افتتاحية

ساهموا في ابعادهم والا… انتم المسؤولون؟

قانون الانتخاب الجديد الذي طالما انتظره الناس وعللوا النفس برؤية طلته البهية يبدو انه شارف على النهاية وقد يصدر خلال ايام او ساعات، لا بل يكون قد صدر مع كتابة هذه السطور. هذا ما يقوله الطباخون العاملون على انجازه، ولكن نحن الملدوغين مرات ومرات من عقارب السياسة لا يمكننا ان نصدق الا بعد رؤية هذا القانون يصدر في الجريدة الرسمية، لان التجارب علمتنا الا نثق ولو لمرة واحدة بهذه المجموعة السياسية التي قلنا فيها ما قلنا على مدى الاسابيع والاشهر الاخيرة، ولم يعد هناك عبارات تكفي لتعبر عن افعال هؤلاء. ويبدو اننا كنا على حق في تشاؤمنا، اذ استمرت المماحكة السياسية الصبيانية التي توشك ان تضيّع البلاد.
تباشير الايجابيات بدأت مع الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى افطار اقيم في قصر بعبدا مساء الخميس الماضي، وضم كل سياسيي البلد باستثناء النائب سليمان فرنجية. ولن ندخل هنا في اسباب هذا الغياب، رغم انه قال يوماً اذا وجهت الدعوة الي ازور بعبدا، اما وان الدعوة وجهت اليه ولم تلب فهذا عائد الى النائب فرنجية وحده.
الصورة التي رحب بها اللبنانيون كانت تلك التي ظهر فيها رئيس الجمهورية متوسطاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. فبدا ان العلاقات بين بعبدا وعين التينة دخلت مرحلة الترميم. فالمواطنون ملوا الخلافات السياسية، وخصوصاً بين الكبار، وهم ينشدون السلام بين الجميع. وساعد على تكوين الجو الايجابي اقدام رئيس الجمهورية على توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، وان كان تاريخ بدء العمل به تجاوز الخامس من حزيران موعد الدعوة التي وجهها الرئيس بري لعقد جلسة المجلس. اذ نص مرسوم فتح الدورة الاستثنائية على بدء العمل به في 7 حزيران وحتى العشرين منه ضمناً.
بعد انتهاء الافطار بدأت التعليقات على النتائج وتردد ان الاتفاق تم فعلاً على الخطوط العريضة لمشروع القانون، وتبقى هناك تفاصيل لا يمكن الاستهانة باهميتها، وهي التي ما زالت تعرقل صدور القانون. ولكن ان صدقت النيات، خصوصاً وانه لم يعد هناك متسع من الوقت للمناورة، فان كل شيء سيتم ويصدر القانون على اساس النسبية و15 دائرة والصوت التفضيلي غير الطائفي. وقد سقط نقل المقاعد رغم اهميته كما سقط تخفيض عدد النواب.
المشكلة التي تصدم المواطنين ونحن معهم في هذا القانون، هي ان التمديد واقع حتماً، ولمدة قد تمتد الى حوالي السنة. ذلك ان القانون الجديد يلزمه التحضير له من قبل وزارة الداخلية، التي تقول انها بحاجة الى اشهر لترتيب الامور ولشرح القانون للمواطنين، خصوصاً وانه لا يخلو من التعقيدات.
اذاً ان المواطن اللبناني مضطر قسراً الى ان يتحمل هؤلاء الجاثمين على صدره وصدور عائلته، ما لا يقل عن السنة تقريباً. فهل لا يزال هذا المواطن الذي ذاق الامرين من ظلم وعدم كفاءة هؤلاء السياسيين، قادراً على التحمل؟
لو اردنا ان نعدد «الانجازات» القاتلة التي حققها هذا المجلس لا بد لنا من البدء بقانون الايجارات الذي اقل ما يوصف به انه قانون تهجيري اقره المعنيون، وكل لبناني يعرف لماذا اقروه، وما هو الثمن لتهجير حوالي المليون لبناني ورميهم على الطرقات. ولو سألت النواب الذين صوتوا عليه ان كانوا يعرفون مضمونه لاجابوك بهز الرأس الى الوراء. فما هذا الظلم؟ لقد فعلوا كل ما فعلوا خدمة لشركات عقارية ولحفنة من اصحاب الجيوب المنتفخة، ولم يسألوا عن الشعب، وتجاهلوا مصالحه، فهل ان بقاءهم تحت قبة البرلمان يمكن ان يتحمله الناس؟
القرارات التي اتخذها المجلس النيابي خلال سنوات التمديد. يجب اعتبارها كلها غير شرعية، لانها صادرة عن نواب متواجدين بارادتهم لا بارادة الناخبين وبالتالي هم غير شرعيين دستورياً. ولذلك يجب الغاء كل هذه القوانين لان ما بني على باطل هو باطل، ومن هذه القرارات قانون الايجارات الذي يهدد ثلث الشعب اللبناني بالتشريد والضياع. لقد وضع هذا القانون لضرب العائلات المسحوقة العاجزة عن دفع المزيد لجيوب لم تعد تتسع للمزيد. هؤلاء الذين رفعوا الاصابع للتصويت على القانون هل يستطيعون النوم، وهل ان ضمائرهم مرتاحة وقد فعلوا ما فعلوا؟ هل فكروا يوماً بما سيحل بهؤلاء؟ هل صوتوا على مشروع واحد يحمي هؤلاء بتأمين مساكن لهم تتلاءم مع قدرتهم المادية؟ وماذا فعلوا لمن قاتلوا من اجلهم واوصلوهم الى ساحة النجمة لينعموا بخيراتها؟ هل فكروا ان الدولة الواقعة تحت عجز، وقد بلغ مجموع الدين العام حوالي الثمانين مليار دولار، من اين ستأتي بالمال لانشاء حساب يتولى الدفع عن الطبقات الفقيرة؟ واذا فرضنا انها انشأت هذه الحسابات وتعثر الدفع ماذا سيحل بالمالكين والمستأجرين؟ وماذا سيحل بالقضاء الذي سيغرق بسيل من الدعاوى لا اول لها ولا اخر، وماذا سيحل بالناس؟
لماذا لا يأخذون بنصائح اللجان وتجمع المحامين وبعض السياسيين غير الداخلين بلعبة المصالح والانتفاع من هذا القانون؟ قال احد النواب محذراً من افراغ بيروت من سكانها وتغيير معالمها. ان الشركات العقارية عندما تنتهي من مجزرة رمي العائلات الفقيرة في الطرقات، بواسطة هذا القانون الظالم، ستهدم المنازل الاثرية والتراثية، وكل ما يقع امامها، وتبني محلها ابراجاً لا قدرة للسكن فيها الا للاثرياء. لماذا لا يخفضون الزيادة الى نصف بالمئة وينقذون خزينة الدولة من اعباء لا قدرة لها على تحملها، ويمكنون المستأجرين من تحمل عبء الزيادة.
في النهاية نأمل ان يرحل هؤلاء، وعلى الشعب الا يعيد احداً منهم والا كان هو المسؤول، ومساهماً في زيادة الفساد.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق