سينما

The Lone Ranger… الوسترن على صهوة الطرافة والمغامرات

بعدما سبح طويلاً في بحر القراصنة، القرصان جاك سبارو يتحوّل هندياً احمر يعتمر غراباً اسود على رأسه ويمتطي حصان الكاوبويز وينطلق في صحراء الغرب الاميركي في مغامرة ديزني الجديدة من نوع الوسترن The Lone Ranger…

صحيح ان اللبنانيين لم يسمعوا من قبل بالحارس الوحيد والمقنع الذي يسعى الى تحقيق العدالة في الغرب الاميركي، ولكن هذه الاسطورة معروفة جداً في الولايات المتحدة، وهي في الاصل سلسلة اذاعية انطلقت عام 1933 وعرفت نجاحاً ساحقاً طوال 20 عاماً وعلى مدى 3 آلاف حلقة، قبل ان يقتبسها التلفزيون الاميركي في مسلسل عرف بدوره النجاح الكبير بين عامي 1949 و1957، وتنقلها السينما في اربعة افلام اشهرها The Lone Ranger and the Lost City of Gold عام 1958 وThe Legend of the Lone Ranger عام 1981.

الحارس الشهير
هذه الشخصية الشهيرة لدى الشعب الاميركي والتي تعود الى القرن التاسع عشر، اثارت اهتمام كل من استديوهات ديزني ومثلث سلسلة افلام Pirates of the Caribbean المنتج جيري بروكهايمر والمخرج غور فيربنسكي والنجم جوني ديب الذين قرروا استعادتها من خلال فيلم عائلي من نوع الوسترن يمزج المغامرات بالحركة والمؤثرات والمؤامرات، والاجواء الطريفة والمضحكة بمناخات من الدراما والعنف. واللافت ان الشريط حاول تكريم مبتكر الشخصية في الثلاثينيات جيمس جويل، فدعا حفيدته وابنتها الى الظهور في لقطة صامتة كتحية له منهم جميعاً.

ولادة اسطورة ورحلة انتقام
يبدأ الفيلم في متحف اميركي حيث يعرض تمثال للهندي الاحمر العجوز تونتو (جوني ديب). تونتو ستدب فيه الحياة وسيبدأ برواية قصة الحارس الوحيد صاحب القبعة البيضاء والقناع على العينين، لفتى صغير كان يزور المتحف. الحارس الوحيد هو المحامي جون ريد (ارمي هامر) الذي سيعود عام 1869 الى بلدته التكساسية بعد غياب طويل لمقابلة شقيقه الحارس دان وزوجة شقيقه ريبيكا (روث ويلسون) التي لطالما احبها. البلدة تستعد لاستقبال القطار بفضل جهود الثري ليثم كول (طوم ويلكنسون) لمد سكة الحديد. وجون يستعد لمرافقة شقيقه في رحلة البحث عن الفار من وجه العدالة باتش كافينديش (ويليام فيشنر). ولكن عندما سيتعرض الشقيقان لهجوم وحشي من قبل عصابة كافينديش، سيتمكن جون من النجاة بفضل مساعدة الهندي تونتو، وسيقسم على الانتقام من قاتل شقيقه. مع تونتو المصمم هو الاخر على الانتقام من قتلة عائلته، سيتحوّل جون «الحارس الوحيد» المقنع الذي يسعى لتحقيق العدالة ولكشف من يقف وراء  المؤامرة التي تهدف الى خرق الهدنة بين البيض والهنود ولسرقة الفضة من اراضي الهنود.
هذه الاجواء الوسترنية سنتابعها من خلال شريط  حافل بالطرافة المفرقعة بين الثنائي الظريف جوني ديب وارمي هامر، والمغامرات المسلية والحركة الاستعراضية والاجواء الترفيهية والمؤثرات البصرية والمطاردات على ظهور الخيل والقطارات. الشريط مناسب للعائلة كلها رغم احتوائه على بعض المشاهد القاسية والعنيفة غير المناسبة للاولاد، تماماً مثل مدته الطويلة (ساعتان و29 دقيقة) التي لن تكون ملائمة للجمهور الصغير، والتي ستصيب الكبار بالضجر مع تفرّع الحبكات بشكل يبطىء ايقاع الفيلم، قبل ان يبدأ التشويق المتسارع والمتصاعد في القسم الاخير منه.

 


جوني ديب القرصان الهندي
اول ما يلفت الانتباه عند مشاهدة الفيلم، هو الشبه الكبير بين مظهر القرصان جاك سبارو الذي قدمه ديب في سلسلة Pirates of the Caribbean، وشكل الهندي تونتو الذي استوحاه ديب بنفسه من لوحة. هذا اللوك تطلب من جوني ديب البقاء ساعة ونصف الساعة يومياً تحت انامل مصمم الماكياج جويل هارلو الذي كان يضع على وجه النجم وانفه مجسمات بلاستيكية خاصة تلتصق ببشرته كجلد سميك آخر. جوني كان يضطر احياناً لابقاء الماكياج لايام عدة لأنه كان يشعر بأنه يصبح اكثر طبيعية على وجهه. كما اضطر الممثل الى اخفاء الاوشام العديدة على جسده وقام برسم وشم جديد على يده ملائم لشخصية الهندي وهو على شكل برق يمكن ازالته بعد انتهاء التصوير. اما قبعته الغريبة فهي عبارة عن غراب اسود يرمز للقوة لدى قبيلة كومانش الهندية التي ينتمي اليها تونتو، وقد قام مصممو الازياء والاكسسوارات بتنفيذ 15 تصميماً منحوتة ومخلوطة بمواد تحنيط. وكما هو معروف، جوني ديب ليس غريباً عن عالم الهنود الاميركيين لأنه يحمل في عروقه دماءً هندية من جهة جدوده الذين كانوا ينتمون الى قبيلة شيروكي الهندية. وبما انه مشهور ايضاً باحترافيته واصراره على توخي المصداقية الثقافية والتاريخية، قام النجم بتلقي دروس اولية ليتمكن من التكلم بلغة الكومانش، وقد ارتبط بصداقة مع عائلة من الكومانش وظل على صلة بتلك القبيلة حتى بعد انتهاء التصوير.

واقعية مطلقة
في اية حال المصداقية لم تكن شغل جوني ديب الشاغل لوحده، فمخرج الفيلم صمم على احترام الواقعية وقام بالتصوير في غرب الولايات المتحدة وتحديداً في محميات تعيش فيها عائلات هندية، وقد واجه فريق العمل خلال التصوير الذي استمر 7 اشهر، العديد من العواصف الرملية في نيو مكسيكو. ايضاً اجبر فيربنسكي جميع الممثلين للخضوع لدورة تدريبية على ركوب الخيل وحمل المسدس وبرمه مثل اي «كاو بوي» خبير، واطلاق النار بثقة وقوة. بدورها الازياء جاءت وفية تماماً لموضة الوسترن في القرن التاسع عشر، وقد تم تصميم حوالي 1500 زي ومئات القبعات والاكسسوارات. ايضاً صمم فيربنسكي مع فريق الديكور على خلق مدينة حقيقية من مدن الغرب الاميركي القديم، لذلك لم يكتفوا بتنفيذ واجهات خارجية تمثل المحلات والمقاهي والصالونات والبيوت ومحطة القطار، بل قاموا فعلاً ببناء تلك الاماكن بحجمها الطبيعي وبجميع تفاصيلها، وزرعوا كيلومترات عديدة من سكك الحديد واستعانوا بقطار حقيقي بحجمه الضخم لتصوير مشاهد الحركة العديدة التي تدور في داخله وعلى سطحه وبين مقطوراته. هذه المشاهد استلزمت الاستعانة بعدد كبير من البدلاء الخبراء في هذه النوعية من اللقطات، وتحديداً المشهد الخطير الذي يصوّر ارمي هامر وهو يمتطي حصاناً ويتنقل على صهوته من مقطورة الى اخرى والقطار منطلق بسرعة وهو يطلق النار. وحده الممثل ويليام فيشنر الذي قدم دور باتش كافينديش، صمم على تنفيذ احدى تلك اللقطات الخطيرة بنفسه، فقفز فعلاً من القطار المنطلق ليرسو على صهوة الجواد. اما جوني ديب فلم ينج من سقطة عن الحصان الذي داسه وتابع هرولته اثناء تصوير احد المشاهد، مما اجبر فريق العمل على تأجيل تصوير اللقطة  في ذلك اليوم بسبب الكدمات التي الحقها الحصان بالهندي الشهير.

نجوم الفيلم
ليس مستغرباً أن ينجح النجم جوني ديب في خطف إعجاب الجمهور وهو المعتاد على التألق في هذه النوعية من الادوار الغريبة والمركبة التي تعتمد على التنكّر والماكياج. جوني نجح أيضاً في سحب البساط من تحت قدمي ارمي هامر الذي يعتبر البطل الرئيسي للفيلم والمجسّد لشخصيته الاسطورية، هذا مع العلم أن هامر قدم الشخصية بشكل جيد ومقنع، وهو سبق ان شارك في افلام مثل The Social Network عام 2010 وMirror Mirror عام 2012. والطريف ان هامر ابن الـ 26 عاماً لم يكن يعرف الكثير عن شخصية الحارس الوحيد، فكل ما يعرفه عنه هو أن والده كان من اشد المعجبين بتلك الشخصية الاسطورية وكان يتابع مغامراتها من خلال المسلسل التلفزيوني. ايضاً في الفيلم الممثلة هيلينا بونهام باركر بدور ريد صاحبة الملهى التي تسعى بدورها للانتقام من كافينديش الذي قطع قدمها. هيلينا سبق ان عملت مع جوني ديب في عدد كبير من افلام زوجها المخرج تيم بورتون مثل Corpse Bride وCharlie and the Chocolate Factory وSweeney Todd و Alice in Wonderland وDark Shadow. اما الممثلة روث ويلسون فتتألق في شخصية قوية ورومنسية في الوقت عينه من خلال ادائها  دور ريبيكا حبيبة جون وارملة شقيقه، وهو الدور الذي عرض قبل أن تفوز به على كل من جسيكا شاستاين وآبي كورنيش.

مايا مخايل
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق