أبرز الأخبارسياسة عربية

انتفاضة جديدة عنوانها الاقصى: الفلسطينيون نحو اعلان دولتهم والاردن يلوح بمراجعة «وادي عربة»

خلافاً لما تدعيه في العلن من ان ما يجري في القدس انما هو ممارسات فردية، ونشاطات حزبية، و«مشاريع توراتية»، بدا واضحاً ان احداث القدس تشكل جزءاً رئيسياً من مخططات رسمية تضعها حكومة اليمين المتطرفة، وتنفذها الدولة بعناصرها كافة. بما في ذلك التنظيمات المتطرفة التي تستند الحكومة الى ائتلافها الحزبي.

مبررات تلك القناعة ما تحظى به تلك التنظيمات المتطرفة من حماية ورعاية، تقابلها ممارسات قمعية ضد اصحاب المكان من العرب الفلسطينيين. ولعل في التطورات الجارية في القدس ما يعزز تلك الفرضية. فبعد اقل من يومين على اتفاق اردني – اسرائيلي على فتح ابواب المسجد الاقصى امام المصلين المسلمين، عادت سلطات الاحتلال الى اغلاقه بعد ان سمحت لمتطرفين يهود بالدخول اليه والعبث بمحتوياته، وقيام الجيش بمنع المصلين ثانية من الدخول والصلاة.
وبالتزامن، تم الكشف عن مشروع قانون اسرائيلي ينص على تقاسم المسجد الاقصى ما بين اليهود والمسلمين. وبحيث يكون التقاسم زمانياً ومكانياً. اضافة الى مواصلة اعمال الحفر تحت اساسات المسجد، وتعريضه لخطر الانهيار. وفي هذا السياق تشير التقارير الفن
ية الى ان المسجد الاقصى معرض للانهيار في اية لحظة، وبمجرد حدوث هزة ارضية، او ازالة بعض الدعامات المقامة تحت قواعدة.

تنكر للاتفاقات
الممارسات الاسرائيلية تنكرت لاتفاقات مع الجانب الاردني يعود بعضها الى معاهدة وادي عربة، وبعضها الاخر الى اتفاقات لاحقة مضمونها تبعية الاماكن المقدسة للجانب الاردني. الممارسات الاسرائيلية برمتها، استثارت غضب الفلسطينيين بشكل عام، ودفعت بالمئات منهم الى الاعتكاف في المسجد الاقصى للدفاع عنه في اية لحظة يقدم المتطرفون فيها على اقتحامه. وبالتزامن، استثارت الغضب الاردني، ما دفع بحكومة المملكة الى تأكيد استعدادها لمراجعة معاهدة السلام الاردنية – الاسرائيلية في حال استمرت تل ابيب بممارساتها تلك. ويبدو ان التطورات بمجملها اسست الى ردة فعل اكثر عمقا مما هو متوقع، حيث تشير التحليلات الى ان الامور تسير في اتجاه اطلاق «انتفاضة جديدة»، وعودة النشاط الانتحاري من قبل اشخاص تطوعوا لهذه الغاية.
ويبدو ان الاستجابة لمثل تلك الطروحات كانت سريعة جداً، حيث نفذ شاب ف
لسطيني عملية دهس ادت الى مقتل اسرائيلي وأصابة 13 آخرين، في شارع «شمعون» بالقرب من الشيخ جراح في القدس. بينما لقي منفذ عملية الدهس مصرعه برصاص جنود الاحتلال.

تفاصيل العملية
وأشارت المواقع العبرية إلى أن اسرائيلياً قتل وأصيب 13 آخرون بينهم اثنان بجراح خطيرة في مستشفى «تشعار تصيدق» وهناك خطورة حقيقة على حياتهما في حين وصل مستشفى هداسا عين كارم اثنان من المصابين وصفت جراحهما بالخطيرة، وواحد متوسط والاخرون بسيطة.
وأفادت مصادر أن منفذ العملية هو إبرهيم محمد داود العكاري ( 48 عاماً)، والذي لقي مصرعه برصاص جنود الاحتلال.
وفي تفاصيل العملية ذكرت المصادر، أن السائق الفلسطيني الذي كان يستقل سيارة تجارية اقتحم موقف القطار الخفيف في شارع «شمعون» في الشيخ جراح، مما تسبب بوقوع اصابات عدة في صفوف الاسرائيليين، وبعد ذلك ترجل من السيارة وأخذ بضرب المارة بقضيب حديد، قبل ان يطلق عليه النار جنود «حرس الحدود».
ووصل الى موقع العملية وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي يتسحاق أهرونوفيتش والقائد العام للشرطة الاسرائيلية ورئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات.
وجاءت العملية بعد ان اقتحم العشرات من المستوطنين اليهود – الاربعاء – باحات المسجد الاقصى تحت حراسة شرطة الاحتلال الاسرائيلي الخاصة.
وقام المستوطنون بجولات استفزازية وطقوس تلمودية داخل باحات المسجد استفزت مشاعر المرابطين والمعتكفين في المسجد، وتصدى لهم المرابطون في المسجد بالتكبير والتهليل الا ان تدخل الشرطة الاسرائيلية واستعمال القوة مع المرابطين ادى الى اندلاع مواجهات مع الشرطة .
واطلقت شرطة الاحتلال الاسرائيلي  قنابل الصوت الحارقة والرصاص المطاطي بكثافة لتفريق المرابطين ومطاردتهم الى داخل المسجد القبلي وحصارهم فيه واطلاق قنابل الغاز داخل المسجد، واصيب عدد من المرابطين بحالات من الاختناق جراء استنشاق الغاز.
الى ذلك اغلقت شرطة الاحتلال الاسرائيلي – منذ صباح الاربعاء – جميع ابواب المسجد الاقصى امام المصلين وطلبة العلم، ومنعت جميع المسلمين من مختلف الاعمار والجنسيات من دخوله لاداء الصلاة.
وكانت شرطة الاحتلال  كثفت من تواجدها في محيط المسجد وعند ابوابه منذ الثلاثاء، تمهيداً لاغلاقه وسط دعوات من المستوطنين اليهود المتشددين لاقتحامه.

عمان تستدعي سفيرها
وفي عمان، استدعت الحكومة الاردنية سفيرها في تل ابيب وليد عبيدات «للتشاور» احتجاجاً على التصعيد الاسرائيلي المتزايد وغير المسبوق للحرم القدسي الشريف، والانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للقدس.
واوعز رئيس الوزراء الاردني الدكتور عبدالله النسور الى وزير الخارجية، بتقديم شكوى فورية الى مجلس الأمن الدولي، ازاء الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف.
وباشرت البعثة الاردنية لدى الامم المتحدة، باتخاذ الاجراءات الدبلوماسية اللازمة لتقديم الشكوى الى مجلس الأمن الدولي.
وفي الاثناء، قال الأردن إنه سيراجع كل بنود العلاقات مع إسرائيل بما في ذلك اتفاق السلام بين البلدين «اتفاق وادي عربة»، وذلك بعد إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى واقتحام متطرفين يهود باحاته ودخول الجنود إلى المسجد، الأمر الذي دفع بعمان إلى استدعاء سفيرها بإسرائيل. ولم يصدر عن الحكومة أي موقف يتعلق بالسفير الإسرائيلي في عمان. حيث تطالب أحزاب ونقابات وقوى سياسية أردنية الحكومة بطرد السفير الإسرائيلي من عمان واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب وقطع العلاقات الأردنية – الإسرائيلية رداً على الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة بحق القدس والمسجد الأقصى.

استفزاز
في الاثناء، تواصل اسرائيل استخدام جميع وسائل التصعيد والاستفزاز ضد الجانب الفلسطيني، بما في ذلك التنكر لاية حقوق نصت عليها الشرائع الدولية. فاضافة الى القانون الذي ينص على تقاسم المسجد الاقصى، والذي اعلنت جميع المرجعيات العربية رفضه، صادق الكنيست الاسرائيلي على قانون يحظر العفو عن معتقلين فلسطينيين في اطار اتفاقات سياسية او لتبادل الاسرى. ما يعني التنكر لاتفاقيات تم ابرامها، ومنها اتفاقية وقف اطلاق النار في قطاع غزة.
ونال القانون تأييد 35 نائباً مقابل 15 معارضاً وقال المتحدث باسم الكنيست، ان مشروع القانون يمنح القضاة صلاحية وصف ادانة شخص متهم «بارتكاب عملية قتل في ظروف خطيرة استثنائية»، ما سيمنع الحكومة من اطلاق سراحهم.
واكد المدافعون عن القانون انه سيمنع اطلاق سراح «الارهابيين» في اطار عمليات تبادل الاسرى او الاتفاقات السياسية.
وتم تقديم مشروع القانون اثر قيام الحكومة الاسرائيلية باطلاق سراح 78 معتقلاً فلسطينياً في اطار اتفاق استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين برعاية وزير الخارجية الاميركي جون كيري.
وكانت اسرائيل وافقت لدى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين في تموز (يوليو) 2013 على اطلاق سراح 104 اسرى فلسطينيين اعتقلوا قبل اتفاقات اوسلو للسلام في 1993 وذلك على اربع دفعات. لكن الجولة الاخيرة من المفاوضات انهارت بعد رفض اسرائيل الافراج عن الدفعة الرابعة والاخيرة من الاسرى الفلسطينيين وعددهم 26 اسيراً.
وضمن الممارسات الاستفزازية، وفي إطار الخطة الاسرائيلية لتهويد القدس المحتلة اقرت لجنة التخطيط اللوائية في جلسة طارئة، وبتعليمات مباشرة من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، مخططاً لبناء 660 وحدة استيطانية على أراض تابعة لسكان قريتي بيت حنينا وشعفاط شمال مدينة القدس المحتلة.

جلسة طارئة
وكشفت مصادر إسرائيلية، أن أعضاء لجنة التخطيط تلقوا تعليمات من مكتب نتانياهو بعقد جلسة طارئة لإقرار مخطط لبناء 660 وحدة سكنية في الحي الاستيطاني «رامات شلومو».
ويقام المخطط خلف الخط الأخضر – اي في اراضي القدس المحتلة المخصصة كعاصمة للدولة الفلسطينية حسب اتفاق اوسلو – على 76 دونماً.
واضافة الى هذا المشروع، اوعز نتانياهو بدفع مخططات استيطانية لاقامة 400 وحدة سكنية في الحي الاستيطاني «هار حوما» في جبل أبو غنيم. اضافة الى مخططات لمشاريع بنى تحتية واسعة في المستوطنات في الضفة الغربية.
من جهتها، دعت الولايات المتحدة كل الاطراف الى «ضبط النفس» في القدس الشرقية حيث تصاعدت حدة التوتر اثر اغلاق اسرائيل باحة المسجد الاقصى، ودعت الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني اضافة الى الاردن لإعادة الهدوء.
ودعا وزير الخارجية الاميركي جون كيري، اسرائيل الى اعادة فتح المسجد الاقصى امام جميع المسلمين.
وفي سياق آخر، تقدمت السلطة الوطنية الفلسطينية بطلب الى اسرائيل لفتح معبر آخر لإدخال البضائع ومواد الإعمار لقطاع غزة.
وقال وزير الشؤون الامنية اللواء حسين الشيخ عضو مركزية فتح أن إسرائيل وافقت حتى الآن على توسيع معبر كرم أبو سالم ليستوعب إدخال 700 شاحنة يومياً. وهو المعبر الوحيد الذي يدخل جزءاً بسيطاً من احتياجات القطاع من مواد غذائية ووقود وبضائع.
واكد الشيخ انه منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم يدخل الاحتلال إلا 400 طن من الأسمنت من خلال معبر أبو سالم والتي تزامنت مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للقطاع.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق