أبرز الأخبار

انتفاضة مصرية لمواجهة ارهاب سيناء

ما بين الثورة الطلابية التي تعم الجامعات المصرية، والتفجيرات والعمليات الارهابية، التي تشهدها الشوارع المصرية، ثمة عقدة كبرى يبدي المعنيون المصريون اشكالية في حلها. تلك العقدة، تبدو في غاية السهولة احيانا، لكنها تتحول الى «عصية على الفهم» في احيان كثيرة.

باختصار، بدت المربعات الامنية والسياسية اكثر ارباكاً من اي وقت مضى. والسبب تلك العملية التي اودت بحياة اكثر من ثلاثين عسكرياً مصرياً في سيناء. والتي سبقتها عملية اخرى قبل اسبوع. وعمليات عديدة في تواريخ متباعدة. الامر الذي صنف تلك البقعة على اعتبار انها «الخاصرة الدامية» في الجبهة المصرية. التي تتقاسمها قوتان، اولاها حركة حماس التي تتولى السيطرة على قطاع غزة. وثانيها اسرائيل التي تسيطر على صحراء النقب وحتى خليج ايلات.
وبدلاً من ان يؤدي ذلك الى اضاعة الخصم، وتشتيت الجهد بحثاً عنه، تصرفت الادارة المصرية وكأنها تعلم تماماً من هو خصمها. حيث وجهت اصابع الاتهام الى تدخل خارجي، قد يكون متعدد الاطراف. لكنه يدور في محور حركة حماس باعتبارها مناصرة للنظام الذي اطيح (نظام محمد مرسي).  وانها تناصب النظام المصري الحالي العداء.
تقاطعات عديدة، بدت تطفو على سطح المشهد المصري، من زاويته «السينائية». لكنها لم تكن بعيدة عن المشهد بنسخته العامة وعلى طول وعرض البلاد.

اعلان حالة الطوارىء
في التطورات، اعلنت مصر الجمعة حالة الطوارىء لثلاثة اشهر في قسم من شمال ووسط شبه جزيرة سيناء التي تشكل معقلا للمقاتلين المتشددين، وذلك اثر مقتل ثلاثين جنديا في هجوم انتحاري استهدف حاجزا للجيش المصري.
وقررت السلطات المصرية كذلك اغلاق معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة وحتى اشعار آخر. واورد بيان للرئاسة المصرية  ان قرار اعلان حالة الطوارئ دخل حيز التنفيذ اعتبارا من صباح السبت، ولمدة ثلاثة اشهر، على ان يرافقه حظر للتجول.
وتشمل حالة الطوارئ المنطقة الممتدة من مدينة رفح الواقعة على الحدود مع قطاع غزة حتى غرب العريش، كبرى مدن محافظة شمال سيناء، وتتضمن ايضا مناطق وسط سيناء. واورد القرار الرئاسي ان القوات المسلحة وهيئة الشرطة ستتولى اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الارهاب وتمويله وحفظ الأمن بالمنطقة وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ أرواح المواطنين.
وجاء قرار السلطات المصرية بعد هجوم انتحاري بوساطة سيارة مفخخة استهدف في وقت سابق الجمعة حاجزاً للجيش في شمال سيناء واسفر في آخر حصيلة عن مقتل 30 جندياً.
وافاد مصدر امني ان انتحارياً يقود سيارة مفخخة هاجم حاجزاً للجيش في كرم القواديس في منطقة الخروبة قرب مدينة العريش في شمال شبه جزيرة سيناء ما ادى الى مقتل 30 جندياً واصابة 29 بجروح.
واضاف المصدر ان انفجار السيارة المحملة بكميات ضخمة من مواد شديدة الانفجار في الحاجز اعقبه انفجار ضخم أدى الى نسف الحاجز بشكل كامل.
وتقع منطقة الخروبة في الشيخ زويد في شمال شرق العريش على الطريق بين هذه المدينة ورفح على الحدود مع قطاع غزة.

هجوم اخر
وبعد بضع ساعات على الهجوم الاول، قتل ضابط واصيب جندي بالرصاص في هجوم منفصل على حاجز امني في منطقة الطويل جنوب العريش، بحسب ما قالت مصادر امنية.
واضافت هذه المصادر ان الجيش المصري قام بتمشيط مناطق واسعة في شمال سيناء باستخدام طائرات الاباتشي.
وسبق ان استخدمت سيارات مفخخة يقودها انتحاريون في هجمات ضد قوات الامن المصرية اكبرها الهجوم الدامي على مديرية امن المنصورة في كانون الاول (ديسمبر) 2013 والذي اسفر عن مقتل 14 شرطياً، اضافة الى الهجوم على مديرية امن القاهرة في كانون الثاني (يناير) 2014 والذي خلف ستة قتلى فضلاً عن محاولة اغتيال وزير الداخلية محمد ابرهيم في ايلول (سبتمبر) 2013.
وقد ازدادت هجمات المتشددين ضد قوات الامن في سيناء مؤخراً بشكل ملحوظ. وهجوم الجمعة هو الثالث في هذه المنطقة المضطربة خلال اسبوع.
وقد تبنى تنظيم انصار بيت المقدس معظم هذه الهجمات وخصوصاً تفجيري مديرية امن المنصورة ومديرية امن القاهرة، اضافة الى قطع رؤوس اشخاص في سيناء اتهمهم التنظيم بالتجسس لاسرائيل والجيش المصري.
والاربعاء، تبنى تنظيم اخر يحمل اسم «اجناد مصر» هجوماً بقنبلة امام جامعة القاهرة اسفر عن اصابة عشرة اشخاص هم ستة من رجال الشرطة واربعة مدنيين.
ونددت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بهجوم الجمعة، واكدت واشنطن ان السلطات الاميركية تدعم جهود الحكومة المصرية لاحتواء التهديد الارهابي في البلاد.
في غضون ذلك قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الهجوم الذي أوقع عشرات القتلى من الجنود في شبه جزيرة سيناء (الجمعة) تم بدعم خارجي.
واتهم في كلمة إلى الشعب أذاعها التلفزيون، جهات خارجية بالوقوف وراء العملية، ومضيفا ان الهدف منها «كسر ارادة الجيش».

حملة الجيش
ويشن الجيش المصري حملة منذ أكثر من عامين على إسلاميين متشددين ينشطون في محافظة شمال سيناء التي وقع فيها الهجوم. ولم يحدد الرئيس المصري الجهات الخارجية التي قال إنها دعمت الهجوم.
ووعد السيسي باتخاذ الاجراءات اللازمة لانهاء مشكلة رفح والمناطق الحدودية من جذورها.
في المقابل، أفادت مصادر محلية في مصر بمقتل ستة مسلحين وإصابة 14 آخرين في قصف لطائرات الجيش المصري على منطقة المزارع جنوب مدينة العريش في شمال سيناء. وقالت المصادر إن القصف – الذي جاء على خلفية مقتل 30  عسكرياً مصرياً في هجومين منفصلين الجمعة في سيناء – دمر عدداً مما تسميه قوات الأمن بالبؤر الإجرامية المسلحة.
في السياق، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً بتفويض رئيس مجلس الوزراء إبرهيم محلب في اختصاصات رئيس الجمهورية في قانون الطوارىء. وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية إن هذا القرار يأتي نظرا للظروف الأمنية الخطيرة التى تمر بها محافظة شمال سيناء.
وكان مجلس الوزراء قد وافق على تقديم مشروع بتعديل قانون القضاء العسكري، لتضاف ضمن اختصاصاته قضايا الإرهاب، التي تتعلق بالاعتداء على منشآت وأفراد القوات المسلحة والشرطة، وإتلاف الطرق وقطعِها.

تأجيل محادثات القاهرة
في سياق مواز، أعلنت مصر – الأحد – تأجيل محادثات في القاهرة لتعزيز وقف اطلاق النار في غزة بعدما أغلقت حدودها مع القطاع رداً على الهجومين.
وقال دبلوماسي مصري كبير إن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية لن تستأنف هذا الأسبوع مشيرا إلى فرض حالة الطوارىء في المنطقة الحدودية بين مصر وغزة واغلاق معبر رفح. ولم يعلن عن موعد جديد للمفاوضات.
وكانت المحادثات التي ركزت على فتح حدود القطاع مع مصر واسرائيل والحفاظ على هدنة تم التوصل إليها في 26 آب (اغسطس) وأنهت حرباً استمرت سبعة أسابيع في غزة قد تأجلت في أواخر أيلول (سبتمبر) بسبب عطلات يهودية واسلامية.
والهدنة صامدة بين الجانبين. وتخفيف القيود على الحدود مهم لاعادة بناء عشرات الالاف من المنازل في غزة بعدما تضررت أو دمرت في الحرب بين القوات الاسرائيلية والنشطاء الفلسطينيين.
وتطلب إسرائيل ضمانات أمنية على أن حركة المقاومة الاسلامية (حماس) لن تستخدم مثل هذه المواد في اعادة بناء أنفاق عبر الحدود أو في تصنيع الصواريخ التي أسفر اطلاقها باتجاه جنوب إسرائيل عن شن الهجوم الاسرائيلي على القطاع.
ويقول مسؤولون فلسطينيون إن 2100 فلسطيني معظمهم مدنيون قتلوا في الحرب فيما تقول إسرائيل إن 67 جندياً وستة مدنيين إسرائيليين قتلوا.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجومين اللذين وقعا في سيناء يوم الجمعة. وكانت جماعة أنصار بيت المقدس انشط الجماعات الجهادية في سيناء قد أعلنت مسؤوليتها عن هجمات مماثلة.
واتهمت مصر حماس من قبل بمساعدة جماعات اسلامية مسلحة في سيناء. وتنفي الحركة هذا الاتهام.
وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس في غزة ما حصل في سيناء لا شك آلمنا جميعاً ونأسف فعلاً لما حصل ونحن ضد إراقة أي قطرة دم مصرية ودوماً نتمنى لمصر الأمن والاستقرار كما نتمناه لشعبنا الفلسطيني.
وأضاف أن مصر أبلغت الحركة بأن المفاوضات لن تجرى في موعدها المقرر غداً الاثنين. وقال مسؤول إسرائيلي إن مصر لم تبلغ إسرائيل بعد بتأجيل المفاوضات.
وأعلنت مصر حالة الطوارىء في أجزاء من محافظة شمال سيناء المجاورة لقطاع غزة كما فرضت حظر التجول في مناطق يشن فيها الجيش حملات على عناصر يشتبه بأنها قتلت المئات من الجنود ورجال الشرطة خلال العام المنصرم.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق