سياسة لبنانيةلبنانيات

اطلاق الصواريخ من الجنوب ضربة للبنان قبل اسرائيل والمسؤولون غائبون

الشكوى الى مجلس الامن كشفت سوء التصرف وعجز السلطة عن القيام بواجباتها

حادث امني واحد خرق استراحة الاعياد، وادخل لبنان في دائرة الخطر الشديد، تمثل في اطلاق دفعة من الصواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة، شكلت اساءة بالغة الى لبنان، وباب نجاة لنتانياهو للافلات من الطوق الذي فرض عليه بعد الاعتداء على المسجد الاقصى، والذي ادانته الدول الكبرى. فهل لمطلقي الصواريخ ان يقولوا لنا بماذا افادت القضية الفلسطينية؟ فضلاً عن ان اللبنانيين يتساءلون كيف يمكن لاي شخص مقيم على الاراضي اللبنانية، وسواء كان مواطناً غريباً ان يسيء الى البلد الوحيد الباقي كملجأ، بعدما سار عدد من الدول العربية في عقد اتفاقات صلح مع اسرائىل؟ ان اطلاق هذه الصواريخ ضربة موجهة الى لبنان قبل اسرائيل، واساءت اليه وجعلته هدفاً للعدو.
هذا الحادث كشف غياب المسؤولين اللبنانيين التام عن القيام بواجباتهم. وكل ما قاموا به في هذا المجال، انهم قدموا شكوى الى مجلس الامن الدولي، رغم ان دوله كلها ادانت اطلاق الصواريخ وايدت حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها كما قالت، فكانت الشكوى دليلاً فاضحاً على سوء ادارة هذا الحادث القاتل للبنان وللشعب اللبناني على حد سواء.
وعجز السلطة اللبنانية، المتمثل بتعطيل المجلس النيابي، يؤكد ان النواب قاصرون عن القيام بما يتوجب عليهم القيام به، فمر حادث اطلاق الصواريخ، دون ان تصدر ولو كلمة واحدة عن هذا المجلس، ودون ان يتحرك لانتخاب رئيس للجمهورية يتبعه تشكيل حكومة فاعلة، تكون قادرة على ضبط الاوضاع واسترجاع السيادة الضائعة التي تخلت عنها المنظومة. اما رئيس حكومة تصريف الاعمال فاكتفى بالقول ان الصواريخ التي اطلقت لم تكن صادرة عن فئة منظمة بل عن افراد غرباء وقال ايضاً ان الحكومة لا تعرف ان كان حزب الله على علم مسبق بما جرى.
ازاء هذا التخبط الداخلي اصبح من الواضح ان الشغور الرئاسي، بات مرتبطاً بالخارج، ولذلك فان الحل لا يزال بعيداً لانشغال الكل بترتيب امورهم وامور المنطقة، على ان يأتي لبنان في سياق الحلول التي يُعمل عليها اليوم. اليس من المعيب ان يتقاعس النواب عن القيام بواجباتهم، ولم تمض اكثر من شهور قليلة على انتخابهم، ليمثلوا الشعب ويدافعوا عن قضاياه وحقوقه. لقد تلاقت العظات الدينية بمناسبة عيد الفصح على استنكار تعطيل المجلس النيابي. وانتقد البطريرك الراعي بشدة هذا التخلي عن المسؤولية واتهم النواب بالتقصير والفشل. حتى البابا فرنسيس، لم ينس لبنان في كلامه امام الاف المؤمنين في ساحة القديس بطرس اذ قال يا رب ساعد لبنان الذي لا يزال يبحث عن الاستقرار وسط انقسام السياسيين وخلافاتهم. الا ان كل ذلك لم يحرك ساكناً عند من يعنيهم الامر.
اما الحكومة فمعطلة بالكامل. اسابيع مرت والموظفون والعمال في القطاعين العام والخاص ينتظرون اجتماع مجلس الوزراء، لاقرار بعض الزيادات التي تساعدهم على مواجهة الغلاء الفاحش الذي حول حياتهم الى جحيم، الا انه يؤجل الاجتماع من اسبوع الى اسبوع، لان المال كما يقول غير متوفر وهذا معروف لان المنظومة لم تترك مالاً في خزينة الدولة. فافرغتها ورتبت على البلد اكثر من 75 مليار دولار ديناً، تحاول الحكومة اليوم التهرب من المسؤولية وتحميل المودعين العبء كله، فارضة الحماية للمصارف شريكتها في الهدر، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال الخطط التي قدمتها الى المجلس النيابي ورفضها الجميع.
والسؤال المطروح اين الاتحاد العمالي العام؟ لماذا يلتزم الصمت، وهل هو راضٍ عن هذا الهروب ام انه يشارك فيه؟ لقد وعد موظفي القطاع العام بالمن والسلوى التي قدمتها وعود رئيس الحكومة، ووعد عمال القطاع الخاص بتصحيح الاوضاع، ولما تقاعست الحكومة، وبدل ان يتحرك هو، لزم الصمت. هل اصبح الكل ضد الشعب اللبناني والى متى سيبقى هذا الشعب صامتاً؟ الم يشعر بالوجع بعد، ليتحرك ويطالب بحقوقه المهدورة والمنهوبة؟ لقد سجل الغلاء في الاسابيع الاخيرة ارقاماً خيالية، ووجد الكثيرون انفسهم غير قادرين على تأمين حياتهم، الا ان صيحاتهم لم تخرق اذان المسؤولين، وما زالت السوبرماركت والمحلات التجارية تتفنن في اتباع الوسائل لابتزاز الشعب وتحميله فوق طاقته من اجل جمع الثروات على حسابه. انه حقاً وضع مؤلم يتفاقم يوماً بعد يوم وسط غياب للمسؤولية كي لا نقول انه تآمر على المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق