الأسبوع الثقافيتراث

افتتاح متحف بيت الغشام في وادي المعاول في سلطنة عمان

رعى السيد أسعد بن طارق آل سعيد مساء أمس الأول حفل افتتاح متحف بيت الغشّام الأثري بولاية وادي المعاول بمحافظة جنوب الباطنة في سلطنة عمان، بحضور عدد من الامراء والوزراء.
وأكد السيد أسعد بن طارق آل سعيد على ضرورة الاهتمام بالآثار العمانية التليدة لما لها من قيمة كبيرة وخالدة والتعاون في ذلك، كما بين أهمية استغلال الآثار في كل ولاية وتطوير السياحة وتثقيف الأجيال. وأشاد بالمتحف وما حواه من مقتنيات وآثار وما تميز به من إجادة في الترميم والمحافظة على الطراز المعماري العماني القديم، مضيفاً أن المتحف يخلد التراث ويعد إضافة ثقافية وفكرية وسياحية واقتصادية. واختتم تصريحه بالشكر والثناء مؤكداً في الوقت ذاته أن المراحل المقبلة تتطلب العمل الكبير والتكاتف والتآزر والتعاون في ذلك.
بدأ الحفل بقصّ شريط افتتاح متحف بيت الغشّام الأثري بالولاية، والاطلاع على فرق الفنون التقليدية الشعبية والاستماع لفنون الرزحة والعازي وغيرهما التي تغنت في أبياتها بافتتاح متحف بيت الغشّام. ثم التجول بين أروقة وزوايا وغرف المتحف المتعددة، لا سيما زيارة معرض الحرفيين ومعرض الصور الخاصة الفنية، كذلك السيارة القديمة التي ترجع لعام 1959. إضافة إلى التجول في أروقة وممرات البيت الأثري الذي تعود فترة بنائه إلى عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي، والاطلاع على البئر القديمة بالمتحف.

أوبريت الافتتاح
كما شهد حفل الافتتاح على خشبة المسرح المفتوح بساحة متحف بيت الغشّام عرضا للأوبريت الخاص بافتتاح بيت الغشّام ألّفه وأشرف عليه الدكتور صالح الفهدي وبمشاركة أكثر من 250 فنانا ورساما من السلطنة وبعض الدول العربية والأجنبية وعدد من الفرق الشعبية وجمع من طلبة المدارس وأطفال يمثلون ثلاثين دولة. وأوضح الدكتور صالح الفهدي: لابدّ لكلِّ عملٍ فنيٍّ أن ينطلقَ من فلسفةٍ معيّنة، أو ما يسمّى في المسرحِ «المقدّمة المنطقية» لكي يكون للحدثِ مسارٌ يتّجهُ نحو إبراز الفكرةِ المرسومة له. ولأجلِ ذلك اتكأ عرض الافتتاح الرسمي لمتحفِ بيت الغشّام على مرتكزات فلسفيّةٍ عدة
ذات معانٍ عميقةٍ في مفهومِ الهويّةِ والانتماءِ الوطني.

نبذة حول المتحف
من جانبه قال السيد علي بن حمود بن علي البوسعيدي: يُعد متحف بيت الغشّام أحد المعالم الأثرية والمعمارية والتاريخية بالولاية حيث يقوم بأدوار ثقافية وفكرية متنوعة سياحية واقتصادية وتاريخية. ويرجع تاريخ بنائه لأكثر من 200 عام وقد قمنا بترميمه مؤخراً وفقاً للطراز المعماري العماني القديم وبذلنا فيه جهوداً كبيرة حتى خرجنا بمتحفٍ يضم بين جنباته عبق الماضي وإشراقة الحاضر وتطلعات واستشراف المستقبل. وهو في السابق منزل السيد محمد بن أحمد بن ناصر الغشّام البوسعيدي، وقد سمي هذا البيت ببيت الغشّام، ثم صار للسيد أحمد بن هلال بن علي البوسعيدي والد المرداس بن أحمد إلى أن قامت مؤسسة الغشّام بشرائه بغرض ترميمه وجعله متحفا يقوم بأدوار ثقافية وفكرية وتراثية وحضارية واجتماعية وتاريخية وسياحية واقتصادية.
ثم أضاف السيد علي البوسعيدي: ويحوي المتحف العديد من الغرف إضافة إلى الصباح والسبلة وبعض الغرف المحصنة وأبراج المراقبة وحوش كبير وبئر وأماكن للتخزين ويحوي أيضاً نقوشاً وشواهد موجودة بالكتابات الجدارية ومقتنيات أثرية موغلة في القِدم. وتمت إضافة عدد من المرافق الحيوية المهمة والفاعلة كالمسرح المفتوح وبعض المحلات التجارية بالطراز المعماري القديم إضافة لزراعة عدد من النخيل والأشجار وتوسعة وتنظيم مواقف السيارات وغيرها الكثير.
وأوضح ناصر بن راشد بن حمد البحري عضو مجلس الدولة: تزخر ولاية وادي المعاول بالعديد من المقومات السياحية والتاريخية والحضارية والأثرية والسياحية، ويعد متحف بيت الغشّام أحد أبرز هذه المعالم إضافة لقلعة السفالة وغيرها من الآثار الموغلة في القِدم. كما يُنظر لمتحف بيت الغشّام كونه واجهة مشرفة للولاية تستقطب المثقفين والمفكرين والأدباء للاطلاع عن كثب على مقتنيات هذا المتحف، ويلعب أدواراً جليلة في الجوانب الثقافية والاجتماعية وغيرها.
يقول سعيد بن خلفان النعماني مدير المتحف: بدأنا بتجهيز متحف بيت الغشام بتُحَفِهِ ومقتنياتِهِ الأثرية التي نراها الآن وقد ازدان بها المكان أبهةً وروعةً. وقد بدأنا بوضع التصور المتكامل لكي يكون هذا البيت مُتحفاً بدءا بواجهته الجميلة وجدرانه الخارجية ونهايةً بالغرف الأرضيةِ والعلويةِ وكذلك المرافق الأخرى كالمجلس والمصلى، ذلك لأن واجهات المباني الخارجية في البلدان الإسلامية عموماً وعمان خصوصاً لا تُعبِّر دائماً عن وظيفتها المحددة فجدران البيوت العالية غالبا ما تكون بلا نوافذ ولا يتخللها إلا مدخلٌ واحدٌ فقط. ويرجع ذلك الى أَسبابِ الدفاعِ والعزلةِ التقليديةِ وكذلك للوقايةِ من هبوبِ الرياح في المناطق الصحراوية. وهذا ما ينطبق بشكل كلي على بيت الغشام، فبعد المدخل الشرقي للبيت يتضح الفناء الواسع الذي يضفي عليه انشراحاً وجمالاً.
ويكمن هذا المفهوم والوظيفة للإنشاء السكني في جوهر تصميم المباني المحلية والفن المعماري في الجزيرة العربية، أما المباني التي لها وظيفة محددة فتشمل النزل المسورة والإنشاءات المحصنة التي كثيراً ما تكون مؤلفة من أسوار عالية وأبراج تحيط بأرض خلاء وكذلك المساجدُ بإيواناتها ذات الأعمدة وساحاتها المسقوفة أو المقنطرة والمفتوحة في احد جوانبها. وأضاف النعماني: تحوي كلُّ غرفة (روازن) مفردها روزنة؛ وهي عبارة عن (كوة) نافذة هلالية صغيرة مغلقة من الخارج وهي بمثابة الشكل الداخلي المجوف الذي توضع فيه آنية المنزل وما يستخدم تُحفةً أو زينة، سواء كانت مزخرفة أو بدونها. وبعد حصر جميع تلك الروازن وتحديد نوعية التحف التي يمكن وضعها في تلك الأمكنة حتى تعبر عن جماليات البيت العماني ، تطلعنا بداية الى ما يحتفظ به المهتمون من تراث من خلال زيارتنا لأغلب ولايات السلطنة وللمتاحف الشخصية والأسواق التقليدية. كذلك زرنا زنجبار؛ كونها تمثل جزءاً تاريخياً مشتركاً، وزرنا أسواقاً إفريقية أخرى.
حسب المصادر التاريخية وبناء على التنقيبات الأثرية وتتبع المكونات الرئيسية بالبيت والبحث والتحري في النقوشات والشواهد الموجودة بالكتابات الجدارية والنقوش على النوافذ والأبواب فإن فترة بنائه ترجع إلى عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي – أي أن عمر البيت يتجاوز 200 عام تقريباً – وشملت أعمال الترميم قصبة البيت الرئيسية والمداخل والمجالس والمخازن والمرافق الخاصة بالبيت ومرابط الخيول والبئر بالإضافة إلى الساحة الداخلية والسور المحيط بها وبعض أعمال التجميل. ويتكون البيت من دورين بالنسبة الى القصبة وفيها سبع غرف علوية وبعضا للمداخل والأدراج التي تؤدي إليها أما بالنسبة الى الدور الأرضي للقصبة فيتكون من مخازن التمور وبعض غرف الخدمات. إضافة لبعض الغرف الأخرى في الجهة الشرقية ومرتبطة بالقصبة، ما يحوي مجلساً للرجال والمدخل الرئيسي للرجال وآخر للنساء إضافة إلى وجود مصلى بداخله خاص بالنساء.
ويبلغ طول البيت 40 متراً وعرضه 30 متراً وهو الجزء الذي تم ترميمه ومجموع الغرف بداخله حوالي 15 غرفة وقد روعي في ترميمه استخدام المواد التقليدية القديمة المستخدمة سابقاً وهي الطين والصاروج العماني والجص العماني والحجارة الجبلية المسطحة. وقد أعيد تسقيفه بالآلية السابقة عينها حيث استخدمت أخشاب الكندل والدعون والبامبو. وقد روعي في أعمال الترميم أسلوب المحافظة على بعض النقوش الجصية الموجودة سابقا بالإضافة إلى ترميم الأبواب القديمة، كما تم إدخال نظام التكييف والكهرباء مع مراعاة الخصوصية في أثرية البيت. كما تمت إضافة عدد من المرافق الحيوية المهمة بالمتحف وتجهيزها وتوسعة ورصف مواقف السيارات وتنظيمها، وغيرها الكثير.
وتولي الجهات المختصة في السلطنة التراث الثقافي والمادي أهمية كبيرة لما له من دور ملموس وبارز في النهوض بالحياة الفكرية والثقافية والفنية والتاريخية والإبداع والابتكار ، ولا سيما الجوانب الاجتماعية والسياحية والاقتصادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق