دولياتعالم

الإسلام والهجرة أهم محاور أول مناظرة بين أبرز خمسة مرشحين للرئاسة الفرنسية

تخللت المناظرة التلفزيونية التي جرت مساء الاثنين بين أبرز خمسة مرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية، وهي فريدة من نوعها، مشادات كلامية عدة حول مواضيع متنوعة منها الإسلام والهجرة. واستمرت المناظرة أكثر من ثلاث ساعات.

كان موضوعا الإسلام والهجرة حاضرين بقوة خلال المناظرة التلفزيونية الاولى بين المرشحين الخمسة الرئيسيين للانتخابات الرئاسية الفرنسية، وهم فرانسوا فيون (يمين) وإيمانويل ماكرون (مستقل) ومارين لوبان (اليمين المتطرف) وبونوا هامون (يسار) وجان لوك ميلنشون (اليسار المتشدد). واستمرت هذه المناظرة الفريدة من نوعها في تاريخ البلاد والتي نظمتها قناة «تي إف 1» الخاصة مساء الاثنين، نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة.
وشددت رئيسة «الجبهة الوطنية» مارين لوبان (48 عاماً) على أن هناك تصاعداً للتطرف الإسلامي في فرنسا، مشيرة إلى أن هناك «طلباً متزايداً في المؤسسات بالنسبة إلى اللباس والطعام». ورد عليها مرشح «الحزب الاشتراكي» بونوا هامون (49 عاماً) قائلاً: «أنت تنظرين إلى العلمانية كما تريدين».
وتهجمت لوبان على إيمانويل ماكرون متهمة إياه بدعم لباس «البوركيني»، ما أجبر الأخير على الرد بالقول إن هذا «افتراء». وتابع وزير الاقتصاد السابق: «لقد قلت أن البوركيني قضية عمومية، أنت تقعين في فخ التقسيم، أنت تصفين بالعار أكثر من 4 ملايين مسلم وتجعلينهم أعداء للجمهورية، أنا ضد ذلك». وعقبت لوبان قائلة: «أود أن نفكر في السيدات اللواتي يفرض عليهن الحجاب».
وعبر فرانسوا فيون (63 عاماً)، رئيس الوزراء خلال حقبة نيكولا ساركوزي (2007/2012) عن سعادته «أن يكون الحديث عن حظر الحجاب في المدارس» مذكراً بأن حكومته هي «التي أقرت ذلك». وتابع فيون في خضم الحديث عن العلمانية أن السؤال المطروح اليوم في فرنسا هو «اندماج الدين الإسلامي في مجتمعنا، والمشكل هو تزايد التطرف الإسلامي»، داعياً المسلمين إلى أن «ينتفضوا على التطرف واجتثاثه من دينهم».
واستغل هامون الفرصة لتوضيح فكرته، مشيراً إلى أنه مع «تطبيق قانون 1905 (حول فصل الدين عن الدولة) لا أكثر ولا أقل، أي حرية الدين والمعتقد، الإيمان أو عدم الإيمان، وكل امرأة حرة في لباس ما يناسبها».
وأشار جان لوك ميلنشون (65 عاماً) من جهته أن «60 في المئة من الفرنسيين لا يدينون بأي دين، فعلينا حمايتهم باسم العلمانية». وأضاف مخاطباً لوبان: «أنت تخلطين بين العقيدة والإيديولجيا، أنت تكذبين عليهم وتقسمين بين الفرنسيين».

الهجرة والحدود
وشددت لوبان أيضاً على أنها تريد الحد من الهجرة الشرعية وغير الشرعية، وقالت: «يجب أن تكون هناك حدود وطنية واضحة، فليس لدينا ما نوفر لهؤلاء المهاجرين علما أن في بلادنا 9 ملايين شخص يعانون الفقر». وطالبت بسياسة ردعية للهجرة، مؤكدة على أن المهاجرين يتقاضون أجوراً من دون أن يعملوا، مصرة على عبارة «لا يمكننا استقبالهم». وقالت إن هناك تسللاً للإرهابيين بين المهاجرين، «فيجب أن نسد الحدود».
ودافع فيون عما سماه عملية محاصصة بالنسبة الى الهجرة يحددها البرلمان، قائلاً «إنه يجب تقليل عدد المهاجرين. أما ماكرون، فدافع عن تعزيز حماية الحدود، ورأى أن المشكلة هي الهجرة غير الشرعية ودعا للتنسيق مع بلدان الجوار حول ترحيل المهاجرين غير الشرعيين ومع بلدانهم الأصلية لحل المشكلة». ولكنه ذكر بأن فرنسا لم تستقبل في 2016 سوى بعض الآلاف من اللاجئين».
من جهته، أوضح هامون بأن «هناك حدوداً»، وأن «عدد المهاجرين في فرنسا مستقر منذ سنوات عدة»، مضيفاً: «ما نراه اليوم هو هجرة جديدة بسبب الحروب والمشاكل البيئية، نحن لسنا في مستوى قيمنا من حيث استقبال اللاجئين». فيما أشار ميلنشون إلى أن الهجرة «اغتراب قسري، فيجب أن نتعامل مع المهاجرين واللاجئين بالطريقة التي نود أن نعامل بها لو كنا في مكانهم».
ومنذ البداية، شددت مارين لوبان (48 عاماً) على أنها لا ترغب بأن تكون «تابعة» للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ولا ممثلة لشركات متعددة الجنسيات، ولكن رئيسة جمهورية مستقلة». وقالت إن فرنسا «لها الحق أن تختار أن تدافع عن هويتها وقيمها».

الأمن والجريمة
ودعت مرشحة اليمين المتطرف إلى فتح سجون جديدة لضمان الأمن، وتسليط العقوبات القاسية على من تسميهم المجرمين في إشارة إلى المعتدين على قوات الأمن في بعض الأحياء وتفادي العقوبات البديلة. وقالت إنها في حال انتخبت رئيسة فستخفض سن الرشد القضائي إلى 16 عاماً.
وطالب هامون من جهته بإعادة تفعيل شرطة الجوار، متعهدا بخلق 100 ألف منصب في الشرطة والدرك، وتحسين العلاقة بين الشرطة والسكان، قائلاً إن «شاباً فرنسياً أسود يراقب سبع مرات أكثر من شاب فرنسي أبيض».
وقال إيمانويل ماكرون في هذا السياق: «يجب أن نتحلى بالحكمة، فأنا لا أحب كلام «الحرب الأهلية»، هناك أسباب يجب أن نعالجها من الجذور ويجب الصرامة في إدارة الشؤون المالية، مؤيدا فكرة هامون وكذلك «إعطاء صلاحيات إضافية للشرطة وللعدل وأن تنفذ كل الإدانات»، معارضاً تخفيض سن الرشد القضائي.
وتحدث فيون عن «تزايد الإجرام وعن مشاهد لا تطاق»، معارضاً إعادة تفعيل شرطة الجوار.

التربية: يتامى الجمهورية
وفي مجال التربية، أشار فرانسوا فيون إلى من سماهم «يتامى الجمهورية» أي الأطفال الذين يغادرون المدرسة في سن مبكر، مشدداً على ضرورة التركيز على «الدروس الأساسية والانضباط، وعلى توحيد اللباس المدرسي». وتعهد بتحسين أجور المعلمين.
وحسب ماكرون، مؤسس حركة «إلى الأمام!»، فإن بين 50 إلى 60 في المئة من التلاميذ لا يعرفون القراءة في نهاية الابتدائية، مقترحاً «المساواة في الفرص بالمدرسة والمزيد من الوسائل للمدرسين وبالتالي تحسين الأجور».
والهدف بالنسبة إلى ميلنشون «بصفة عامة هو أن نقدر المعرفة ونتقاسمها، ويجب أن يكون كل شيء مجانياً في المدرسة، ولا يمكن أن نقبل الجوع في المدرسة»، وهو يعرض تقديم منح للشباب في سن 16 عاماً لتجنب العمل والدراسة في الوقت عينه.
وما هو هدف لوبان؟ «تعزيز اللغة الفرنسية في المدرسة واحترام الأمن والعلمانية»، فيما اقترح هامون نماذج تربوية جديدة وضمان الاختلاط الاجتماعي في كل المدارس.

أرفض فكرة سحب الجنسية من الإرهابيين الفرنسيين
وأمام التهديد الإرهابي، اقترح هامون «وضع حد لشهر العسل مع عدد من الدول في الخليج مثل قطر، وتغيير تحالفاتنا في المنطقة». وأضاف: «أرفض فكرة سحب الجنسية من الإرهابيين الفرنسيين».
وقالت لوبان: «علينا التحكم في الحدود ومنع المنظمات المتطرفة، كما أن علينا سحب الجنسية من الذين لديهم علاقات بالإرهاب، يجب أن نبحث عنهم أينما وجدوا». وتابعت: «يجب منع الإخوان المسلمين وإلا سنعاني الكثير».
وعقب ماكرون قائلاً إن لا أحد يضمن ألا تكون هناك اعتداءات جديدة. ودعا إلى محاربة التطرف الإسلامي أينما كان، وبناء خريطة عمل دبلوماسي في الخليج، وفرنسيا تعزيز الاستخبارات من أجل فهم الظاهرة الإرهابية ومن خلال التعاون الاستخباراتي على المستوي الوطني.
وفيما دعا ميلنشون إلى الوحدة وعدم التشتت، قال فيون: «نحن أمام نظام شمولي، حرب طويلة المدى تقتضي التحالف مع كل من يريدون محاربة الإرهاب مثل روسيا وإيران وكل دول المنطقة. وأريد سحب الجنسية من الإرهابيين الفرنسيين وتعزيز الاستخبارات».

الشفافية في تمويل الحملة الانتخابية
وفي ظل التهديدات القضائية التي تواجه فيون ولوبان، دعا هامون إلى الشفافية في تمويل الحملة الانتخابية، وفيون إلى إنشاء هيئة وطنية لمكافحة تضارب المصالح، بينما كانت أولوية ماكرون هي تحسين عمل المؤسسات ومحاربة تضارب المصالح واللوبيات وزيادة الشفافية في ما يتعلق برواتب البرلمانيين ومنع أي برلماني من توظيف أقاربه. أما ميلنشون، فشدد على أن القضاء يخص اليوم فيون ولوبان وليس باقي المرشحين.

أنا أريد أن ننتج محلياً ونستهلك محلياً
وبخصوص البيئة، قال بونوا هامون إنه يريد التخلص من المفاعلات النووية وتعزيز الطاقة المتجددة، واقترح فيون تخفيض الانبعاثات الدفيئة وتعزيز أمن المفاعلات النووية وفروع للطاقات المتجددة، وتعهد ماكرون بأن تتجه فرنسا في 2025 نحو إنتاج 50 في المئة من طاقتها بالاعتماد على الطاقة النووية و50 في المئة عبر الطاقات المتجددة.
أما لوبان فقالت إنه يجب الحديث عن التبادل التجاري الذي فرض على الفرنسيين، وهي تريد أن «ننتج محلياً ونستهلك محلياً، فنحن نستهلك ولا نعرف كيفية إنتاج ما نستهلك ونتجاهل مزارعينا». من جهته، عرض ميلنشون الانتقال من الزراعة الكيميائية للزراعة الريفية.

أي نموذج اقتصادي؟
واعتبر فيون أن وضع البطالة في فرنسا غير مقبول، ونظام العمل بـ 35 ساعة غير مقبول أيضاً. وأضاف أن العمال في باقي البلدان قبلوا زيادة ساعات العمل. وعارض ماكرون فكرته قائلاً: «لن أحذف 35 ساعة في القوانين، ولكن نديرها حسب القطاعات والمؤسسات. سأعطي الحرية لكل مؤسسة في إطار المفاوضات بين العمال والإدارة».
وقال هامون إن التركيز يجب أن يكون على الثورة الرقمية وتأثيرها في العمل، وشددا على ضمان «دخل عام» لكل واحد يعمل أو لا يعمل. وأشار إلى أن نسبة الفقر في ألمانيا 17 في المئة وفي فرنسا 14 في المئة.
وتساءل ميلنشون «كيف يمكن أن ننشئ مناصب عمل؟» وأجاب: «أحبذ اقتصاد الطلب. يجب أن يعيش الناس ولا يكتفوا بالبقاء على قيد الحياة».
وأشارت لوبان إلى «نقاش ليبرالي مفرط بين فيون وماكرون». فقالت إن «السياسات التي تبعناها منذ سنوات بلغت حدودها، ودمرت اقتصاد فرنسا». وتابعت أنها ستعطي الأولوية للشركات الفرنسية وتريد تطبيق حماية اقتصادية وطنية».

كيف نعزز القدرة الشرائية؟
وبخصوص القدرة الشرائية، تعهد بونوا هامون بتطبيق الدخل العام ابتداء مطلع 2018. وشدد فيون على أن الأولية هي إنعاش الاستثمار والتخفيف من وطأة الضرائب والأتعاب المفروضة على أرباب العمل. وبصيغة تساؤل، قال ميلنشون: كيف نعزز القدرة الشرائية؟ وأجاب: «بزيادة الأجور، من خلال إنعاش الاقتصاد وزيادة معاشات التقاعد ومنح البطالة».
من جهته، ركز ماكرون على التوظيف والاستثمار وتقديم المساعدات للمؤسسات والأفراد.
وتعهدت مارين لوبان بحماية «المزارعين والمستقلين والحرفيين، ورفع منح المسنين والمتقاعدين». وخاطبها فيون قائلاً إن العودة إلى الفرنك الفرنسي يا لوبان ستقود البلاد نحو كارثة اقتصادية.
وفي الختام، دعا كل مرشح الفرنسيين للتصويت له، فقال هامون: «أقترح عليكم أن تصوتوا بصفة مفيدة لأبنائكم وأحفادكم. التصويت للجمهورية السادسة وتغيير أوروبا لكي تحرر من التقشف».
وأقر فيون بارتكاب بعض الأخطاء، «ولكن لدي الخبرة في التسيير والإدارة، والعزيمة لكي تكون فرنسا، أفضل الأمم، ضمن أقوى دول العالم».
وخاطبت لوبان أنصارها قائلة: «أنتم أمام فرصة الحماية من الاتحاد الأوروبي والعولمة البشعة. لا أقوم بأي شيء لا تريدونه. سأحترم قرارتكم أيها الفرنسيون. افعلوا الخيار الأفضل».
أما ماكرون، فقال: «نحن بحاجة للوحدة، فرنسا لديها القدرة والعزيمة، لستم المشكلة… أقترح عليكم مشروعا يحرركم من المخاوف ويجعلكم فخورين. نحن بلد كبير وقوي وطموح. أعرض عليكم تجديداً شاملاً، معكم. يجب أن تصبح فرنسا من جديد فرصة للجميع».
وماذا عن ميلنشون؟: «سأكون آخر رئيس للجمهورية الخامسة، وسأدعو لجمعية تأسيسية للجمهورية السادسة، سأكون رئيساً يحافظ على البيئة، ورئيساً اجتماعياً».

فرانس 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق