رئيسيسياسة عربية

بعد توقف المفاوضات واستئناف الحرب هل يستقيل «دي ميستورا

استهلكت الأزمة السورية حتى الآن موفدين دوليين كلفا بمتابعة ملف هذه الأزمة ونقلها من المرحلة العسكرية الى العملية السياسية هما: كوفي أنان (الأمين العام السابق للأمم المتحدة) والأخضر الإبراهيمي (وزير الخارجية الجزائري سابقاً ومهندس الحل السياسي للأزمة اللبنانية على أساس اتفاق الطائف). فهل سيكون ستيفان دي ميستورا هو الضحية الدولية الثالثة ويقدم على الاستقالة أيضاً لتعود العملية السياسية برمتها مجددا الى نقطة الصفر؟!
هذا السؤال يطرح في الكواليس والدوائر الدبلوماسية استناداً الى التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة في سوريا وحولها، والتي من شأنها أن تعيد الوضع الى مربع ما قبل جنيف 3 وتكليف دي ميستورا مهمة إدارة العملية السياسية والمفاوضات التي استؤنفت على قاعدة تفاهمات روسية – أميركية… وتلخص مصادر دبلوماسية مطلعة المعطيات والتطورات التي تؤشر الى مزيد من التأزم والتصعيد وعودة الوضع مجدداً الى الطريق المسدود على الشكل الاتي:
1- العملية السياسية في جنيف ظلت في إطار المحادثات ولم تتحوّل أبداً الى مفاوضات… وظلت تراوح مكانها ولم تسجل أي اختراق ولم يحصل أي اتفاق حول أي من البنود الرئيسية التي كان من المفترض بالمبعوث الدولي أن يدفع طرفي الأزمة «النظام والمعارضة» الى التفاهم حولها بناء على بيان جنيف والقرار 2254.
2- ثمة انتقادات دولية (من مجموعة الدعم لسوريا) بشأن أداء دي ميستورا ونهج الوساطة الذي اتبعه، إذ قرر أن جولات جنيف لن تكون مستمرة بل يفصل بينها فترات توقف، كما أنه امتنع عن ممارسة ضغوط على أحد، لا بل كانت طريقته تتيح للطرفين الحصول على ذرائع وحجج لتأخير العملية التفاوضية وإبطائها.
3- المبعوث الدولي لا يمكنه دعوة الأطراف مجدداً الى جنيف رغم الضغوط الروسية والأميركية إلا في حال توافر شرطين: الأول خفض العنف جديا وإيصال المساعدات الإنسانية، والثاني حصول توافق «الحد الأدنى» بين المعارضة والنظام على مفهوم عملية الانتقال السياسية، وإلا فإن العملية ستبقى تدور في فراغ… و«المفاوضات التقنية» لبلورة نقاط تلاقٍ ستظل عقيمة ومن باب لزوم ما لا يلزم، لأن المشكلة باتت في كيفية ترجمة المبادئ العامة الى خطوات سياسية تتناول صلب العملية ومصير النظام ورئيسه وتقاسم السلطة.
4- الموقف الأميركي لا يساعد خصوصاً بعدما اقترب من الموقف الروسي لجهة تقبل فكرة بقاء نظام الأسد واعتباره أفضل حصن لمنع «داعش» من السيطرة. فإدارة أوباما باتت تتقبل بقاء الأسد مجدداً في حين أن الأوروبيين مع الأتراك والسعوديين يريدون رحيل الأسد في مستهل المرحلة الانتقالية، أما الروس فإنهم يقولون أن لا استبعاد لأحد من حق الترشح في الانتخابات المقبلة.
5- الأطراف الإقليمية الداعمة للمعارضة لن تقبل الهزيمة وعودة النظام للتحكم بمفاصل الحكم في سوريا. وما تريده هو أن تتمكن المعارضة من الصمود حتى مجيء الإدارة الاميركية الجديدة، وترى أنه من الأفضل أن تتوقف المفاوضات من أن تتحول الى مسار سيء يخدم النظام وروسيا وينال تنازلاً أميركياً تلو الآخر.
6- الدعم الروسي – الإيراني للنظام السوري هو دعم ثابت ومستمر ويستعيد زخمه العسكري في موازاة ردم الفجوة بين موسكو وطهران إثر تململ إيراني من طلب روسي بوقف معركة حلب وتفضيل العودة الى المسار السياسي، ومن تفاهم روسي -أميركي ازاء سوريا لا يأخذ في الاعتبار وجهة نظر إيران ومصالحها.
الاجتماع الثلاثي الذي عقد في طهران قبل أيام بين وزراء دفاع روسيا وإيران وسوريا شكل المؤشر الأبرز الى تحوّل قوي بشأن التطورات العسكرية على الساحة السورية، وتحديدا في حلب والرقة، والى سقوط كامل للهدنة ومعها المفاوضات، بعدما أعطت الهدنة وقتاً للمعارضة لإعادة هيكلة قواتها الهجومية واستعادة زمام المبادرة.
الخلاصة في ضوء كل ذلك أن الحرب في سوريا طويلة، وأن العملية السياسية رحّلت الى ما بعد الانتخابات الأميركية… فماذا يفعل دي ميستورا في هذه الحال وماذا ينتظر؟!

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق