رئيسيسياسة عربية

الاردن: «ازمة الباتريوت» تشعل الازمة الصامتة مع سوريا

يبدو ان الازمة القائمة بين الاردن من جهة، وكل من سوريا وروسيا من جهة اخرى، قد خرجت عن اطار الصمت، ودخلت مجال الحملات الاعلامية في العديد من جوانبها.

الازمة – وان كانت قديمة بعض الشيء – وتتعلق بتداعيات الملف السوري، الا انها تطورت بشكل سريع على خلفية التوافق الاميركي – الاردني بنصب صواريخ باتريوت على الارض الاردنية، والقرار الاميركي بتزويد الاردن بطائرات «اف – 16» المقاتلة. وزاد من حدة الازمة مناورات «الاسد المتأهب» التي تجري على الارض الاردنية ويشارك فيها 15 الف جندي وضابط ينتمون الى جيوش من  19 دولة صديقة، وهي المناورات التي تزامن موعدها الدوري مع تلك التداعيات، والتي يروج السوريون لها من زاوية انها تستهدف بلادهم. بينما تؤكد عمان انها مناورات دورية تجري كل عام منذ زمن طويل، ومنذ ما قبل نشوب الازمة السورية.
فبالتزامن مع تصاعد القتال في سوريا، وانطلاق مناورات الاسد المتأهب، أعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل عن إرسال صواريخ باتريوت، وطائرات مقاتلة من طراز أف – 16 إلى الأردن، بهدف معلن يتمثل بإجراء تدريبات عسكرية مشتركة. وآخر يتمثل بتغطية احتياجات المملكة للدفاع عن امنها.
ومع ان مصادر اميركية اشارت الى ان تلك الاسلحة يجري شحنها الى الاردن بغرض المشاركة في التدريبات العسكرية الدولية «الأسد المتأهب»، إلا أن محللين يرون بأن الخطوة رسالة إلى المنطقة بكاملها، وهي التأكيدات عينها التي اطلقها المتحدث باسم القيادة المركزية في الجيش الأميركي، الكولونيل، تي جي تايلور، الذي اشار الى انه «من أجل تدعيم القدرات الدفاعية للأردن، فسيبقى بعض هذه الأسلحة على الأرض الأردنية بعد انتهاء التدريبات وبموافقة من الحكومة الأردنية».
وتتماشى مع تأكيدات اطلقها رئيس الوزراء الاردني الدكتور عبدالله النسور عشية اجتماع «أصدقاء سوريا»، الذي عقد أخيراً في الأردن، وهي تشير الى رغبة اردنية في نشر صواريخ «باتريوت» على الشريط الحدودي مع سوريا.

مواجهة التداعيات
وفي الموقف عينه، أكّد النسور أن بلاده على أهبة الاستعداد لمواجهة أية تداعيات قد تحصل على الأراضي السورية، في حال حدوث تدخل خارجي، مشدداً على أن الأردن لن يشارك في أي عمل ضد سوريا.
وقتها، قال النسور: إن المملكة بحاجة إلى الاسلحة الدفاعية بما في ذلك صواريخ «باتريوت»، حتى في الظروف العادية. واضاف: نرحّب بـ «الباتريوت» لحماية أجوائنا من أي هجوم يأتي من أي جهة كانت.
 وعودة الى المصدر الأميركي، حيث اكد أن صواريخ الباتريوت ستقدم دعماً للدفاعات الصاروخية في الأردن، في الوقت الذي تتنامى المخاوف الدولية من استمرار شحن النظام السوري أسلحة إلى حزب الله اللبناني والمخاوف من استخدامها ضد عدد من الأهداف في المنطقة.
ومن جانبه، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني في تصريحات صحافية: «إن ذلك يأتي في سياق التعاون العسكري المستمر بين الولايات المتحدة الأميركية والأردن في المجالات الدفاعية والعسكرية». وقال، ان الاتفاق جاء حصيلة المناقشات والمداولات التي جرت في الأسابيع الماضية.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت عن إرسال 200  خبير عسكري إلى الأردن، تابعين للقيادة العامة للواء المدرع الأول في الجيش الأميركي لمساعدة الجيش الأردني على الاستعداد في حال نشبت حرب استخدم فيها السلاح الكيميائي.
روسيا من جهتها، سارعت الى إدانة نشر تلك الصواريخ، واتهمت الغرب بإرسال أسلحة لإشعال الحرب الأهلية في سوريا، متجاهلة شحنات الاسلحة الروسية المتواصلة الى سوريا.
وتعليقاً على تسلم الاردن تلك الصواريخ، اتهمت روسيا البلدان الغربية بأنها «تكدس الاسلحة في منطقة متفجرة». واعلنت وزارة الخارجية الروسية  في بيان لها أن «بطاريات من هذا النوع شبيهة بصواريخ اس-300 التي يمكن ان تسلمها روسيا الى سوريا. وان الباتريوت نشرت في تركيا منذ بداية السنة. وتنتشر هناك ايضاً طائرات مطاردة للحلف الاطلسي». واعتبرت الوزارة ان الغرب يكدس الاسلحة في منطقة متفجرة. وان الاسلحة تنتشر على مقربة من سوريا التي تشهد نزاعاً مدمراً منذ اكثر من سنتين. واشارت الوزارة الى ان روسيا تسعى الى انهاء النزاع مع شركائها الاميركيين من خلال اقتراح عقد مؤتمر سلام في اقرب وقت ممكن.

اعتراض روسي
الى ذلك، وبينما يمضي الاردن في تلك الخطوات، تبدي روسيا اعتراضاً على ذلك. وترى سوريا ان ما يجري يشكل تهديداً لأمنها، وتتهم الاردن بالعمل على التدخل في شؤونها الداخلية، الامر الذي ترفضه عمان بشكل قاطع.
فقد رفض الأردن، وعلى لسان وزير الدولة للاعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية، الدكتور محمد المومني، الانتقادات التي وجهتها روسيا. وقال المومني: «نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، ونرفض تدخل الآخرين في شؤوننا».
ويرى محللون ان نشر صواريخ باتريوت يعتبر امراً مثيراً للجدل بالنسبة الى روسيا الحليف العالمي الرئيسي للاسد، والتي تعتقد بأن الولايات المتحدة وحلفاءها يمكنهم استخدام الصواريخ لفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا مما يؤذن بأول تدخل عسكري مباشر للغرب. وسبق ان جاهرت موسكو بالشكوى العام الماضي عندما نشرت الولايات المتحدة والمانيا وهولندا صواريخ باتريوت على الحدود الشمالية السورية مع تركيا العضو بحلف شمال الاطلسي. وقال الحلف إن الصواريخ ارسلت الى هناك كإجراء احترازي وتحسباً لاطلاق صواريخ عبر الحدود من سوريا. بينما قالت موسكو إن هذه الخطوة كانت عاملاً حاسماً في قرارها المضي في خطط ارسال نظامها الخاص المضاد للطائرات إس – 300 الى حكومة الاسد.
اما في ما يتعلق بالشق الخاص بسوريا، فقد تطورت الازمة باتجاه طرد السفير السوري الذي وجه نقداً شديداً لخطوة نشر الباتريوت، وقال ان لدى بلاده صواريخ «اسكندر» التي تتفوق على الباتريوت، وتتجاوزها. ونشبت ملاسنات بين مسؤولين اردنيين والسفير السوري، دفعت بوزير الخارجية الاردني الى التهديد باعتباره شخصاً غير مرغوب فيه. مفسراً تلك التصريحات بانها تلويح بالاعتداء على الاردن وتهديد امنه. بينما طالب البرلمان الاردني السفير السوري بالاعتذار للدولة الاردنية.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق