المنطقة مؤكداً انه يلعب دور الحامي لها بعدما تخلى الغرب عنها. ودعا الدول العربية الى ان تحذو حذو لبنان بالنأي بالنفس. وعليها  بعد الربيع العربي تجنب قيام انظمة متطرفة بل ان يتم التحول نحو الديموقراطية. وشرح الرئيس سليمان نظرته الى وضع الاقليات معيداً موقفه في قمة بغداد الاخيرة داعياً الانظمة العربية الى  اشراك كل مكونات المجتمع في السلطة  دون النظر الى العدد بل الى ما تحمله هذه المكونات من حضارة وتراث وتاريخ. ووجه الرئيس سليمان دعوة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة لبنان فقبلها على ان يتم تحديد موعدها لاحقاً وفق اجندة الرئيسين.
ووصفت مصادر ديبلوماسية عربية في موسكو زيارة الرئيس اللبناني الى موسكو في هذا الظرف بالمهمة لانها تعمل على تعزيز العلاقات بين روسيا ودول المنطقة من خلال موقع لبنان ورئيسه والدور الذي يلعبه بين نظرائه العرب
 


موسكو – فيليب ابي عقل
 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق