رئيسيسياسة عربية

هيغل في الرياض: حسم الملفين السوري والايراني

مع ان جولته امتدت لتشمل دولاً عدة في المنطقة من بينها مصر، واسرائيل وتركيا، وقد تشمل لاحقاً دولاً اخرى، الا ان المحطة السعودية كانت ذات خصوصية بارزة، حيث ركز المحللون والمتابعون على تلك المحطة، في اشارات واضحة الى الدور السعودي في الملفات الشائكة التي ادرجها وزير الدفاع الاميركي تشارلز هيغل على جولته في المنطقة.

الجولة التي قام بها هيغل خلال الاسبوع الفائت والتي امتدت عشرة ايام وكانت الاولى في العهد الجديد لحكومة اوباما، وهناك تأكيدات بانها لن تكون الاخيرة بحكم سخونة الاوضاع في المنطقة، وتركيز ادارة الرئيس اوباما على ضرورة ان يكون هناك حسم لتداعيات تلك الملفات وسط توقعات بأن يؤدي ذلك الى تغيير في الخريطة السياسية في المنطقة.
ومن ابرز النقاط التي تصر الولايات المتحدة على تبنيها ان يكون للمملكة العربية السعودية دور بارز في التعاطي مع تلك الملفات، ومنها الملفان السوري، والايراني، وتطورات عملية السلام. وهي الملفات التي تشكل محور جولة الوزير الاميركي، ومن قبلها جولة الرئيس الاميركي نفسه، وما بينهما جولة وزير الخارجية جون كيري.
باختصار، بدا المشهد وكأن المسؤولين الاميركيين في حالة استنفار بنية حسم العديد من الملفات العالقة، وباسلوب التواصل مع قيادات المنطقة من اجل تنسيق المواقف معها بخصوص ارساء حلول تطوي فصول الازمة ضمن جهد مشترك، يجد فهماً في بعض فصوله، لكنه يثير اشكالات متعددة العناصر في فصول اخرى.
غير ان جولة هيغل لم تكن مخصصة لتلك الملفات فقط، وانما ناقشت بعض عناصر العلاقات الثنائية بين السعودية والولايات المتحدة، والتي توصف بانها علاقات متميزة، وانها تقوم على الشراكة في العديد من المجالات.
وفي هذا الصدد يتوقف المتابعون عند مباحثات التسليح، خصوصاً طلبيات السلاح السعودي الهادفة الى تحديث تجهيزات الجيش السعودي.

تعزيز التعاون
وخلال الزيارة، بحث الأمير سلمان مع هيغل آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى استعراض آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تطورات الملفين السوري والايراني، وسبل تنسيق المواقف في ما يتعلق بهذين الموضوعين.
وبحسب بيان رسمي، نقل المسؤول الأميركي تحيات الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية الى خادم الحرمين الشريفين، وتأكيداته على عمق العلاقات بين الرياض وواشنطن.
المباحثات تركزت على بعدين: اولهما عملية التسليح التي تتم للمعارضة السورية، وضرورة ان تكون محكومة بسقف الرؤية الاميركية، الذي ينطلق من حصرها بالجوانب الدفاعية فقط، وبما يضمن للمعارضة القدرة على الدفاع عن نفسها. وثانيهما مراقبة السلاح الكيماوي، وضرورة ان تكون هناك قدرة على المبادرة بالتدخل في الوقت المناسب لمنع الرئيس بشار من استخدام تلك الاسلحة. اما بالنسبة الى الرئيس بشار ونظامه، فقد جرى التأكيد على انه لا يمكن تحقيق التوافق في ظل نظام حكمه. وبالتالي هناك اتفاق على ضرورة تغييره.  وتمحورت محادثات سلمان – هيغل حول النزاع في سوريا والبرنامج النووي الايراني، وكذلك مناقشة التفاصيل الاخيرة لصفقة شراء اخر طراز من الصواريخ الاميركية. وشارك في اللقاء كبار المسؤولين العسكريين السعوديين والوفد المرافق للوزير الاميركي.
وفي بعدها الثاني، تهدف جولة هيغل في المنطقة الى انهاء صفقة بقيمة اجمالية تبلغ عشرة مليارات دولار لبيع اسرائيل والامارات والسعودية صواريخ متطورة وطائرات. وستشتري الامارات مقاتلات «اف-16» وصواريخ بقيمة خمسة مليارات دولار، اما السعودية فانها ترغب في امتلاك آخر طراز متطور من الصواريخ الاميركية، بحيث تسمح للمقاتلات السعودية بضرب اهداف من مسافة آمنة وبعيدة. لكن المسؤولين الاميركيين اكدوا ان تسليم هذه الاسلحة سيستغرق اشهراً.
وتشعر القيادة في السعودية والامارات بقلق شديد تجاه برنامح ايران النووي وصواريخها المثيرة للجدل. ويؤكد المسؤولون ان صفقات الاسلحة تأتي بعد اشهر من دبلوماسية مكوكية مكثفة، حيث يسعى الاميركيون الى تعزيز قدرات حلفائهم العرب وفي الوقت ذاته الحفاظ على التزامهم القديم بالابقاء على تفوق اسرائيل النوعي في المنطقة بشكل واضح. وفي هذا السياق يؤكد مسؤولون في البنتاغون ان الصفقات التي سعى هيغل الى ابرامها كانت احدى اكثر صفقات الاسلحة تعقيداً في التاريخ الاميركي.  ويشكل تصاعد النفوذ الايراني المبرر الرئيسي للصفقة، حيث انه يقلق دول المنطقة ويغير المعطيات الجيو-ستراتيجية.

تحديث سلاح الجو
وبينما تسعى السعودية لتحديث سلاحها الجوي من خلال تطوير أسطول طائرات «اف – 15» إلى “F-15  SA” عبر صفقة ضخمة مع الولايات المتحدة تبلغ قيمتها نحو 29،4 مليار دولار، فقد أحرزت الولايات المتحدة تقدماً في برنامج تهدف من ورائه إلى تطوير شكل مختلف لطائرة «اف – 15»المقاتلة النفاثة لصالح المملكة. وأفادت صحيفة وورلد تريبيون بأن سلاح الجو الأميركي يجري اختبارات على نموذج أولي لنسخة متطورة من طائرة «اف – 15» طورتها شركة بوينغ لصالح سلاح الجو الملكي السعودي.
وأضافت الصحيفة أن الرياض طلبت تسلم 84 طائرة من تلك الطائرات المقاتلة التي تعرف بـ “F-15 SA”، كجزء من عملية تحديث تقودها الولايات المتحدة للطائرات التي حصلت عليها المملكة قبل أكثر من 30 عاماً.
وكانت طائرة “F-15 SA” قامت بأول رحلة لها في الـ 20 من شهر شباط (فبراير) الماضي في مقرات شركة بوينغ في سانت لويس بولاية ميسوري. ويقال إنها أوفت بجميع أهداف الاختبارات وعززت احتمالات أن يتم الانتهاء من المشروع في الموعد المحدد.
وأشار مسؤولون في سلاح الجو الاميركي إلى أن طائرات «اف – 15» الخاصة بالمملكة ضمت مجموعة من التحسينات، ومن بينها الكترونيات الطيران والحرب الإلكترونية وإمكانية البحث بالأشعة تحت الحمراء والتتبع ونظام رادار نشط يقوم بالمسح إلكترونياً.
كما يضم النموذج الأولى محطتي أسلحة إضافيتين لزيادة قدرة الحمولة. وأشار مسؤولون إلى أن السعودية ستحصل كذلك على أحدث جيل من صواريخ جو – جو وصواريخ جو – أرض إلى جانب ذلك النظام الذي يعرف بنظام العرض المشترك للخوذة.
وخلال المباحثات، طلبت الرياض تسريع العمل ببرنامج طائرات «إف-15»، المقرر أن يبدأ التسليم عام 2015 وأن ينتهي بعدها بأربعة أعوام.

الرياض – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق