سياسة لبنانية

الجيش يحبط مؤامرة ربط لبنان بدولة داعش وفتح الحدود مع سوريا

رفع احد رؤساء الاجهزة الامنية منذ اكثرمن شهر تقريراً سرياً الى كبارالمسؤولين، وفيه «ان الوضع في بلدة عرسال على حافة الانفجار، وهناك مصلحة وطنية عليا للاسراع في معالجة الواقع داخل البلدة التي تستضيف 120 الف نازح سوري وعدد سكانها 35 الفاً». وفي التقرير «ان هناك مجموعات مسلحة من بين النازحين تشكل خطراً، اضافة الى ان المعارك التي تحصل على الحدود بين عناصر حزب الله ومسلحي المعارضة تزيد من الامر تفاقماً وتأزماً». وخلص التقرير الى «مطالبة السلطة السياسية بوجوب الاسراع في معالجة الامر».

على اثر التقرير اجتمع قادة الاجهزة الامنية في سياق اجتماعاتهم الدورية في مكتب قائد الجيش، وجرى التطرق الى مضمون التقرير، بعدما سربت جهات سياسية الى الاعلام معلومات مفادها ان مجموعات من «داعش» قد تقدم على عمليات عسكرية في مناطق شيعية في البقاع، انتقاماً لمشاركة عناصر حزب الله في الحرب في سوريا، وفق المعلومات التي اشارت الى ان دخول هذه المجموعات الى لبنان تأتي في سياق توسيع مساحات دولة داعش، وتوسيع سيطرة خلافة البغدادي، بعدما اعلنت مجموعات متطرفة اصولية تحت اسم داعش قيام الخلافة في بغداد وجزء من سوريا وتعمل على توسيع مملكة الخلافة. وتحدثت اوساط سياسية في 8 اذار عن سعي لضم لبنان الى الخلافة واقامة امارة لبنان.

مواجهات عنيفة
ترافقت هذه المعطيات مع وقوع مواجهات عنيفة في منطقة القلمون التي كان سيطر عليها جيش النظام ومقاتلو حزب الله، الى ان استعاد مسلحو المعارضة بعض المواقع فييها. وحصلت حوادث كر وفر سقط بنتيجتها عدد من القتلى في صفوف الفريقين، وتكبد الحزب وفق المرصد السوري خسائر بشرية كبيرة. واستخدم مسلحو المعارضة عرسال منطلقاً، مع وجود الكم الهائل من النازحين السوريين فيها. واعتبر جيش النظام ومقاتلو الحزب عرسال هدفاً، بعدما تحولت الى ملجأ لمسلحي المعارضة السورية. وتخوفت اوساط امنية من حصول حسم لهذه الوضعية، وتحدثت عن سيناريوهات عدة. واعتبرت قوى 14 اذار ان جماعة النظام في سوريا والحزب يريدان وضع عرسال تحت سيطرة جيش النظام ومقاتلي الحزب، خصوصاً بعد التطورات الدراماتيكية التي حصلت في المناطق الحدودية المحاذية لعرسال. واطلق رئيس بلدية عرسال حيال هذا الواقع المأسوي، وعجز البلدة عن استيعاب حجم النازحين وعدم توفير المأكل والمأوى لهم، نداء استغاثة طالباً من الجيش الدخول الى عرسال لحماية السكان، بعدما تعرضت اطراف البلدة والجرد الى نيران سورية، الا ان نداءات رئيس البلدية لم تلق اي تجاوب.

تفاصيل الاعتداء
كيف وقعت الاشتباكات؟ يروي احد ابناء البلدة ان حاجزاً متقدماً للجيش اوقف سيارة كانت تقل جريحاً وعناصر من مسلحي المعارضة السورية، واوقف عماد احمد جمعه، تبين لاحقاً انه امير النصرة في لبنان، كما قالت اوساط المعارضة. وعلى الفور انقض مسلحو المعارضة على حواجز الجيش والثكنة والمخافر واحتجزوا عناصر من الجيش وقوى الامن وبدأوا بقصف المواقع العسكرية مطالبين بالافراج عن جمعه. تطور الوضع واستقدم الجيش تعزيزات استرجع مواقعه المتقدمة وابعد المسلحين الذين تحصنوا في عرسال، حيث حصلت مجازر واعمال نهب وسلب وقتل، مما اضطر بعض سكان البلدة الى مغادرتها هرباً. رفض الجيش وقف اطلاق النار ووضع شروطه للمعالجة طالباً انسحاب المسلحين الى داخل سوريا وتسليم الاسرى. وطالبت هيئة العلماء التي تولت التفاوض بدخول الجيش الى عرسال، لا ان يبقى في الجرد لضبط الحدود. واتهمت هيئة العلماء جهات لبنانية بزج الجيش ووضعه بوجه السنة تحت عنوان ان السنة يستهدفون الجيش، مما حمل رئيس الحكومة تمام سلام وقيادات سنية في مقدمها الرئيس سعد الحريري على شجب التعرض للجيش والتنديد بما جرى. وقال الحريري «ان الجيش خط احمر». واكد سلام بعد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء استنفار المؤسسات والاجهزة للدفاع عن لبنان والوقوف صفاً واحداً خلف الجيش وعدم توفير اي سبيل لدعمه، مشدداً على ان لا مهادنة مع الارهابيين ولا حلول سياسية مع التكفيريين الذين يعبثون بارضنا. ودعا سلام اللبنانيين الى التمسك بمؤسساتهم الدستورية وتنظيم الخلافات في ما بينهم. ووجه التحية الى ابناء عرسال واعداً بان عذاباتهم لن تطول، والدولة لن تتركهم فريسة الفوضى والاهمال. وعلى رغم مواقف الحريري حاولت اوساط سياسية في 8 اذار التشكيك في موقف المستقبل من دعم الجيش في عرسال، وتسريب معلومات عن تفكك في المستقبل وخروج بعض النواب على تعليمات الحريري الذي قالت اوساطه «ان هم هؤلاء هو شن حملة على المستقبل وليس الوقوف وراء الجيش». وقال نائب في المستقبل ان 8 اذار صبت غضبها على المستقبل فيما كانت عرسال تتعرض لعمليات عسكرية.

سيطرة الجيش
لقد نجح وفد العلماء بابعاد الفتنة التي اطلت برأسها من عرسال بعد اجتماع عقده مع قائد الجيش في مكتبه، تم خلاله الاتفاق على آلية لانهاء المواجهات وسحب المسلحين الى داخل سوريا ونشر الجيش في عرسال، واجهاض المشروع الذي كانت تعد له جهات محلية بالتعاون مع جهات خارجية، بدخول عناصر حزبية الى عرسال لترويضها ومنع التواصل بين اهلها ومسلحي المعارضة السورية. واحبط الحزب وفق اوساط سياسية عملية «ليلة القدر» التي كان مسلحو المعارضة ينوون القيام بها. وقد تمكن الجيش من السيطرة على الوضع تاركاً لهيئة العلماء مهمة تنفيذ الالية لمعالجة الوضع. وتعرض وفد العلماء اثناء دخوله البلدة منتصف ليل الاثنين الثلاثاء الى اطلاق نار فاصيب بعض اعضائه وتمكنت سيارات الصليب الاحمر من نقلهم من عرسال الى احد مستشفيات المنطقة.
ان التطورات التي طرأت في عرسال مؤخراً باتت تطرح بالحاح معالجة ملف النازحين السوريين الذين تحولوا الى قنابل موقوتة، بدليل خروج المسلحين من الخيم لمواجهة الجيش. كما ان موضوع ضبط الحدود سيثار بشكل جدي بعدما تبين ان لبنان هو خارج دائرة الصراع الاقليمي، ويفترض تحييده عما يجري.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق