سياسة لبنانية

عرسال تحت الأضواء والمراقبة

تقول مصادر أمنية أن الجيش اللبناني يتجنب الوجود الدائم داخل عرسال لتفادي أي عمليات جديدة تطاوله، وهو يركز حواجزه حولها، وقد أقام ما يشبه حزاماً أمنياً يلفها لمنع حركة المسلحين منها وإليها. وبعكس ما يتم الترويج له فإن الجيش لا يستعد لأي عملية عسكرية داخل عرسال، كما تؤكد المصادر الأمنية، متسائلة عن جدوى عملية مماثلة في بلدة تحوي 120 ألف مدني من أهالي البلدة وضيوفها (نحو 30 ألفاً، واللاجئون السوريون الذين يبلغ عددهم نحو 90 ألفاً).
وترد المصادر بذلك على ما كان وزير الداخلية نهاد المشنوق نقله في وقت سابق عن مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، لجهة إعرابه عن قلقه من عملية عسكرية على عرسال، مؤكداً أنه لا يوافق عليها.
من جهة أخرى، نفت مصادر ميدانية أن يكون هناك من ترك عرسال في الأيام الماضية خوفاً من هجوم يحضر له «داعش»، إلا أنها في الوقت عينه أقرت بوجود مخاوف لديها كما لدى عدد لا يستهان به من أهل البلدة من أن يكون هناك ما يُحضّر أمنياً لها، «نتيجة إعادة تسليط الأضواء عليها بهذه الطريقة ومن دون مقدمات».
أما موقف حزب الله من الوضع الجديد في عرسال وجرودها، فتختصره مصادر قريبة من الحزب: «ممنوع إقامة دويلة تكفيرية تحت أي مسمى في لبنان، وتحت أي غطاء، ولن يُسمح لأحد بتغطية وجود هذه الدويلة وحمايتها تحت أي مسمى… وما جرى من اشتباكات مؤخراً بين «النصرة» و«داعش»، محاولة من «داعش» للسيطرة على البلدة لأخذها أسيرة للتفاوض المستقبلي على وجود «داعش» في بعض المدن السورية والمناطق اللبنانية)».
وكان الوضع الأمني عاد إلى الواجهة من جديد من بوابة جرود عرسال بعد انفجار الاشتباكات بين تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة»، والذي رأت فيه أوساط مراقبة امتداداً للتطورات الدراماتيكية في الداخل السوري، إذ إن القرار بالسيطرة على المنطقة الحدودية الفاصلة بين لبنان وسوريا، يسعى إلى تنفيذه «داعش» منذ بدء تراجعه ميدانياً في المعارك في سوريا بعد التدخل العسكري الروسي من جهة، وتقدم الجيش السوري في مناطق نفوذ «داعش» من جهة أخرى. وتقول هذه الأوساط أن الانفلاش العسكري لـ «داعش» باتجاه جرود عرسال، يحمل أكثر من هدف، الأول تأمين منطقة جغرافية خارج الحدود السورية وفي منأى عن الغارات الجوية الروسية، أما الثاني فهو تهديد الساحة اللبنانية من خلال السيطرة على مواقع نفوذ «جبهة النصرة»، وهو هدف غير مستجد كون هذه المنطقة شهدت في ما مضى جولات قتالية عدة بين الطرفين منذ أشهر.
وقد عدّل تنظيم «داعش» خطوط التماس بينه وبين «جبهة النصرة» في جرود عرسال، إثر الاشتباكات التي اندلعت بين التنظيمين. ورسم «داعش» خط تماس جديداً يمتد من وادي حميد في الجرد العرسالي المنخفض مروراً بخربة الحمام وسرج العجرم الذي انتزعه من «النصرة»، وصولاً إلى الزمراني ومرتفعاته على حدود جراجير، مع بقاء بعض الجيوب لـ «النصرة» وسط مخيمات اللاجئين في الملاهي.
وترد مصادر أمنيّة الاشتباكات في جرود عرسال إلى حاجة «داعش» لتأمين ظهره في المنطقة ليرتاح في معارك «مهين» و«القريتين» في البادية السورية. وتقول إن «داعش» يخطط لوصل الجرد العرسالي بـ «القريتين» وبالتالي بمحافظة تدمر التي تبعد عنها نحو ثلاثين إلى أربعين كيلومتراً.
وإذا نجح «داعش»، تصبح جبهة جرود عرسال مفتوحة على تدمر والرقة كخط واحد، ولكن المصادر نفسها تقلل من احتمال تمكن «داعش» من تحقيق طموحه نظراً لتركيز الجيش السوري وحزب الله على منع سيطرة التنظيم على طريق حمص – دمشق الدولية الحيوية، وهي بمثابة خط أحمر، بالإضافة إلى تركيز قوتهما في «مهين» ومحاولة انتزاع «لقريتين» من «داعش».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق