سياسة عربية

العبادي يرفض عرضاً اميركياً بمشاركة قوة ارضية في تحرير نينوى

يبدو ان الولايات المتحدة بصدد اجراء تغييرات في استراتيجيتها الخاصة بالحرب ضد تنظيم الدولة «داعش». فإضافة الى مواصلة شن غارات ضد مواقع التنظيم في كل من سوريا والعراق، بدا واضحاً ان هناك تركيزاً كبيراً على الساحة العراقية. ومشاريع بحث جادة لطرد التنظيم من تلك الساحة.
اما الاهم من ذلك، فهو التركيز على كم من العناصر المساعدة في ذلك المسعى، بدءاً من توسيع قاعدة الهجوم، وتعدد وسائله، وانتهاء بتهيئة البنية التحتية للمعركة.

ديمبسي، وخلال جولته، ركز على عاملين اثنين، اولهما، توجيه الدعوة لالوان الطيف العراقي من اجل التوحد وازالة الخلاف. والثاني، ادخال القوات البرية الاميركية الى ساحة المعركة.
ففي زيارة مفاجئة، وصل رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة مارتن ديمبسي، الى العاصمة العراقية بغداد في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً. وقال ديمبسي فور وصوله الى بغداد «أريد أن استشعر من جانبنا كيف تسير مساهمتنا في الحرب ضد تنظيم داعش في العراق».
وتعتبر هذه الزيارة الأولى لديمبسي منذ بدء الحملة العسكرية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
وكان ديمبسي اقترح إرسال مستشارين عسكريين أميركيين إلى العراق لمساعدة الجيش هناك ضد مسلحي «داعش» لا سيما في الموصل.
وأوضح الجنرال ديمبسي خلال جلسة استماع في الكونغرس في وقت سابق أن العراق يحتاج إلى 80 ألف جندي مدرب لاستعادة الموصل والأراضي الأخرى التي استولى عليها تنظيم «الدولة الإسلامية».
وقال إن الجيش الأميركي مستعد للعمل على تأهيل هذه القوات.
وطلب ديمبسي، ومعه وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل من الكونغرس الموافقة على تخصيص تمويل إضافي بقيمة 5،6 مليار دولار لهذا الغرض.

دعوة لانهاء الانقسام
الى ذلك، اكد ديمبسي إن القوة العسكرية لن تقضي على تنظيم الدولة الإسلامية ما لم تنجح الحكومة العراقية في إنهاء الانقسام بين السنة والشيعة في البلاد. فيما قال مسؤول مقرب من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إن الأخير رفض عرضاً أميركياً لإشراك قوات قتالية أميركية في المعارك ضد تنظيم الدولة.
وكان ديمبسي أجرى محادثات في العاصمة العراقية بغداد وفي أربيل بإقليم كردستان العراق مع المسؤولين العراقيين والأكراد، تركزت على تنسيق الجهود في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي بغداد كذلك التقى ديمبسي الجنود الأميركيين الذين يبلغ تعدادهم حالياً 1400 عنصر، وقال لهم إن المعركة ضد تنظيم الدولة «بدأت تؤتي ثمارها»، لكنه توقع حملة مطولة تستمر سنوات عدة.
وأضاف ديمبسي لمجموعة من مشاة البحرية في السفارة الأميركية في بغداد، أن القوة العسكرية لن تقضي على التنظيم، ما لم تنجح الحكومة العراقية في إنهاء الانقسام بين السنة والشيعة في البلاد.
وأجاز أوباما الأسبوع الماضي مضاعفة عدد القوات البرية الأميركية في العراق لتصل إلى 3100 مع توسع الجيش في نشر مستشاريه العسكريين، بعدما أبطأت الضربات الجوية الأميركية تقدم تنظيم الدولة.

عرض ديمبسي
في سياق متصل نقلت وكالات انباء تفاصيل العرض الاميركي  الذي قدمه ديمبسي خلال لقائه العبادي، والمتمثل بإشراك قوات قتالية أميركية في المعارك التي ستنطلق قريباً في محافظة نينوى والشريط الحدودي مع سوريا ضد عناصر تنظيم الدولة.
وبحسب المسؤول فإن «فكرة رئيس الأركان الأميركي التي طرحها تتضمن مساندة قطعات الجيش العراقي في تقدمها باتجاه الموصل – المعقل الرئيس لتنظيم الدولة – واستعادة السيطرة على الحدود البرية مع سوريا وهي وفقاً لرؤية واشنطن ستكون صعبة على القوات العراقية من دون مساندة برية أميركية».
وفي رده على هذا العرض أبلغ العبادي ديمبسي أن العراق لا يحتاج إلى تواجد عسكري بري في ظل التقدم الذي حققته القوات الأمنية وعناصر الحشد الشعبي وأبناء العشائر، مطالباً بالإسراع بعقود التسليح المبرمة بينهما، إضافة إلى التسريع في تجهيزه بالطائرات مع زيادة الغطاء الجوي الغربي.
الى ذلك، وفي استجابة سريعة لدعوة ديمبسي، عقد أسامة النجيفي نائب الرئيس العراقي زعيم تحالف القوى العراقية السني إجتماعاً موسعاً في بغداد بمشاركة الوزراء والنواب السنة يتقدمهم سليم الجبوري رئيس مجلس النواب، أشار فيه إلى أنّ العراق يخوض حرباً ضد الاٍرهاب وحرباً أخرى ضد الفساد ويعاني أزمات خطيرة ومنها أزمة النازحين والمهجرين.
وقال «قدرنا هو ان نواجه كل ذلك ونعمل على بناء دولة المواطنة وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح لذلك لابد من التعاون والتآزر وبذل المزيد من الجهد وخصوصاً في المحافظات التي تسيطر عصابات داعش الإرهابية على اجزاء منها».
وأضاف ان الحكومة تشكلت على أساس توافق وشراكة في كل الملفات مع وعود بالإصلاح ومعالجة المشاكل. وقال، ان المطلوب هو مساعدة الحكومة على تطبيق فقرات الاتفاق بين القوى السياسية وبحسب سقوفها الزمنية. واشار الى ان «الجماهير» تعاني وتنتظر، مذكراً بما اسماه «جمهورنا الأسير لدى داعش»، وشدد على ضرورة منحهم الامل بالخروج من تحت سيطرته.

ارباك وعدم استقرار
ثم تحدث سليم الجبوري رئيس مجلس النواب، فأشار إلى أنّه لا يريد أن يقلل من حجم التحديات التي تواجه البلاد، لكنه يجد أن عدم الاستقرار والإرباك حالة طبيعية وهي حالة تعاني منها جميع الكتل السياسية وسيتم تجاوزها بعد استقرار عمل الحكومة واللجان البرلمانية. وشدد على «ضرورة التعاون، فالجهود الفردية لا تقود إلى النتائج المرجوة، والمطلوب في هذه المرحلة ان نقدم للمواطنين تشريعات مهمة مرتبطة بحياتهم مثل قانون العفو والمساءلة والعدالة (لاجتثاث البعث) والحرس الوطني وغيرها من القوانين».
ثم تحدث عدد من الوزراء والنواب فأكدوا على ضرورة تحقيق وحدة الصف والالتزام الدقيق بالاتفاق السياسي الذي تشكلت على اساسه الحكومة الحالية وتنفيذ فقراته وادانة الممارسات التي تستهدف المواطن بطريقة غير قانونية والإسراع في تشريع قانون الحرس الوطني. كما دعوا إلى حل المشاكل الداخلية وتركيز الجهد على أهداف تحالف القوى العراقية وتنظيم عمل الكتلة البرلمانية والكتلة الوزارية ومناقشة الوضع السياسي والأمني وتطورات المواجهة مع داعش.
واتفق المجتمعون على ضرورة التصدي لما اسموه «الاتجاهات المنحرفة» التي تسيء لدور العشائر طبقاً لاجندات «تخفي أهدافاً تقف بالضد من تطلعات الشعب في تحقيق التوازن والإصلاح».
وفي ختام الاجتماع، أشار النجيفي إلى أنّ المهام العاجلة  تتطلب الانتهاء من اختيار رئيس كتلة تحالف القوى العراقية والهيئة القيادية المساعدة وتفعيل دور القيادة في عقد اجتماعات نصف شهرية فضلاً عن الاجتماعات مع رئيس الكتلة والهيئة القيادية المساعدة. اضافة إلى العمل على تفعيل الاتفاق السياسي في مجلس الوزراء.

وثيقة الاتفاق
وتتضمن وثيقة الاتفاق السياسي بين القوى العراقية، والتي تشكلت الحكومة الحالية على اساسها مطلع ايلول  (سبتمبر) الماضي، 20 مادة نصت على سقوف زمنية لتنفيذها، حيث أكدت على الالتزام بترسيخ دعائم الوحدة الوطنية والمضي في مشروع المصالحة الوطنية واصدار عفو عام ينصف الابرياء ولا يعفو عمن تلطخت ايديهم بدماء العراقيين.
كما تؤكد الوثيقة على العمل على حسم ملف اجتثاث البعث وتحويله إلى ملف قضائي. والتزام الكتل المشاركة في الحكومة على الوقوف صفاً واحداً في مكافحة الارهاب وتحرير كل الاراضي العراقية من سيطرة داعش والمجموعات المسلحة الاخرى وحصر السلاح بيد الدولة وحظر تشكيل الميليشيات خارج اطار القوات المسلحة.
وشددت الوثيقة على تطوير تجربة الحشد الشعبي للمتطوعين والعمل لجعله ذا بعد وطني مقنن يخدم عملية المصالحة الوطنية، وذلك بتشكيل منظومة الحرس الوطني من ابناء كل محافظة كقوة رديفة للجيش وبمهام محددة. ونص على محاربة الفساد المالي والاداري واصلاح الجهاز الاداري، وتحقيق التمثيل المتوازن للمكونات في الوظائف العامة في مفاصل الدولة المختلفة.
وأكدت الوثيقة العمل على تنظيم العلاقة بين الحكومة الاتحادية من جهة وحكومة الاقليم والحكومات المحلية للمحافظات والالتزام بصلاحياتها، والعمل لايجاد الحلول المناسبة لمشكلة كركوك وسائر المناطق المتنازع عليها في المادة 140 خلال عام واحد.
وأشارت إلى أنّه سيتم العمل بين الكتل المشاركة في الحكومة على تفعيل المادة 142 من الدستور الخاصة بتشكيل لجنة مراقبة الدستور لانجاز التعديلات الدستورية التي تمس الحاجة اليها في ضوء ما كشفت عنه تجربة الحكم السابقة وتشكل لجنة لذلك خلال ثلاثة أشهر.

دعم اميركي للبشمركة
الى ذلك، وفي سياق مواز، أكدت الولايات المتحدة انها ستوفر جميع المستلزمات العسكرية المطلوبة لقوات البشمركة الكردية في مواجهتها لتنظيم «داعش»، واعلنت بدء تدريب القوات الاميركية للعراقية مطلع العام المقبل 2015.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده في مدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق الشمالي رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة مارتن ديمبسي مع رئيس الاقليم مسعود البرزاني، حيث بحثا الاوضاع الميدانية والاستماع للمقترحات المتعلقة بكيفية استمرار شن الضربات الجوية ضد تنظيم «داعش». وأوضح المسؤول الاميركي أن زيارته هذه هدفت إلى مناقشة الاوضاع الراهنة وتطوراتها في ما يتعلق بمواجهة تنظيم داعش.
واعرب عن ارتياحه للتنسيق الحاصل بين قوات البشمركة والتحالف الدولي الذي أكد انه سيستمر في دعم قوات البشمركة وشن الضربات الجوية ضد تنظيم «داعش» اينما وجد، كما نقل عنه بيان لرئاسة الاقليم الليلة الماضية. وأكد ديمبسي أن «الولايات المتحدة الاميركية والدول المتحالفة أخذت ملاحظات اقليم كردستان بكل جدية وتعمل على تدبير المستلزمات المطلوبة لقوات البشمركة».
من جانبه «ثمن البرزاني موقف الولايات المتحدة والدول المتحالفة على الدعم الذي قدمتها للبشمركة واقليم كردستان في مواجهة داعش». وقال إن «قوات البشمركة استطاعت مبكراً ان توقف زحف داعش وتحد من تقدمه وان تصبح في موقف الهجوم»، موضحاً ان «كردستان ستقدم الغالي والنفيس من اجل ابعاد الارهاب والارهابيين من اراضيها». وأشار إلى أن «مواجهة تنظيم داعش وخطره ليس بالمهاجمة والمواجهة المسلحة فحسب، وانما بالتصدي له فكرياً وسياسياً واقتصادياً».

بغداد – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق