سياسة عربية

القاهرة: تحذيرات من حرب اهلية وشيكة ودعوات لحراك عسكري ينقذ الموقف

يوماً بعد يوم، تزداد تعقيدات المشهد المصري، وترتفع وتيرة الازمات التي تؤشر على خطورة الموقف، وصولاً الى تشعبات متقاطعة. فاضافة الى الاحساس العام بانعدام الامن في مختلف اركان الدولة، بدءاً من العاصمة القاهرة، وانتهاء بجميع المحافظات، وتفشي الازمة الاقتصادية التي تعتمد اساساً على عاملي الزراعة والسياحة، وتفاقم قضية المحروقات، ثمة تقاطعات عديدة ومتشعبة تدفع بالعامل السياسي نحو التصعيد وصولاً الى انفجارات سياسية يعتقد انها باتت وشيكة.

المشهد بصورته العامة يقوم على جملة عناصر، ابرزها ضعف نظام الحكم وعدم قدرته على اقناع العامة ليس بسلامة نهجه فحسب، وانما بعدم قدرته على تلبية ما وعد به، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والامنية.
وفي المقابل هناك احساس عام بان المعارضة مشتتة وغير قادرة على ان تكون بديلاً للنظام الذي خلصت ندوة عقدت في دولة الامارات العربية المتحدة خلال الاسبوع الفائت الى انه اصبح متهالكاً وجاهزاً للانهيار.
اما النتيجة هنا، فهي مأزق يدركه بعض المتابعين، ويتوقف عنده المحللون في الداخل والخارج، وسط حالة من الاجماع على ضرورة تدخل طرف ثالث، من اجل انقاذ الوضع شريطة ان يكون ذلك الطرف موثوقاً، ولديه القدرة على امتصاص جميع عناصر الفوضى، والوصول بالبلاد الى بر الامان.
وهنا يعتقد متابعون انه لا خلاف على اعتبار الجيش هو ذلك الطرف الثالث في المعادلة، وهو الوحيد الذي يتمتع بثقة غالبية الاطراف. لكنه بالتأكيد لن يكون مقبولاً لدى جماعة الاخوان المسلمين التي يعني لها وصول الجيش الى هذه المرحلة خسارة الحكم.
وبين هذا وذاك، ثمة قناعة من جهة، وتسليم من جهة اخرى بعامل القوة، الذي يمكن ان يشكل اهم الضرورات وصولاً الى الحالة الجديدة المتوقع ان تكون عنواناً لاستعادة الامن وفرض الامان.

تشكيك
الى ذلك ثمة من يشكك برغبة الجيش في الدخول في هذا المجال الذي لا يمكن تصنيفه الا من زاوية انه انقلاب عسكري. فبعض المحللين والدبلوماسيين يعتبرون الآمال المعقودة على الجيش بمثابة «أمنيات وأحلام» لأن الجيش ليس لديه أي حافز يذكر للانقلاب على الحكام والدخول في المجال السياسي. وينقسم اصحاب هذه القناعة في الرأي بين من يرى ان عدم الرغبة في الانقلاب نوع من التعفف، والتسليم بان الجيش لا دخل له بالسياسة. ومن يرى ان الرئيس مرسي «دجن» قيادات الجيش من خلال اختياره قيادات تعتبر ان النظام هو من صنعها، وتحتفظ – تبعاً لذلك – بالجميل له، ولا ترى منطقاً في الانقلاب عليه.
ويقول هؤلاء إن أولويات الجنرالات تتمثل بالحفاظ على حصانتهم من الملاحقة القضائية وعلى الامبراطورية الاقتصادية التي يقومون بإدارتها، لا سيما أنهم يستفيدون من الامتيازات التي تم الحفاظ عليها وفقاً للدستور الذي وضعه الإخوان. وبالتالي لا مصلحة لهم في العودة الى مجالات السياسة واشكالاتها.
الى ذلك، يواجه التعديل الوزاري، الذي وعد الرئيس مرسي باجرائه على نحو سريع صعوبات بالغة. والسبب في ذلك رفضه من مختلف القوى السياسية، سواء المشاركة في الحكومة، او تلك التي تصنف ضمن اطار المعارضة. والتي تصر على ضرورة إقالة الحكومة برمتها. فقد أوضح مرسي في تصريحات صحافية، أن اختيار الوزراء للدخول في التعديل سيكون حسب الكفاءة والقدرة على تولي المسؤولية، وذلك من أجل تحقيق أهداف الثورة، مشيراً إلى أنه يجري حالياً إعداد تقارير تقويم للوزراء، كل في حقيبته. وبحيث يتم تغيير من لم يحقق إنجازاً يلمسه المواطن. ويسعى مرسي الى شمول التعديل ما بين 5 – 7 حقائب وزارية تتركز كلها في مجال الوزارات الخدمية، بهدف توصيل رسائل إلى المصريين عبر تحسين الخدمات، ومكافحة الواسطة والمحسوبية في تلقي الخدمات العامة، فضلاً عن توصيل تلك الخدمات والدعم إلى مستحقيها.
وتقدم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بتسعة مرشحين للمناصب الوزارية. ومن بين المرشحين، الدكتور ناجي نجيب، عضو الهيئة العليا للحزب، لمنصب وزير الآثار، والدكتور محمد علي بشر عضو مكتب الإرشاد، لمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون التنمية، والمستشار أحمد سليمان، مساعد وزير العدل، لمنصب وزير العدل، خلفاً للمستشار أحمد مكي، الذي تقدم باستقالته خلال الأسبوع الماضي. ويعتبر سليمان أبرز المرشحين، لا سيما في ظل رفض المستشار حسام الغرياني، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، تولي المنصب مطلقاً، واعلان سبب الرفض بانه الخشية من اتهامه بأن يكون المنصب الوزاري مكافأة له على إنجاز الدستور، خصوصاً أنه شغل منصب رئيس الجمعية التأسيسية للدستور. وبحسب مصادر داخل البيت الاخواني، فإن المستشار عمر الشريف، مساعد وزير العدل، لوزارة الشؤون النيابية والقانونية، والدكتور جمال جبريل، عضو مجلس الشورى، وعضو الحزب مرشحان للمنصب نفسه، وسط معلومات عن اتساع دائرة الترشح لتشمل شخصيات من خارج اطار الحزب ومن ضمن دائرة التحالف.

رفض المعارضة
يأتي ذلك في الوقت الذي رفضت القوى السياسية ترشح شخصيات لتولي مناصب وزارية، معتبرة أن المطلوب هو تغيير الحكومة ككل. فقد رفض بعض القوى السياسية تقديم أية ترشيحات، لا سيما أنها تعلم جيداً أن تلك الاتصالات والمقترحات شكلية، وليس الهدف منها إشراك المعارضة بصورة جدية في إدارة شؤون البلاد، إضافة إلى أن القوى السياسية متفقة بالإجماع على ضرورة رحيل حكومة الدكتور هشام قنديل، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وبالتزامن، رفض حزب النور، الحليف السابق لحزب الحرية والعدالة، تقديم ترشيحات، معلناً أنه يجب تغيير الحكومة. وقال الحزب في بيان له، أن التعديل الوزاري، المزمع إجراؤه خلال الأيام المقبلة، لا يعتبر حلاً للأزمة، ولن يضيف جديداً. وكشف بعض قياداته عن رؤية الحزب المتمثلة بإجراء تغيير وزاري شامل، يأتي بوزارة جديدة، تمتلك رؤية واضحة، وقدرة على إدارة البلاد والخروج بها من أزمتها الحالية، وازالة حالة الاحتقان الموجودة. وهي عبارة عن رؤى متعددة الملامح تصطدم كلها بعقبات اصرار مرسي على الرفض، وعلى التمسك بموقفه. ما يعني ان الطريق قد يكون مسدوداً، وان الحل الوحيد قد يكون في العسكر، حيث تتعدد جوانب المشكلة وعناصرها، وتمتد الى ملفات قد يكون من الصعب التوافق عليها. فهل سيحدث ما هو متوقع؟ وهل ستشهد مصر انقلاباً عسكرياً؟ سؤال يراه البعض معروف الاجابة سلفاً. ويراه البعض اكثر تعقيداً من كل التوقعات. وبالتالي فإنه برسم الغيب.

القاهرة – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق