سياسة لبنانية

«عين الحلوة» و«فتح» أمام خيارين: المعركة… أو السيطرة الإسلامية المتدرجة

أعاد اغتيال قائد «كتيبة شهداء شاتيلا» العميد طلال البلوني (المعروف بالأردني) وابن شقيقه، مخيم عين الحلوة الى الواجهة وسط مخاوف من تطور الأوضاع فيه وانتقالها الى مرحلة أكثر دقة وخطورة بين مكوّناته الداخلية. وحول عملية الاغتيال وتداعياتها يمكن التوقف عند ما يأتي:
– إن الاغتيالات والتصفيات الجسدية في المخيم بين حركة فتح والإسلاميين المتشددين لم تعد في السر ولا تحت جنح الظلام بل أصبحت علانية وفي وضح النهار.
– الطريقة التي تمت بها العملية تشير الى تجاوز كل الخطوط الحمر والى سقوط المحرمات وبأن لا أحد بمنأى عن هذه الاغتيالات. (قام بعملية الاغتيال ثلاثة إرهابيين كانوا يستقلون دراجتين ناريتين وأمطروا الأردني بالرصاص من مسافة قريبة جدا ومن دون أقنعة).
– تم التعرف على منفذي العملية، وأحدهم بلال بدر الذي قاد شخصياً المجموعة. وبدر هو من أبرز الإرهابيين المطلوبين للقضاء اللبناني، والآخران هم من نشطاء «فتح الإسلام» سابقاً و«الشباب المسلم» حالياً.
– القتيل كان على علاقة جيدة بالعميد محمود عيسى (اللينو) الذي هو على خلاف مع السلطة الوطنية وأقصي من منصبه كقائد للكفاح المسلح الفلسطيني، لكن علاقته به بقيت في حدود معينة ولم تؤثر على موقعه العسكري والأمني في فتح.
– محاولات الفصائل والقوى الفلسطينية لوضع حد للمسلسل الأمني الذي يطل من حين الى آخر ليدخل المخيم وسكانه في دائرة التوتر، أكدت عجزها عن الوصول الى معالجة حقيقية تضمن أمن المخيم والجوار الذي يتخوف من تمدد تداعيات الوضع الأمني المتفلت، خصوصاً أن حجم النفوذ الأمني والعسكري للمجوعات الإرهابية في المخيم (تتخذ أسماء عدة منها «جند الشام»، «فتح الإسلام»، «الشباب المسلم» المتهم بعملية اغتيال الأردني) بات يحسب له حساب بعد تناميه بفعل استقطاب مجموعات وفدت من الخارج الى المخيم، ووجدت في ساحة المخيم الملاذ الآمن بعيداً عن يد الأجهزة الأمنية اللبنانية.
وتحمّل مصادر فلسطينية قريبة من اللينو حركة فتح والقوة الأمنية مسؤولية تنامي الجماعات التكفيرية من خلال غض النظر عنها وعدم محاسبتها على ما اقترفته سابقاً من اغتيالات بحق رموز فتح، مشيرة الى أن «عصبة الأنصار الإسلامية والحركة الإسلامية المجاهدة» في المخيم برئاسة الشيخ جمال الخطاب يتحملان القسم الأكبر من مسؤولية تنامي تلك الجماعات من خلال إعطائها الشرعية والغطاء الإسلامي وإطلاق اسم «الشباب المسلم» عليها، كما أن بدر والشهابي وفي أي عمل ينفذانه كانا يطلبان الغطاء الشرعي من الخطاب الذي يلتقيهما باستمرار مع أبو شريف عقل في أحد مساجد المخيم. وبعدها يذهب عقل والخطاب ويجتمعان باللجنة الأمنية العليا الفلسطينية التي تقودها فتح ناقلين إليها مطالب بدر والشهابي، حيث كانت فتح ترضخ أحياناً كثيرة ما أوصل الأوضاع الى حد الانفجار.
تتجه الأنظار الى ما بعد الاغتيال وطريقة الرد بعدما توعد أكثر من قيادي فلسطيني بالانتقام، إلا أن البارز كان التعهد الذي قطعه «اللينو» لعائلة الأردني بالثأر لاغتياله بعدما قطع زيارته الى مصر وعاد الى المخيم فور تبلغه الخبر. وقالت مصادر فلسطينية إن «اللينو» أبلغ إلى ذوي الأردني أنه لن يقبل إلا برأس بلال بدر، وأن رده سيكون قريباً، مشيرة الى أن «اللينو» إن توعد وفى، وهو المشهود له بمواجهة التكفيريين في المخيم بعدما أمعنوا تخريباً فيه وتحولوا قوة مخيفة لأهله جراء اللباس الذي يرتدونه على طريقة «جبهة النصرة» أو «داعش». وأكدت المصادر أن جماعات «جند الشام» و«فتح الاسلام» بقيادة بلال بدر وأسامة الشهابي تنتظر الرد على اغتيال الأردني وقد استنفرت قواتها في مقابل استنفار فتح وقوات «اللينو»، والطرفان ينتظران إشارة بدء المعركة التي باتت قاب قوسين أو أدنى لأن الوضع لم يعد يحتمل نتيجة الاغتيالات شبه اليومية التي تنفّذها الجماعات التكفيرية من دون أن تلقى رداً أو ردعاً، وهو ما شجعها على مواصلة مخططها الدموي لإحراق المخيم من خلال الاغتيالات والاشتباكات تمهيداً للسيطرة عليه وتحويله نهراً بارداً آخر أو يرموكاً ثانياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق