سياسة لبنانيةلبنانيات

الجمود الداخلي والخارجي زاد الازمات خطورة وفي طليعتها النزوح السوري

التصريحات السياسية وحدها بلا فائدة ما لم تقترن بقرارات حازمة تنفذ فوراً

تنكر السياسيين لمسؤولياتهم، ووقوفهم وراء متاريسهم التي اقاموها بوجه بعضهم البعض، جمدا الوضع الداخلي، فسار من سيء الى اسوأ دون اي شعور او حس بالمسؤولية تجاه بلدهم وشعبهم. وسار على هذا المنوال النشاط الخارجي، ولم يعد احد مستعجلاً لوضع حد لهذه الازمة المستعصية، وازالة الكابوس عن صدور المواطنين. فالخارج ليس احرص على البلد من اهله. المبادرة الفرنسية اسقطها الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان، ودعا الى البحث عن الخيار الثالث، ولان دعوته لم تلق القبول من الفريق الممانع، تمترس هو الاخر في باريس ولم يعد مستعجلاً، وحتى الساعة لا معلومات عن موعد زيارته الرابعة، ولا عن طروحات جديدة يمكن ان يحملها معه. كذلك فان وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري الذي كان قد حدد موعد عودته الى بيروت اليوم الخامس من تشرين الاول، جمد هو الاخر تحركه وارجأ زيارته. وقد تردد ان اللجنة الخماسية التي اعلن عن اجتماع لها في الرياض في غضون اسبوعين لم يعد معروفاً ما اذا كانت ستجتمع ام لا.
يستدل من كل ما تقدم ان الحلول مرتبطة بارادة الداخل ولا يمكن لاي جهة، مهما عظم شأنها، ان تبدل الوضع القائم، الا بتراجع الاطراف اللبنانية عن مواقفها المتصلبة والمدمرة للبلد. انهم يعلمون كل ذلك ومع ذلك فهم غير مستعدين للتراجع خطوة الى الوراء، فيما الشعب مصدر السلطات كلها واقف يتفرج ويعد العصي التي تنهال عليه من كل حدب وصوب فمبروك لهذا الشعب النائم.
وفي غياب الحلول السياسية، ازدهرت الازمات الاخرى وفي طليعتها ازمة النازحين السوريين الذين تغذيهم الدول الغربية. وكأن هناك مؤامرة لانهاء لبنان، يشارك فيها الجميع، حتى النظام السوري الذي لم يتخذ تدبيراً واحداً لوقف هذا النزوح القاتل. اما الحكومة اللبنانية فعاجزة عن اي تدبير، حتى انها لا تستطيع وقف منظمة شؤون اللاجئين عند حدها، وهي التي تتحدى الدولة اللبنانية وتحجب عنها الداتا وكل ما يتعلق بالوجود السوري الشرعي وغير الشرعي على الارض اللبنانية. وقد بدأت الامور تتخذ طابع الخطورة. فقد داهم الجيش منذ ايام مخيماً للاجئين وصادر اسلحة وذخائر. فما هو الهدف من تخزين السلاح؟ وما هي اهداف المؤامرة التي تحاك ضد هذا البلد.
وحده وزير الداخلية بسام المولوي دق ناقوس الخطر الذي يمثله النزوح السوري الكثيف وغير الشرعي ولفت الى عدد كبير من الجرائم المتنوعة والكبيرة يرتكبها السوريون في لبنان بنسبة تفوق 30 بالمئة. وهذا الموضوع يستدعي التعاون للحفاظ على بيئتنا وصورة هوية بلدنا واشار الى اننا نريد خطة لاعادة النازحين ضمن اطار زمني واضح. ان اجتماعاتنا ليست لتنظيم الوجود السوري ولن نقبل باي مساعدات تهدف للتغاضي عن وجود اي سوري غير قانوني. فلن نسمح للوجود العشوائي السوري وسيتم تحديد اعدادهم في الوحدات السكنية.
وطالب مولوي بعد اجتماع مع المحافظين ورؤساء البلديات، من كتاب العدل بعدم تنظيم اي عقود لسوريين لا يملكون اوراقاً قانونية. وكما يطبق القانون على اللبنانيين سيتم تطبيقه على السوريين. وشدد على اننا لن نقبل باستباحة بلدنا وتغيير ديموغرافيته مقابل المال. فلبنان ليس للبيع.
واضاف: نعمل كخلية نحل دائمة ومستمرة لمعالجة الازمة، وللوقوف بوجه الاضرار الهائلة التي تلحق بلبنان واللبنانيين والديموغرافيا اللبنانية جراء الانفلات والتصرفات غير المقبولة نتيجة النزوح السوري. واكد انه لا يمكننا ان نبقى في حال تراخٍ تجاه الوجود السوري في لبنان . وقد عممنا على كل البلديات اننا سنحاسب كل شخص مقصر بحق شعبه وبلدته. لن نسمح بالوجود السوري العشوائي في لبنان وعلينا ان نحدد عدد السوريين الموجودين في كل شقة، ولن نسمح بوجود اكثر من عائلة فيها، ان مطلب لبنان ليس تنظيم الوجود السوري. بل مطلبنا الحد من الوجود السوري. وشدد على اننا نطلب من البلديات تقديم تقرير دوري كل 15 يوماً، عما فعلته بشأن الوجود السوري من قمع مخالفات وازالة تعديات، وان اي مختار يعطي افادة كاذبة او مزورة سنحقق معه في الدوائر المختصة في وزارة الداخلية. وشدد على ان بلدنا ليس للبيع وهو يبقى لبنان. وختم بالقول: لن نقبل بالتغاضي عن مصلحة بلدنا لقاء مساعدات معينة او مال معين يدفع من اي جهة كانت.
بدوره وزير العدل القاضي هنري خوري اشار الى خطورة الموجة المتزايدة للنزوح السوري وتداعياته وارتداداته على دول الاتحاد الاوروبي. وحث المنظمات الحكومية وغير الحكومية على دعم الاشخاص في الحفاظ على حريتهم في بلدانهم الام، وتقليل رغبتهم في المغادرة. وينبغي استثمار المساعدات المالية في بلدانهم الام. ولفت الى ان تدفع لهم في بلدهم، لانه دعم النازح في بلده الام لا حاجة له للخروج منه.
الجميع باتوا يضيقون ذرعاً بهذا الوجود القاتل. فهل يقف المسؤولون الوقفة الجريئة المدافعة عن لبنان، اياً تكن الضغوط الخارجية التي هدفها الوحيد ابعاد خطر النزوح عن بلدانها حتى ولو انهار وطن وشعب بكامله. الوضع لم يعد يحتمل التأجيل، وتبقى العبرة في اتخاذ القرارات الصارمة والاهم تنفيذها. وتجاوز اي تهديدات لان تنفيذها لن يكون اشد ضرراً من الوجود السوري الزاحف بقوة. التصريحات وحدها لا تكفي بل يجب اتخاذ القرارات وتنفيذها بسرعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق