أبرز الأخبار

حكومة سياسية جامعة تتولى المرحلة الانتقالية حتى ايلول

هل المخاوف من حصول فراغ في الرئاسة في محلها، ام ان البعض يستخدمها لاغراض سياسية وشخصية بقصد الوصول الى أهدافه؟ وهل هناك فئة من المكونات السياسية تسعى الى الفراغ لطرح عقد مؤتمر تأسيسي لاعادة تكوين السلطة في لبنان على اسس جديدة، انطلاقاً من معطيات متوافرة الان لم تكن موجودة، عند الاتفاق على تعديل الدستور في الطائف وعلى المناصفة؟

اثبتت ازمة الحكم الدائمة التي يعيشها لبنان بعد الطائف الرغبة في هذا الطرح وتفاقمت بعد “الخروج السوري” الذي كان المرجعية، يحسم اي خلاف في ظل افراغ اتفاق الطائف من اية مرجعية، وهذا ما عاناه ويعانيه لبنان في كل مرة يواجه ازمة سياسية فيلجأ الى الخارج الاقليمي او الدولي لحل ازمته؟
ان انشغال الخارج الدولي والاقليمي اليوم بملفات ساخنة ومتفجرة ادى الى وضع الملف اللبناني في الثلاجة لدى واشنطن. ولبنان ليس على جدول الأولويات والاهتمام  في اجندات دول القرار. لقد اتفقت واشنطن وموسكو على ابقاء لبنان خارج دائرة الصراع والتجاذب في المنطقة والمحافظة على الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي فيه، وايدت اعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس، لمنع النار السورية من الانتقال الى الساحة اللبنانية. وعملت مع قوى اخرى دولية واقليمية على تشكيل حكومة سياسية جامعة يتمثل فيها الجميع حتى حزب الله لكي تتحمل المسؤولية في حال تعذر اجراء انتخابات رئاسية في موعدها، بإعتبار ان حكومة نجيب ميقاتي هي من لون واحد وهناك شريحة سياسية كبيرة غير ممثلة فيها، وبالتالي لا يمكنها تولي صلاحيات الرئاسة. وقد ضغط الديبلوماسيون على القوى المحلية لتسهيل عملية التأليف. وحصل حراك دولي بإتجاه السعودية وايران لتأمين غطاء لتأليف الحكومة، بعدما تبين ان الساحة اللبنانية شديدة التأثر بالتطورات في المنطقة، وان النفوذ السعودي-الايراني على الساحة ظاهر وغير خاف على عواصم القرار وان اي انفراج في العلاقات بين الرياض وطهران ينعكس ايجاباً في الداخل اللبناني.
ويقول احد الديبلوماسيين ان للملف الحكومي شقين: داخلياً وخارجياً والشق الخارجي هو الأكثر تأثيراً. وان تعثر تأليف الحكومة يعود الى عدم وجود انفراج على جبهة س-أ.(السعودية-ايران) كما يقول الرئيس نبيه بري. ويرفض الخارج الدولي والاقليمي فتح موضوع الرئاسة منذ الآن، ويفضل التقيد بخريطة الطريق الموضوعة اي تأليف حكومة تباشر وضع قانون جديد للانتخابات، ثم بت الاستحقاق الرئاسي واجراء انتخابات نيابية في الخريف المقبل. وان فتح ملف الرئاسة منذ الآن قد يعرقل تأليف الحكومة. وقال ديبلوماسي غربي لأحد أركان 8 آذار ان هناك ضرورة للاتفاق على الرئاسة واجراء انتخابات رئاسية مبكرة لأنها هي المدخل لحل الازمة “هناك خريطة طريق يفترض اتباعها: حكومة، رئاسة، انتخابات نيابية”. حتى ان السياسيين الذين يجتمعون مع السفراء في لبنان يلمسون منهم عدم الاهتمام بالملف الرئاسي وعدم وجود اسماء قيد التداول وهذا امر غريب عشية الاستحقاق.
ويفسر ديبلوماسي مطّلع ذلك بأن عواصم القرار لم تتفق بعد على”بروفيل” الرئيس الجديد وعلى دوره ومهمته والمشروع الذي يحمله، لأن رؤية الحل في المنطقة لم تتبلور بعد وان الاتصالات الجارية تهدف الى رسم التصور من خلال انتاج انظمة جديدة في المنطقة تحل محل الانظمة القائمة. ويؤكد ان اتفاق سايكس- بيكو قائم ولا تعديل فيه، وان التغيير الذي يتم التحدث عنه يحصل في الأنظمة التي سيتم انتاجها من خلال  توفير خصوصيات المكونات السياسية والاتنية لكل دولة، وهذا قد يتحقق وفق الديبلوماسي من خلال اعتماد الكونفيديراليات ضمن الحدود الدولية فلا تقسيم في المنطقة بل صياغة جديدة لانظمتها.

حكومة سياسية جامعة
ولأن الصورة لم تتبلور بعد، ينقل سياسي عن مسؤول أميركي قوله: “ان الاوضاع في لبنان معقدة أكثر مما يتصوره اللبنانيون، وان حلها مرتبط بالحل في المنطقة وعلى اللبنانيين ان يكونوا هادئين خلال فترة الانتظار. ان تشكيل حكومة سياسية جامعة مطلب الزامي وعلى الجميع المشاركة فيه لتحمل المسؤولية في هذا الظرف الدقيق. ان مسار التغيير في المنطقة يأخذ طريقه بتأن وعبر الحوار والتفاوض، وليس من خلال السلاح والعنف. فلا تغيير بالسلاح وعبر الانقلابات، وان الجهود مبذولة لوقف الحرب في سوريا وبدء الاطراف التفاوض في اجواء هادئة وضمن هدنة ثابتة”.
امام هذه الصورة الضبابية للوضع في المنطقة يتحدث بعض السياسيين عن سيناريوهات عدة منها: تتولى حكومة سياسية جامعة صلاحيات الرئاسة الى ان يحين وقت الانتخاب في ايلول (سبتمبر) المقبل، وقد رفض الرئيس ميشال سليمان اي اقتراح للبقاء ولو لسنة بإنتظار التغيير والحلول في المنطقة. ان نسبة هذا السيناريو مرتفعة، لعدم الاتفاق على الرئيس المقبل سواء بين 8 او 14 آذار او بينهما ولعدم وضوح الرؤية في الخارج الدولي والاقليمي. ان اجتماع المسيحيين في بكركي واتفاقهم على اسم للرئيس دفع باتجاه ملء الفراغ. وهناك حالة اخرى هي حصول اتفاق سني- شيعي اي (س-أ.) عندها تجري الانتخابات. وما عدا ذلك فإن حظوظ الانتخابات معدومة، لأن ارساء قواعد التغيير في المنطقة يحتاج الى اشهر ان لم يكن الى سنوات. لقد تزامن الاستحقاق الرئاسي مع السعي لارساء اسس التغيير في المنطقة من العراق الى مصر الى سوريا الى اليمن  وغيرها من الدول بما فيها دول المغرب العربي. فهل تتولى حكومة ميقاتي صلاحيات الرئاسة ام يشكل سلام حكومة سياسية يسعى لحصولها على ثقة المجلس، وعدم استقالة وزراء 8 آذار منها تضامناً مع العماد ميشال عون لرفضه المداورة. وهل ستنجح الاتصالات التي تجري بعيداً عن الانظار بين مسؤولين اميركيين وايرانيين في احدى العواصم العربية في ايجاد تسوية للبنان تخرجه من ازمته، وتشكيل حكومة تعمل على تحصين الساحة في وجه المخطط الارهابي الانتحاري الذي يستهدفه من خلال استهداف حزب الله؟ وهل ستقنع ايران الحزب بسحب مقاتليه من سوريا كخطوة اساسية للتلاقي مع تيار المستقبل مقدمة للقاء بين الرئيس سعد الحريري والامين العام للحزب حسن نصرالله يعتبر الاشارة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين السعودية وايران؟ قد يكون الموضوع في صلب محادثات الرئيس باراك اوباما مع العاهل السعودي الملك عبدلله بن عبد العزيز خلال الشهر المقبل في الرياض.

ف.ا.ع

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق