رئيسيلبنان

لبنان يطلق «رصاصة الرحمة» على النأي بالنفس

يتجه لبنان نحو منزلقات خطرة لا سابق لها حتى في عز حرب الـ 15 عاماً، التي احتفل في 13 نيسان (ابريل) الجاري بذكراها الـ 38. فالحكومة «قيد التأليف» قد لا تشكل؟ والانتخابات النيابية المقررة بعد حين قد لا تجري، وتوريط لبنان في الأتون السوري قد يعجل بالانفجار المذهبي في ظل فراغ مؤسساتي تصبح معه «الدولة فاشلة» بكل ما للكلمة من معنى.

لم يعد هذا السيناريو مجرد تكهنات سوداوية او توقعات مأسوية. فلبنان والحال هذه إنتقل من حافة الهاوية الى الهاوية بالفعل، في ضوء المجازفة بـ «تطيير» الاستحقاقات الدستورية من جهة وربط البلاد بزنار النار الاقليمي، الذي تزداد إحتمالات إشتعاله بعد عامين من «شراء الوقت»، وهو عمر الصراع المفتوح في سوريا التي يستوطنها الموت والدمار.
فرغم اهمية تشكيل الحكومة الجديدة للخروج من حال تصريف الاعمال واجراء انتخابات عبر قانون توافقي وفي امد منظور، فإن المعطى الاستراتيجي الاهم والأخطر على الاطلاق، الذي قفز الى الصدارة هو القرار الايراني الحاسم بدخول المعركة في سوريا، مما املى على «حزب الله» الذهاب بعيداً في تورطه في القتال، وعلى نحو علني وبـ «المباشر» الى جانب نظام الرئيس بشار الاسد.
إنه المسار الذي يشق طريقه الى نهايات كارثية بدأت ملامحها في القصف الذي ينهمر من خلف الحدود على منطقة الهرمل البقاعية، وفي فتاوى مشابهة لما يقوم به «حزب الله» في سوريا، صدرت عن بعض المشايخ السنة، رغم الطابع الفردي والمحدود لهذه الظاهرة حتى الآن، لكنها مجرد بدايات السقوط في فخ صراع مذهبي مخيف.
هذا الواقع المستجد جاء بعد «إفشاء سر» زيارة الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الى ايران، ولقاءاته هناك مع المرشد الاعلى السيد علي خامنئي وقائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، حيث فهم من المصادر المهتمة ان قراراً استراتيجياً إتخذ بدخول المعركة في سوريا الى جانب نظام الاسد.

لقاءات طهران
وبحسب مصادر عليمة فإن لقاءات طهران شكلت صفارة انطلاق لـ «الاذرع الايرانية» في المنطقة للدخول بقوة لمساندة النظام في سوريا عبر محور يمتد من طهران الى بيروت مروراً ببغداد، وسط تقاطع مصالح مع روسيا، التي تفيد من هذا الصراع لحفظ موطىء قدمها الاخير في الشرق الاوسط، بعدما استبعدت من الساحات الاخرى.
ومع صدور «امر العمليات» الايراني برز بوضوح الدور العسكري لـ «حزب الله» في منطقة القصير السورية ذات الموقع الاستراتيجي، وتزايدت حركة النعوش في معاقل الحزب الذي استمر بتشييع شبان في غير مكان، ،سقطوا في «الواجب الجهادي» في سوريا التي تتحول المعارك فيها «حرب استنزاف» للجميع، لا سيما لايران و«حزب الله».
وبهذا الدخول الفاضح والمتمادي لـ «حزب الله» في معارك سوريا لفظت سياسة «النأي بالنفس» في بيروت آخر انفاسها، وبدا ان لبنان يُزج بصراع كوابيسي لن يكون من السهل تجنب نتائجه الكوارثية… وأول دفعة على الحساب جاءت بالاستهداف اليومي لمناطق محسوبة على الحزب كالهرمل شرق البلاد.
  ولم يكن مستغرباً ان يقلب هذا التطور «الأولويات» في البلاد التي طوت الاسبوع الرابع على تكليف النائب تمام سلام تشكيل حكومته، من دون تقدم فعلي في إتجاه تأليفها، خصوصاً في ضوء «توزيع الادوار» بين مكونات الاكثرية السابقة، مما اوحى بوجود قرار بـ «معاندتها» في الاعتراف بالمتغيرات التي طرأت اخيراً.
فرغم اللهجة «الايجابية» التي يحرص عليها «حزب الله» في مداراة الوضع الداخلي، والتمكن من الانصراف الى معركته الاستراتيجية في سوريا، والايحاءات التي يطلقها شريكه، رئيس البرلمان نبيه بري، عن إستعداده لـ «تدوير الزوايا»، فإن الجميع يختبىء خلف التصلب الذي يتسلح به زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في شأن طبيعة الحكومة، والاحجام فيها والحصص المرتبطة بالحقائب.
ولم يكن المشهد على جبهة قانون الانتخاب افضل حالاً مع دفن لجنة التواصل البرلمانية التي ذهبت الى «التقاعد» بعد الاجتماع الاخير الذي عقدته و«استسلمت» فيه لاستحالة الاتفاق بين ممثلي الكتل على صيغة توافقية لقانون ينقذ الاستحقاق الانتخابي، الامر الذي علق مصير الانتخابات على ما تؤول اليه جلسة البرلمان في 15 ايار (مايو).
فبين حكومة تصريف اعمال قد يطول عمرها وحكومة جديدة يصعب التكهن بموعد ولادتها، وتعليق مصير الانتخابات النيابية على كف المجهول، تتدحرج كرة النار من التورط في معارك سوريا ايذاناً بفصل مأسوي من الصراع الداخلي، الذي تجمعت كل عناصره في المشهد البانورامي اللبناني اخيراً.

حكومة مع وقف التنفيذ
توزّع الحدَث اللبناني و«سيناريوهاته» بين بيروت ودمشق وطهران، على وقع كلام عن عودة «الرعاية السعودية» لـ «الحديقة الخلفية» لسوريا وصراعها المفتوح، وعلى وهج وقائع جديدة، رأس الجبل اللاهب فيها، إرتدادات معركة القصير السورية على الهرمل اللبنانية قصفاً بالصواريخ وبالتهديدات، رداً على الدور المتعاظم لـ «حزب الله» في المعارك الدائرة داخل سوريا.
وساد في بيروت، كلام «إفتراضي» عن حكومة قريبة يعكف على تشكيلها تمام سلام، وسط مناورات بـ «السلاح الابيض» على حافة الفرصة الاخيرة لإنقاذ الاستحقاق الانتخابي، في ظل سيناريوهين كانا يتنافسان، واحد بـ «مقويات» داخلية يحاول عزل الاستحقاقات الداخلية عن «الاتون» السوري، وآخر اقليمي يدفع في اتجاه الفراغ.
وفي الوقت الذي كانت بيروت تلهو بالبحث عن شكل الحكومة العتيدة و«جنس» قانون الانتخاب، كان الحدث اللبناني في مكان آخر، يتنقل بين طهران التي استضافت الامين العام لـ «حزب الله» في مباحثات ذات طبيعة إستراتيجية، ودمشق التي قصدتها أحزاب 8 اذار للقاء الرئيس السوري بشار الاسد، الذي ترأس إجتماعاً «لبنانياً» فاخر فيه بـ «إنجازاته» الميدانية وبـ «صموده» في وجه «المؤامرة» الخارجية.
واللافت انه مع اللقاء الذي جمع نصرالله مع المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في ايران، وإستعادة الاسد لـ «الصورة» مع الاحزاب اللبنانية الموالية للنظام السوري، كان السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري يحرص على ضخ المزيد من جرعات التفاؤل بـ «صيف واعد» في لبنان، بالاستناد الى مؤشرات «السياحة والسفر»، وعلى «تطيير» رسائل ودّ لـ «حزب الله» المفتوحة ابواب المملكة امامه، في مبادلة لتأييده تكليف سلام تشكيل الحكومة كـ «خيار سعودي».

بين التفاؤل والتشكيك
ازاء هذه التقاطعات الشديدة الوطأة بين المحلي المترنح على حافة الفراغ، والاقليمي المتطاير من سوريا، بدت المعطيات متناقضة حيال امكان نجاح تمام سلام في تشكيل الحكومة، اقله في وقت قريب. ففي الوقت الذي تحدثت المعلومات عن تحقيق إختراق يؤسس لتفاهم سيفضي الى ولادة الحكومة العتيدة خلال ايام، شككت دوائر مراقبة في إحتمال تذليل العقبات التي تعترض التأليف في وقت قريب.
والتفاؤل بـ «الولادة القريبة» استند الى ما حققه دور «الوسيط» الذي يضطلع به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، مدعوماً من رئيس البرلمان نبيه بري، وهو الامر الذي مكّن سلام من إنتزاع «إتفاق بالأحرف الاولى» على شكل الحكومة وطبيعتها، على ان يصار الى التداول بالاسماء وتوزيع الحقائب.
وعكست هذه المعطيات إتفاقاً ضمنياً مع بري وجنبلاط كانت تجري مناقشته مع «حزب الله» على ان تكون الحكومة من 24 وزيراً، تزاوج بين السياسي والتكنوقراطي، ومن وزراء غير مرشحين للانتخابات وغير حزبيين، لا يستفزون احداً، على ان تجري المداورة بين الحقائب، وهو ما يعني تالياً قطع شوط مهم في عملية التأليف.
غير ان اوساطاً متابعة بدت اكثر حذراً في رسم توقعات ايجابية انطلاقاً من «التمترسات» الآتية:
– تمسُّك فريق 8 آذار بمطلبه بحكومة سياسية ينال فيها الثلث زائداً واحداً مشترطاً حصصاً وازنة في الحقائب، في مقابل اصرار سلام ومعه 14 آذار على حكومة حيادية متجانسة من غير المرشحين للانتخابات ولا تتمثل فيها الاحزاب بأسماء «فاقعة»، ومع اعتماد المداورة في الحقائب ومهمتها الاشراف على الانتخابات ومن ضمن تأجيل تقني لفترة قصيرة.
– تمسك سلام بسياسة «أُزار ولا أزور» (القوى السياسية) وبحقه الدستوري في التأليف من دون إسقاط استعداده لاستقبال كل الاطراف وتلقي أسماء تريدها القوى السياسية ولكن ضمن المعايير التي حددها اي لا للدخول في بازارات التوزير او الاستفزاز او الاستبعاد.
– محاولة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الحريص على عدم تجاوُز الرئيس المكلف، على إسناده «عن بُعد»، عبر السعي الى «حلول وسط» بعدما قطع الطريق على اي سير بحكومة امر واقع او من جانب واحد كان جرى الحديث عنها.
وبهذا المعنى،  كان سليمان يجسّ «نبض» امكان قبول القوى السياسية المتصارعة بتوزير أشخاص غير سياسيين مع إسناد الحقائب الخدماتية إلى وزراء من التكنوقراط، فتكون الحكومة «بوليتكنوقراط».
– استمرار رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط في دور «جسر التواصل»، محاولاً التنسيق بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف، على قاعدة امكان المواءمة بين المنطق الدستوري الذي يتمسك به سلام ومطالب التمثيل السياسي وسط
معلومات عن انه اقترح صيغة من 24 وزيراً يتقاسمها 8 و14 آذار بسبعة وزراء لكل منهما مقابل عشرة لسليمان وسلام وجنبلاط.

تفادي مضاعفات تورط «حزب الله»
في موازاة ذلك، بدا ايقاع الملف الحكومي يسير على  خطى محاولات تفادي المضاعفات المتصاعدة لتورط «حزب الله» في سوريا وسط انتظار ما اذا كان الحزب قد يجد مصلحته في مرونة داخلية يفترض ان تترجم في تسهيل تأليف الحكومة التي توفّر له غطاء يخفف من وقع تورطه ام ان مصلحته هي في حفظ «الستاتيكو» الحالي ضمن بيئة «فراغ» دستوري مما يجعل الساحة اللبنانية «ملقّمة» للاستخدام كيفما تميل «رياح» الصراع الاقليمي على جبهتي سوريا، كما ايران – المجتمع الدولي وما يمليه ذلك من «خطة عمل».
في هذا الاطار، شكّل فرط عقد لجنة التواصل النيابية المكلفة مناقشة صيغة توافقية لقانون الانتخاب قبل الخامس عشر من الشهر المقبل موعد الجلسة العامة للبرلمان مؤشراً سلبياً على امكان ان يكون لبنان دخل في نفق فراغ حكومي قد يمتدّ ليشمل البرلمان مع تطيير الانتخابات النيابية وعدم القدرة على التفاهم حول «تنظيم الفراغ» (اي التمديد للبرلمان)، الا اذا حصلت «معجزة» في الاسابيع الثلاثة المقبلة، تتيح «إنقاذ» الوضع وقطع الطريق على تفاقُم الأزمة عبر التفاهم على ملفيْ قانون الانتخاب والحكومة.
وفي غمرة تبادُل أفرقاء اللجنة الاتهامات بتعطيل عملها الذي عُلِّق بناء على ضغط من «القوات اللبنانية» حرصاً على عدم «إضاعة الوقت» ومحاولة استنزافه للعودة الى قانون الستين (المعلق حتى 19 ايار – مايو) وإفساحاً امام مشاورات ثنائية وثلاثية وربما رباعية بين الاطراف، لفت كلام النائب احمد فتفت الذي اعطى ما يحصل بُعداً خطيراً، قارعاً «جرس الانذار» من ان ثمة خطة لدفع البلاد نحو فراغ كامل: «فلا قانون انتخاب، ولا تمديد للبرلمان، ولا حكومة فنصبح امام امر واقع يتمّ فيه طرح ما كان البعض لوّح به (في اشارة الى «حزب الله») لجهة المؤتمر التأسيسي»، ومشيراً الى «ان من مظاهر الفتنة إفشال عمل اللجنة وعرقلة تشكيل الحكومة والدفع الى الفراغ».

الى الهرمل دُر
… الى الهرمل (البقاع) دُر. وكأنّ هذه المنطقة التي تشكّل احد معاقل «حزب الله» صارت «خط تماس» مباشر مع الأزمة السورية و«ملعب نار» ينذر بأن يتمدّد على الرقعة اللبنانية التي بات «عصْف» النزاع في سوريا يرخي بثقله على واقعها السياسي والأمني في ضوء التداخل بين التدخل العلني لـ «حزب الله» عسكرياً في دعم نظام الاسد وانتقال «الجيش السوري الحر» الى الردّ على «ارض الحزب» (في لبنان)، بدءاً من الهرمل ووصولاً الى مناطق اخرى في العمق اللبناني هدّدت ألوية عسكرية تابعة للثوار بضربها «نوعياً».
وفي حين حضر الملف اللبناني في بروكسيل على طاولة اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي الذين بحثوا في انخراط «حزب الله» في الأزمة السورية وسط معاينة دولية دقيقة لهذا التطور الذي ينذر بتداعيات ديبلوماسية على بيروت، شهد لبنان سباقاً فعلياً بين استمرار قصف الهرمل بصواريخ مصدرها الجانب السوري («لواء عاصفة الشمال» اعلن ان «جبهة النصرة» و«الجيش السوري الحر» يقصفان قواعد لـ «حزب الله» في الهرمل) وطاولت مناطق لم يسبق ان تم استهدافها، و دعوات ضبط النفس وسحب فتيل الانفجار، فيما كان لبنان الرسمي والائتلاف الوطني السوري يخوضان اول «احتكاك» ديبلوماسي وإن غير مباشر تم التعبير عنه في موقفين:
–  الاول للرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي غمز من قناة «الجيش الحر» معتبراً ان «استهداف لبنان بالقذائف والصواريخ لا يحقق المطالب المتعلقة بالديموقراطية، خصوصاً انه يكفي لبنان ما لا طاقة على تحمله في موضوع استقبال النازحين وايوائهم، علماً بأن لبنان ملتزم العمل على ضبط حدوده تنفيذاً لاعلان بعبدا».
وقد طلب سليمان خلال استقباله قائد الجيش العماد جان قهوجي حيث بحث معه في تطورات الاوضاع في المناطق الشمالية والبقاعية المحاذية للحدود السورية، من الجيش والمعنيين «اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاعتداء على اللبنانيين والحفاظ على سلامتهم».
– والموقف الثاني للائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية حاول فيه احتواء بيان «المجلس العسكري» في القصير و«جبهة النصرة» الذي أعلن «نقل معركة الدم إلى قلب لبنان» وانه سيقصف «الهرمل والقرى المحيطة بها وبعلبك والضاحية الجنوبية انتقاماً لدماء السوريين (…)»، فدعا «كتائب الجيش الحر في ريف حمص الغربي إلى ضبط النفس واحترام الحدود السيادية للبنان»، مستنكراً في الوقت عينه «استمرار القوات التابعة لحزب الله في تنفيذ عمليات عسكرية داخل سوريا ومن ضمنها قصف قرى سورية واقتحامها».
واكد الائتلاف في بيان له رفضه أي انتهاك تقوم به أية جهة للأراضي السورية، مطالباً حزب الله بسحب قواته من الأراضي السورية على الفور.
وحذر من «أن اندلاع مواجهات بين مقاتلي حزب الله والجيش الحر في المنطقة سيؤدي إلى مخاطر كبيرة يمكن تجنبها بتحكيم صوت العقل ووقف الخروق والعدوان»، مطالباً «الحكومة اللبنانية التي اعتمدت سياسة النأي بالنفس، بأن تنظر بمنتهى الجدية إلى الوضع وأن تتخذ، قبل فوات الأوان، كل ما يلزم من إجراءات لوقف الاعتداءات التي يمارسها حزب الله، عبر انخراطه (السافر) ووقوفه إلى جانب نظام الأسد فى حربه على الشعب السوري، وتدخلاته التي ستؤدي إلى جر لبنان والمنطقة إلى صراع مفتوح على احتمالات كلها مدمرة».
اما «حزب الله»، فرأى في اول تعليق له على هذه التطورات وبلسان النائب نوار الساحلي ان «القصف الصاروخي لأحياء الهرمل السكنية هو بمثابة رد فعل يائس لعصابات مهزومة لم تحفظ علاقة التاريخ والجغرافيا التي تربط بين الهرمل والجوار السوري»، لافتاً الى «ان الهرمل تحتضن آلاف السوريين ضيوفاً مكرمين في الوقت الذي تتعرض لقصف عشوائي يطاول احياءها السكنية».
واذ اكد «ان هذا الإجرام لن يفتر من عزيمة ابناء المنطقة الذين كانوا يتطلعون الى ان يأتي من العدو الصهيوني»، طالب رئيس الجمهورية والسلطات التنفيذية والجيش اللبناني بـ «اتخاذ ما يلزم لحفظ امن الهرمل وسلامة أهله»، محذراً من«التمادي تحسباً لردود فعل».

مخاوف
وسرعان ما ارتفع منسوب المخاوف في بيروت التي خيم عليها عنوان «اللبنانيون يقاتلون ويتقاتلون في سوريا»، وهي الخلاصة التي ارتسمت مع فتاوى «الجهاد» دفاعاً عن القصير و«نصرةً لأخواننا من اللبنانيين السنّة الذين يتعرضون لمذابح فيها» التي صدرت من صيدا وطرابلس.
ولم تُسقط أوساط سياسية مطلعة في العاصمة اللبنانية من حسابها  المخاطر التي تترتّب على فتاوى الجهاد في سوريا التي أصدرها إمام مسجد بلال بن رباح في صيدا الشيخ احمد الاسير الذي أطلق «كتائب المقاومة الحرة» والشيخ سالم الرافعي (من طرابلس) رداً على تورُّط «حزب الله» في دعم نظام الأسد، مع حرصها على الاشارة الى عدم جواز المقارنة بين أفراد او «شلل» او مجموعات غير منظمة تدخل ارض المعركة في سوريا دعماً للثوار، وحزب (حزب الله) يشكل جزءاً من منظومة امنية وعسكرية ضخمة لا تتحرك الا وفق «خريطة طريق» وتخطيط استراتيجي «مفتاحه» الجمهورية الاسلامية في ايران.
وكان لافتاً انه بعد انكفاء «مدو» لقوى 14 آذار عن مقاربة كشف «حزب الله» انغماسه في الحرب السورية، صدر موقف للرئيس سعد الحريري بالرفض المتوازي لما يقوم به الحزب من «جريمة موصوفة بحق لبنان واللبنانيين بمثل ما هي جريمة بحق سوريا وشعبها»، و«لأي دعوات مقابلة للجهاد في سوريا»، لأن «مثل هذه الدعوات إنما تحقق هدف الأسد المعلن لزجّ لبنان وغيره من دول المنطقة في أتون النار السورية».
ودعا الحريري «جميع اللبنانيين إلى التعبير بكل الوسائل السلمية عن رفضهم المشاركة في مثل هذه الجريمة»، وقال: «كما أعلن رفضي القاطع لأي خطوة مضادة من نوع الدعوات إلى الجهاد المضاد أو الاستنفار الطائفي والمذهبي، سواء أتت من صيدا أو طرابلس أو أي مكان آخر من لبنان. إن جميع اللبنانيين يعرفون أن مثل هذه الدعوات ما هي إلا ملاقاة لحزب الله في منتصف طريق جريمته ومن شأنها أن توفر المبررات المضادة له».
وختم: «جميع اللبنانيين مدعوون إلى مواجهة حفلة الجنون التي يريد البعض للبنان أن ينخرط فيها، وأن يسقط في فتنة سيلعن التاريخ كل من تسبب بها».

فؤاد اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق