سياسة لبنانية

الخريطة السياسية للحكومة

جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت بعد انقطاع لثلاثة أسابيع كشفت وحددت «الخريطة السياسية» لـ «حكومة سلام»، خريطة المواقف والقوى والتحالفات التي يمكن اختصارها على الشكل الاتي:
1- الحكومة تحوي على خمسة مكوّنات سياسية هي (حسب التراتبية العددية):
– اللقاء التشاوري: وزراء سليمان والجميل زائد حرب وفرعون (8).
– المستقبل: وزراء الحريري + سلام (6).
– تكتل الإصلاح والتغيير: وزراء عون وفرنجية والطاشناق (4).
– أمل (2).
– حزب الله (2).
– الحزب الاشتراكي (2).
الملاحظ في التركيبة الوزارية هو التفاوت الفاضح بين التمثيل الحكومي والواقع السياسي. فاللقاء التشاوري حجمه الوزاري مضخم ولا يتناسب مع حجمه الواقعي، وأخذه من حصة القوات اللبنانية التي أخلت الساحة… ولكن هذا الفريق الوزاري فرض نفسه في «لعبة التصويت» إذا اعتمدت وبات يتمتع بدور «القوة المرجحة»… والملاحظة الثانية أن توزع القوى في الحكومة شكل خرقاً للاصطفاف السياسي التقليدي بين فريقي 8 و 14 آذار وحصل نوع من تداخل الحسابات والمصالح.
2- المواجهة الفعلية تدور بين العماد ميشال عون وتيار المستقبل، ولكنها تحولت الى مواجهة بين عون وتحالف ثلاثي يجمع بين بري والحريري وجنبلاط. وهذا التحالف يتخذ من سلام رأس حربة في معركته السياسية المفتوحة ضد عون.
3- الرئيس بري رجح الكفة السياسية (لا العددية) في الحكومة وتسبب في وضع العماد عون في مواجهة موقف حرج، يكاد يصل الى حد «الإحراج للإخراج»… ويبدو أن حجم الخلافات «التكتيكية» في مجموعها بات يعادل لا بل يفوق حجم الاتفاق الاستراتيجي بين الرجلين.
4- حزب الله في وضع لا يخلو من الإحراج وإن كان «سيد اللعبة» وفي يده مفتاحها… حزب الله الحريص على حليفيه بري وعون ولا يستغني عن أي منهما يجهد في إدارة اللعبة بشكل دقيق ويتحرك بين حدين: عدم إسقاط الحكومة… وعدم كسر عون ويترك للرئيس بري هامش التحرك والمناورة بما يصب في خدمة الحكومة… ويترك للعماد عون هامشاً كافياً لاتخاذ ما يراه مناسباً من مواقف…
حزب الله متضامن وداعم للعماد عون بطريقة لا لبس فيها ولا غموض، ولا تترك مجالاً للتأويل والتشكيك. ولكن دعم حزب الله يبدو أقرب الى دعم سياسي بغياب النتائج العملية في الحكومة أو في رئاسة الجمهورية أو في التعيينات الأمنية… ويواجه بسبب ذلك تساؤلات وشكوكاً حول ما يريده فعلاً؟! هل هناك توزيع أدوار بينه وبين بري؟! هل يخطط للوصول الى أزمة شاملة ومؤتمر إعادة تأسيس النظام؟!
5- العماد عون يندفع في اتجاه التصعيد السياسي وسط أوضاع مزعجة له لا توحي أن لمعركته أفقاً واضحاً ونهايات محددة… ففي الحكومة تم أمس خرق مبدأ التوافق بين المكوّنات السياسية وتم اللجوء الى «لعبة التصويت» للمرة الأولى منذ الشغور الرئاسي، ما يجعل أن هذه السابقة قابلة للتكرار… وفي مسألة التعيينات الأمنية الوجهة واضحة في تأجيل الموضوع ليصار الى التمديد للعماد قهوجي… وفي معركة رئاسة الجمهورية الطريق مسدود…
صحيح أن عون يلقى مساندة حلفائه، أي حزب الله والمردة والطاشناق، ولكن عند هؤلاء الكثير من الملاحظات بشأن سياسة عون وأدائه ومواقفه المستجدة (الفدرالية، والاستفتاء المسيحي، والتلويح بـ «الشارع»، وطريقة إدارته لمعركة قيادة الجيش).
6- الرئيس تمام سلام انتقل من مرحلة الهدوء والصبر والتحمل الى مرحلة «المواجهة والضرب على الطاولة»… ومن خلفية أنه يخوض معركة الدفاع عن صلاحيات رئاسة الحكومة، وأنه يستقوي بالمطالب والضغوط الحياتية المتعلقة بمصالح الناس… ولكنه في الواقع يستقوي بالرئيس بري الذي كان «عرّاب» حكومته وهو الآن الساهر على حياتها والحريص على عملها… ولكن مقابل عودة مجلس النواب الى العمل أيضاً… وهذا لا يعجب المسيحيين مع آليات عمل تفيد أن البلد يمشي مع أو من دون رئيس للجمهورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق