سياسة لبنانية

لا قرار لدى المستقبل حتى الآن في الملف الرئاسي

عشية الجلسات المكشوفة والمفتوحة للحوار الوطني، عقدت كتلة المستقبل جلسة مغلقة بدت كأنها تحضير وإعداد للموقف السياسي على طاولة الحوار. هذه الجلسة التي ترأسها الرئيس سعد الحريري وامتدت لأربع ساعات، لم يصدر عنها أي بيان كما لم تصل الى أي قرار حاسم ونهائي في شأن الملف الرئاسي، بما في ذلك الموقف من تأييد عون لرئاسة الجمهورية، حيث ظهرت أكثرية غير محبذة لهذا الخيار، ولكن لم يتم اعتماد أي قرار نهائي بعدما أخذ الحريري علما بكل الآراء والتوجهات… صحيفة «الحياة» نشرت تقريراً موجزاً عن المداولات والنقاشات التي جرت في هذه الجلسة، والتي توزعت على جزئين:
– في الجزء الأول طرح الحريري المبادرات منذ بداية الشغور الرئاسي وصولاً الى ما استقر الوضع عليه من مراوحة قاتلة، وبادر إلى القول لأعضاء الكتلة أنه أمام انسداد أفق الحلول باتت هناك 3 خيارات مطروحة:
1- أن يستمر الوضع على ما هو عليه من مراوحة وجمود.
2- أن نتخذ قراراً بالخروج من الحكومة وأن نمارس موقفنا السياسي الرافض للوضع القائم من خارجها ونقاوم محاولات استباحة البلد وإبقائه مشلولاً. لكن أمام هذا الخيار أخطاراً معروفة لجهة تعميم الفراغ في السلطة، إضافة إلى الفراغ الرئاسي.
3- أن نفكر بمخارج جديدة والبعض يطرح أن نلجأ إلى تأييد (زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال) عون.
الحريري أبلغ نواب الكتلة أنه يرغب في سماع آرائهم في هذه الخيارات وأنه يعتقد أن على «المستقبل» أن ينطلق من أن هذا الوضع الذي نحن فيه لا يمكن أن يستمر على هذا المنوال لأن الستاتيكو الحالي مسيء للبلد وللتيار. وأردف الحريري: نحن قمنا بما علينا من مبادرات لإخراج البلد من المأزق لكننا لم نلقَ التجاوب المطلوب، لكن لا يمكننا أن نبقى في حال استنزاف وتآكل تزيد من تدهور الوضع في البلد.
وحسب مصادر في الاجتماع، إن الحريري بدا كأنه يقول بأنه بعد مضي أشهر على طرحه خيار تأييد ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، لم يلق تجاوباً من حزب الله، الذي هو حليفه، وبالتالي فإن رئيس البرلمان نبيه بري لم يتمكن من تسويق هذا الخيار مع الحزب.
وأفضى الاجتماع إلى وجود اتجاهات عدة في مقاربة الأمور، يمكن تلخيصها كالآتي:
– اتجاه يقول بالسعي إلى البحث عن خيار مرشح رابع (بعد خيار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ثم خيار فرنجية وخيار عون) وطرح البعض أمثلة عن بعض الأسماء، لكن هذا الخيار لم يتم التوقف عنده كثيراً.
– البقاء على الوضع الحالي لأن حزب الله لا يريد ملء الفراغ الرئاسي ويتركه ورقة للمساومة الإيرانية في الإطار الإقليمي. وهو أمر غير متوافر الآن لأن استمرار الهجوم العنيف من الحزب وإيران على المملكة العربية السعودية يوحي باستمرار التصعيد من قبله في شكل يحول دون أي توافق.
وتعددت الحجج بين القائلين بعدم تقديم المزيد من التنازلات للفريق الآخر بحجة أن أي تنازل لا يضمن أن يؤدي إلى وضع أسوأ مما هو عليه البلد الآن، لأن حزب الله يرمي إلى مزيد من وضع يده على البلد منتشياً بالتطورات الإقليمية الحاصلة ولاعتقاده بأنه منتصر في سوريا وغيرها. وبالتالي فإنه إذا أراد أن يعزز قبضته على البلد عبر رئاسة عون للجمهورية علينا ألا نساهم في ذلك بتوقيعنا نحن. وقالت مصادر الكتلة أن أصحاب هذا الاتجاه رأوا أن البلد يمر في مرحلة من الوقت الضائع بالتناغم مع انتظار التطورات الحاصلة في المنطقة، ومن الأفضل أن تعتمد الكتلة سياسة تقطيع الوقت بدورها بالبقاء على ترشيحها للنائب فرنجية وتحميل الفريق الآخر مسؤولية إقفال الطريق على الحلول.
– في الجزء الثاني كانت مداخلات من الحاضرين وتم عرض إمكان الذهاب نحو خيار انتخاب عون لأن الخيارات التي طرحت حتى الآن لم تحدث اختراقاً، لأن حزب الله لم يتلقف هذا الترشيح، وأنه مضت على ترشيح فرنجية أشهر من دون أي تقدم فيما الاستنزاف يصيب البلد لا سيما جمهور «المستقبل»، وأن الظرف الإقليمي لا يوحي بأي تغيير في المواقف والموازين قريباً، فيما اللجوء إلى خيار عون في ظل الاتفاق بينه وبين القوات اللبنانية يسمح باستعادة أكثرية المسيحيين نحو إنهاء الفراغ وإطلاق عجلة الدولة.وهذا يكون في مصلحة «المستقبل» لجهة التلاقي مع هذه الأكثرية على الأخذ بخياراتها في السلطة، مع السعي إلى مقاومة وضع اليد على البلد عبر قيام تركيبة جديدة في الحكم.
والاتجاه الغالب في الكتلة كان رافضاً لاعتماد خيار العماد عون. وبالإضافة إلى الحجج المذكورة سابقاً، سأل عدد من النواب ماذا يضمن إذا اتفقنا مع عون أن يتمكن الأخير من الالتزام بما نتفق معه عليه، ومثل التوافق في الدوحة عام 2008 دليل إلى ذلك حيث تنصل حزب الله منه واضطر عون لمراعاته. كما سأل هؤلاء هل الاتفاق مع عون كافٍ أم أن فريق 8 آذار وخصوصاً الحزب سيأخذ رئاسة عون ثم يحول دون ممارسة السلطة دورها ويمنع الحكومة من أن تعمل وتحكم، كما سبق أن حصل بعد الدوحة، فيتنصل عون من هذه الممارسات من دون أن يكون هو في الواجهة؟
ورأى أصحاب هذا الرأي أن لا قيمة لأي اتفاق مع عون، وأن الحزب يطرح السلة لأنه يرمي إلى أن يشمل الاتفاق على حليفه أن يجري اتفاقاً على رئاسة الحكومة ووزرائها وسياستها مسبقاً، بحيث يتم تفريغ النظام الحالي والدستور من مضمونه، ويفرغ الاستشارات النيابية لاختيار الرئيس من دورها ويصبح ذلك سابقة تتحول إلى حق مكتسب نتيجة ظروف قاهرة يمليها الاستقواء بالسلاح، بالإضافة إلى سابقة القبول بمجيء رئيس للجمهورية بالتعيين. وذهب البعض إلى التذكير بأن عون وقادة تياره يتهمون «المستقبل» بـ «الداعشية» خلافاً لما ينقل عنه بأنه يريد التعاون مع الحريري في الحكم لأنه يمثل الاعتدال، فيما رأى بعض النواب أن عون سيسعى تحت عنوان استعادة الحقوق المسلوبة إلى المس بصلاحيات رئاسة الحكومة، متسلحاً بتحالفه مع «القوات اللبنانية»، التي ستراعيه في سياق السباق على الزعامة المسيحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق