تحقيق

تدمير عشرات المعالم الدينية والتراثية في الموصل على يد «داعش»

قال خبير عراقي في تخطيط المدن والحفاظ على التراث ان تنظيم «الدولة الاسلامية» المتطرف دمر عشرات الجوامع والمراقد والاضرحة في مدينة الموصل شمال العراق ودعا اهالي المدينة ومنظمات العالم وعلى رأسها اليونسكو الى التدخل من اجل انقاذ التراث العراقي.

واضاف احسان فتحي، المتخصص بالحفاظ على التراث وتخطيط المدن واحد اهم المهندسين المعماريين في العراق، في ندوة في مركز الاورفلي للفنون في عمان مساء امس الاربعاء انه «شيء مؤلم ولا يصدق، كمية التدمير المتعمد والمنهجي الجاهل الذي حصل في مدينة الموصل العريقة على يد تنظيم «داعش» التكفيري الاجرامي».
واضاف ان «هذا التنظيم دمر وفجر ونسف عشرات الجوامع والمراقد والاضرحة الدينية منذ ان بسط سيطرته على هذه المدينة الغنية في حزيران (يونيو) الماضي».
وعرضت خلال الندوة صور تمثل حجم الدمار الذي لحق بهذه المواقع الدينية مع نبذة عن تاريخ بنائها وتأسيسها والهندسة المستخدمة في عملية البناء واهميتها التاريخية.
واوضح فتحي ان التنظيم المتطرف «دمر اغلب الجوامع والمراقد والاضرحة في الموصل كجامع وضريح الشيخ فتحي الذي يعود تاريخه الى عام 1050 ميلادية وجامع ومرقد الشيخ قضيب البان الذي يعود تاريخه الى عام 1150 ميلادية ومرقد الامام الباهر الذي يعود تاريخه الى عام 1240 ميلادية وضريح الامام يحيى ابو القاسم الذي يعود تاريخه الى 1240 وضريح الامام عون الدين الذي يعود تاريخه الى 1248».
واضاف انه «تم كذلك تدمير جامع النبي يونس المشيد على تلة آشورية ويعود تاريخه الى عام 1365 ميلادية وجامع النبي جرجيس الذي يعود تاريخه الى عام 1400 ميلادية وجامع النبي شيت الذي يعود تاريخه الى عام 1647 ميلادية».
وتابع ان «من اهم المعالم الاخرى التي تم تفجيرها قبر المؤرخ ابن الاثير الجزري الموصلي (1160-1232) وتمثالا الشاعر ابي تمام (803-845) وعثمان الموصلي (1854-1923) الشاعر والعالم بفنون الموسيقى».
وقال «نحن نتحدث عن آثار مهمة وفريدة من نوعها على مستوى العالم قديمة تعود لمئات السنين».
واضاف فتحي ان «تنظيم «داعش» دمر العديد من الاثار الاخرى التي لم يتم تدوينها وتوثيقها حتى هذه اللحظة كمرقد الامام ابراهيم الذي يعود للقرن الثالث عشر الميلادي ومرقد الامام عبد الرحمن ومرقد عبدالله بن عاصم حفيد عمر ابن الخطاب ومرقد احمد الرفاعي وعشرات الاضرحة والمراقد الاخرى».
واكد الخبير ان هذه المعلومات مؤكدة وموثوقة وحصل عليها من خلال اتصالاته المستمرة بأبناء المدينة وخصوصا الطلاب الذين كان يدرسهم في الجامعات العراقية.

قلق على متحف الاثار
واشار الى ان الاسلاميين المتطرفين «يسيطرون الان على متحف الاثار في الموصل الذي يحوي الاف القطع المهمة».
وتساءل «من الذي يضمن عدم قيامهم ببيع هذه القطع؟ فهي تمثل مصدر تمويل كبير بالنسبة لعصابات التهريب، ومن الذي يضمن عدم قيامهم بنسف الكنائس المهمة والمعالم الاخرى بحجة او باخرى؟».
واوضح فتحي ان «اهم واقدم الكنائس في العالم المهددة بالزوال موجودة في الموصل ككنيسة شمعون الصفا التي يعود تاريخها الى عام 300 ميلادية وكنيسة مار أحوديني التي يعود تاريخها الى عام 575 ميلادية وكنيسة الطاهرة العليا التي يعود تاريخها الى عام 1250 ميلادية».
والموصل ثاني اكبر مدن العراق وتضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها الى نحو 1500 سنة.
واكد ان «من اولويات هذا التنظيم هو التدمير، لم يحصل في التاريخ مثل هذا الاصرار على تدمير التاريخ بكل انواعه وتحويل آثار تعود الى مئات السنين الى ركام وحجر».
وقال فتحي «نحن اتصلنا بمنظمات عالمية كثيرة كاليونسكو للتدخل من اجل انقاذ تراث هذا البلد العريق».
واضاف ان «هذه المنظمات لا تستطيع في الوقت الحالي سوى ان تستنكر وتستهجن وتندد»، مشيراً الى ان «الطريقة الوحيدة التي نستطيع بها ايقاف هؤلاء هو قيام قوى مسلحة محلية من ابناء الموصل بحماية هذه الاثار والحفاظ على ما بقى منها» مبدياً استغرابه من «صمتهم حتى هذه اللحظة».
وقال ان «اهل الموصل عرف عنهم شجاعتهم واعتزازهم بمدينتهم عبر مر التاريخ».
ويقدر عدد سكان مدينة الموصل بنحو مليوني نسمة فيما يقدر عدد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية بما بين 5 الف الى 10 الاف.
وتبنى التنظيم المتطرف الذي اعلن «الخلافة» في المناطق التي سيطر عليها، في حزيران (يونيو) الماضي، تفجير عدد من اماكن العبادة التي يعود تاريخها الى قرون من الزمن.
وبين هذه المواقع مسجد ومرقد النبي يونس الذي يحظى بقدسية لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء، بالاضافة الى عدد كبير من الشواهد والمساجد والتماثيل التي تجسد تاريخ هذه المدينة الغني، وقد حولت الى ركام.

تصدي الاهالي
وحاول التنظيم تدمير الجامع النوري (الحدباء) الذي يعود تاريخه الى 1172 والذي تعد مأذنته المائلة التي هي أشبه ببرج ايفل بالنسبة لاهل الموصل، رمزاً وطنياً تاريخياً في العراق وطبعت صورتها على احدى الاوراق النقدية ذات العشرة الاف دينار، ولكنه لم يفلح بسبب تصدي الاهالي له.
وكان تنظيم داعش المتطرف وجه منتصف تموز (يوليو) انذاراً يمهل المسيحيين في الموصل والذين يشكلون اقلية بضع ساعات لمغادرة مدينتهم والا سيكون مصيرهم التصفية. وخيرهم بين «اعتناق الاسلام» او «عهد الذمة» اي دفع الجزية، مهدداً بانهم «ان ابوا ذلك فليس لهم الا السيف».
واعلن بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم لويس ساكو لوكالة فرانس برس في السابع من اب (اغسطس) الماضي ان مئة الف مسيحي فروا بملابسهم باتجاه مدن اقليم كردستان، بعد هجوم مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية الذين احتلوا الكنائس وانزلوا الصلبان وحرقوا 1500 مخطوطة.

أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق