سياسة لبنانيةلبنانيات

الحريري… دقت ساعة الحسم والعزوف عن الترشح للانتخابات

مجلس الوزراء يبدأ مناقشة موازنة محشوة بالارقام وقد حولت اللبنانيين الى ارقام

بعد ركود دام اكثر من شهرين بسبب تعطيل مجلس الوزراء الذي احدث شللاً في جميع المرافق الرسمية، عادت الحرارة تدب في الساحة السياسية، التي تشهد اليوم تحركين بارزين يتمثل الاول بالقرار الذي سيعلنه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والمتعلق بخوضه الانتخابات او عزوفه عن الترشح وما له من انعكاسات. اما الحدث الثاني فيتمثل باجتماع مجلس الوزراء لاول مرة بعد الانهاء المشروط للتعطيل لمناقشة الموازنة العامة.
عاد الرئيس سعد الحريري في نهاية الاسبوع الى بيروت بعد غياب استمر اشهراً عقب تقديم اعتذاره عن تشكيل الحكومة. وكانت قد سبقته شائعات تقول انه سيعزف عن الترشح للانتخابات، ويترك الحرية لنواب كتلة تيار المستقبل في خوض المعركة الانتخابية او العزوف عنها. وجاء اعلان الرئيس تمام سلام عزوفه عن الترشح تاركاً الساحة للتغيير كما قال، ليقوي من الشائعات التي طاولت الرئيس الحريري. كذلك تردد ان الرئيس نجيب ميقاتي قد يخطو خطوة مماثلة ويلحق به الرئيس فؤاد السنيورة، وبذلك يصبح اعضاء نادي رؤساء الحكومات خارج اللعبة الانتخابية. وهذا اذا صدق وتم، تكون له دلالات كبيرة. اذ ان زعماء الصف الاول في الطائفة السنية الكريمة يضحون خارج الحركة السياسية المباشرة. فهل يكون ذلك اذا تم، نتيجة قرف او احتجاج، او استنكار لما يجري؟ الجواب يتظهر في الساعات والايام المقبلة وان كانت التوقعات غير بعيدة عن الواقع.
من ناحية مجلس الوزراء يبدأ اليوم مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة. التي سبقتها تسريبات كشفت عن بعض مضمونها. فهي تتألف من حوالي 1300 صفحة، بالطبع لن يستطيع الوزراء قراءتها كلها في 48 ساعة واستيعاب ما فيها، وبالتالي كيف ستكون المناقشات؟ والموازنة كما تردد محشوة بالارقام التي تغرق الشعب اللبناني، وقد تحوله كله الى ارقام في نظر السلطة، وهي تحمل المزيد من الرسوم والضرائب والمصائب التي ستهبط على رؤوس المواطنين، والتي ستصعب حياتهم الى حد جعلها مستحيلة. والخطير في الموضوع ان هذا السيل من الزيادات، لا يقابله اي تقديمات، باستثناء الكلام المعسول والوعود التي تبقى حبراً على ورق. حتى مراقبة الاسعار، مقتصرة على التصريحات والبيانات. اما الفعل فمعدوم. هل تعلم مثلاً وزارة الاقتصاد انها حددت سعر ربطة الخبر بثمانية الاف ليرة، فاذا بها تباع في احد الميني – ماركت بعشرة الاف وخمسماية ليرة؟ ان اصدار القرارات يجب ان ترافقه مقومات الحماية لكي يحترمه الجميع، والا يصبح بلا فائدة. الصراخ يعلو من كل الجهات وعبر كل شاشات التلفزة عن رفض السوبرماركت تخفيض الاسعار تمشياً مع خفض سعر الدولار. فما هي التدابير التي اتخذت لارغام الجشعين على احترام قرارات الدولة؟
يتحدثون اليوم عن تسوية ما خلفته ايديهم. انهم يلفون ويدورون ويحاولون القاء الحمل الثقيل على المواطنين. فالتجار يتطلعون الى المواطن، وكذلك يفعل المحتكرون والجشعون، والمحلات التجارية والسوبرماركت والدولة ايضاً التي تساعدهم على مد ايديهم كلهم الى جيوب المواطنين التي افرغوها من كل محتوياتها وساووها بخزينة الدولة. هل سألوا انفسهم يوماً من اين يأتي المواطن بالمال لتسديد كل هذه المستحقات التي يفرضونها عليه؟ هل زادوا اجره ليتماشى مع ارتفاع سعر الدولار؟ هل امنوا له فرص العمل، ام انهم رموه في البطالة حتى اصبح اكثر من نصف اليد العاملة عاطلة عن العمل، هل منحوه التقديمات والمساعدات ليتمكن من تجاوز الازمة؟ بالطبع لا! ولو كانوا يطرحون على انفسهم هذه الاسئلة لربما كانوا عادوا الى ضميرهم، ورحموا الناس من ظلمهم. ان كل ما يعاني منه المواطنون اليوم هو من صنع ايدي هذه الطبقة السياسية التي دمرت كل من حولها حماية لمصالحها وحصصها ومكاسبها، البعيدة كل البعد عن مصالح الناس.
والمصيبة الكبرى هي عندما يتحدثون عن توزيع الخسائر انهم يريدون تحميل المودعين القسط الاكبر من الديون، وقد بدأوا بطرقهم الملتوية الاقتطاع من هذه الاموال، من خلال تعاميم كان يصدرها مصرف لبنان مثل التعميم 151 و158 و161 وغيرها. ماذا يعني ان يدفعوا للناس 3900 ليرة بدل دولار يدفعه اللبناني، فيما السعر الحقيقي في السوق السوداء وهم ليسوا بعيدين عنها، فوق العشرين الف ليرة. افلا يكونون يقتطعون من ودائع الناس؟ لقد سددوا قسطاً كبيراً من ديون الدولة من جيب المودعين ولم يشبعوا، وهم يريدون المزيد.
اننا نشفق على هذا الشعب ونحن منه، ولكن الحق كل الحق عليه. لماذا لا يثور ويحصل على حقوقه كاملة من هذه الطبقة التي لا ترحم. لقد تحدثوا عن ثورة 17 تشرين، فشوهوا معنى الثورة. لقد كانوا يتحركون لساعات معدودة في الاسبوع، فينزلون الى الشارع ويلقون الحجارة على القوى الامنية ثم يعودون الى منازلهم وكأن هذه القوى هي التي افقرتهم. كفوا عن الشكوى وثوروا بكل ما للكلمة من معنى فتصلوا الى حقوقكم كاملة والا استمروا في عد الضربات التي تتساقط على رؤوسكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق