أبرز الأخبارحوار

تمام سلام: من اعتدى على المشايخ ينتمي الى قوى سياسية متمثلة بـ «حزب الله» وحركة «امل»

رأى نائب بيروت تمام سلام «ان الاعتداء على المشايخ السنّة ليس حادثاً عفوياً بل هو من ضمن مخطط لايقاع الفتنة في البلد على وتيرة مذهبية مؤذية جداً». وقال: «من فعل هذا الشيء المكروه عُرف أنه ينتمي الى قوى سياسية متمثلة بحزب الله وحركة أمل»، سائلاً: «هل تكفي البيانات وكأنها بمضمونها تنأى بنفسها عما حصل؟». وأكد أن «من يتابع أداء النظام السوري يدرك فوراً أن ممارساته داخل لبنان غير مريحة، لأنها تأخذ منحى تقسيمياً وتفتيتياً للبنان». وشبّه قرار مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني بتسليم دار الفتوى الى علماء المسلمين بـ «المسرحية»، ورأى أن المفتي يلعب دوراً ديكتاتورياً، لأنه لا يريد أن يقرّ بالاصلاحات. وفي ما يلي وقائع المقابلة التي أجرتها مجلة «الاسبوع العربي» مع نائب بيروت تمام سلام.

نبدأ بالاعتداء على 4 مشايخ وحلق ذقن أحدهم فما مدى خطورة هذا الحادث وكيف السبيل الى تطويق التداعيات؟
لا شك في أن الحادث خطير جداً وخصوصاً في ما يتعلق بأبعاده الطائفية والمذهبية وعلى خلفية الاجواء المتوترة في البلد من جراء ما يحصل من صراع سياسي داخلي بين القوى المختلفة من جهة، وتأثير أحداث سوريا علينا من جهة أخرى. من هنا فإن التعاطي مع مستجدات كهذه مطلوب بحزم وجدية من قبل الحكومة وأجهزتها الامنية بالذات، إنما كما تبدو الامور فإن هناك فارقاً بين أداء الاجهزة الامنية المتقدم من جيش وقوى أمن داخلي في ملاحقة ومتابعة الاحداث الامنية هنا وهناك، وأداء الحكومة تحت عنوان «النأي بالنفس» الذي يساهم في غياب دور فاعل لهذه الحكومة على مدى السنتين الماضيتين من جراء الخلافات القائمة بين مكوّناتها، رغم أنها في أغلبيتها من قوى 8 آذار، وذلك كله طبعاً لا يريح ويترك فراغاً كبيراً على مستوى وحدة الصف الوطني، وعلى مستوى ما نطالب به مجدداً وفي كل مناسبة من حكومة إنقاذ أو حكومة وحدة وطنية لمواجهة الوضع المستجد اقليمياً، ولا سيما في ما يتعلق بالازمة السورية وتأثيراتها علينا في لبنان.

الجيش لا يقصر
هل أنتم راضون عن تدخل الجيش السريع لتوقيف المتورطين وهل هؤلاء فعلاً هم كما تردد زعران أو محششون أم أن جهة ما تقف وراءهم؟
بداية لا بدّ من الاعتراف بأن الجيش لا يقصّر بالقيام بما يمكن القيام به أمنياً وميدانياً، ولكن سمعنا على لسان قائد الجيش في مناسبات عدة صرخة موجهة الى القيادات السياسية وخصوصاً الى القوى التي تدّعي أنها مسيطرة اليوم على القرار في لبنان من خلال هذه الحكومة، ومطالبته لها بالكف عن التصعيد السياسي لأن هذا التصعيد يأخذ بعداً طائفياً ومذهبياً ينتج عنه ما ينتج من عدم استقرار ومن باب مفتوح ومشرّع للفتن، وخير دليل على ذلك النموذج الذي شهدناه بالامس. ومن هنا الحكم أولاً وآخراً هو هيبة، والسلطة هي هيبة وليست بالنأي عن النفس بشكل عشوائي وانتقائي وغير مدروس، ومن ثم من خلال حكومة موجودة وغير موجودة وفاعلة وغير فاعلة ومتضاربة بين بعض مكوّناتها ومكوّناتها الاخرى، ومختلفة على مواقف سياسية داخلياً وخارجياً… كل ذلك لا يساعد على حزم الامور داخلياً. وبالنسبة الى الاعتداء على المشايخ من الواضح أنه ليس حادثاً عفوياً بل هو من ضمن مخطط لاحداث وإيقاع الفتنة في البلد على وتيرة مذهبية مؤذية جداً، وهذا ما يجب التنبه له. وصحيح أنه يبقى هناك بعض العقلاء من القيادات السياسية
التي تحاول امتصاص هذه المخططات والتوجهات ولكن في رأيي يبقى المطلوب الوعي والادراك من قبل من يدّعي أنه مسيطر على الحكومة وعلى لبنان.
طبعاً أنت تقصد في هذا الاطار حزب الله أليس كذلك؟
طبعاً قوى 8 آذار وفي طليعتها حزب الله…
إنما حزب الله وحركة أمل اصدرا بياناً وإعتبرا فيه الحادث محاولة لاثارة الفتنة ألا يعني ذلك رفعاً للغطاء عن المرتكبين؟
البيان تحصيل حاصل ولكن الفعل شيء والكلام شيء آخر. من فعل هذا الشيء المكروه عُرف أنه ينتمي الى جهة والى قوى سياسية متمثلة بحزب الله وحركة أمل، وبالتالي هل تكفي البيانات وبمضمونها كأنها تنأى بنفسها عما حصل؟ المطلوب هو تحمل المسؤولية كاملة والاقتصاص من هذه العناصر والنماذج التي تجوب الشوارع وتقلق الناس وتمارس هذه التجاوزات التي تصبح في إتجاه فتنوي ويُقال عندنا «الفتنة أشدّ من القتل».
هل توافق الرئيس سعد الحريري بإتهامه نظام الرئيس السوري بشار الاسد بالسعي الى اثارة الفتنة في لبنان للتخفيف عن الازمة السورية؟
من يتابع أداء النظام السوري يدرك فوراً أن ممارساته داخل لبنان، إن كانت مباشرة من خلال تواجده سابقاً في لبنان، أو غير مباشرة من خلال حلفاء هذا النظام في ما بعد في لبنان، كلها غير مريحة ولم يرتح لها لبنان ولا اللبنانيون في أي يوم من الايام، لأنها تأخذ منحى تقسيمياً وتفتيتياً للبنان وإضعافاً للبنانيين. وبالامس شهدنا ايضاً ممارسة مباشرة من النظام تجاه مناطق في لبنان من خلال القصف الجوي الذي تمّ، وبالتالي توجيه الاصابع الى النظام السوري لجهة ما يُحكى عن تدخله في لبنان لاقلاق الوضع وضعضعته، تماشياً مع الوضع الضعيف والمقلق في سوريا وهذا ليس بغريب.
نسمع كلاماً كثيراً يدعو الى عدم التعامل مع الطائفة السنية وكأنها طائفة مهزومة، فبرأيك كيف يتم التعاطي مع هذه الطائفة منذ 7 ايار (مايو) لغاية اليوم؟
هذه المقولة خلفيتها ماذا؟ خلفيتها أن فئة من اللبنانيين تشعر انها مستهدفة. وكما يعلم الجميع فإن لبنان يقوم على مجموعة من الطوائف، والميثاق الوطني في لبنان بُني على جمع وتوحيد الصف والكلمة بين هذه الطوائف وعلى صياغة دستور يلحظ مكانة لكل هذه الطوائف، إنما عندما تأخذ طائفة معينة منحى عنفياً مدعوماً بالسلاح في مواجهة طوائف أخرى غير مسلّحة وغير مدعومة بمثل هذا السلاح، نعم يحصل الخلل وتشعر طائفة بأنها مستهدفة وبأنها مستضعفة ويبدأ التفاعل غير المريح والمقلق. والطائفة السنية تشعر بأن هناك إستهدافاً لها بجميع الاشكال، من خلال ممارسات يومية ومن خلال الهيمنة على مصالح الناس وحقوقهم والهيمنة على مصالح الدولة وأمكنة الاستفادة من هذه الدولة وتسخيرها لطائفة معينة ولجهة معينة على حساب وحدة البلد، فهذا أمر يتفاعل ويترك أمراً سلبياً.

كلام تحريضي
ماذا عن ردات الفعل التي تحدث كقطع الطرقات من صيدا الى الناعمة الى بيروت والى ماذا تهدف؟
هي ردات فعل عفوية تدل على الاحباط وتدل على الانزعاج من هذا الواقع، ولكن لا تتجاوز ما هي عليه لأن ليس هناك قرار عند الطائفة السنية بربط نزاع مع الطوائف الاخرى في لبنان وخصوصاً مع الطائفة الشيعية.
كنا سمعنا السيد حسن نصرالله في خطاب أخير حذّر من فتنة سنية – شيعية وقال: «ما حدا يغلط معنا» كيف فسّرت هذا الموقف؟
هذا الكلام «ما حدا يغلط معنا»، أليس ذا بعد تحريضي؟ لماذا يحاول السيد نصرالله إعطاء الانطباع وكأن هناك من يستهدفه أو كأن هناك من لديه القدرة على استهداف حزب الله أو على التطاول على حزب الله والنيل منه؟ هذا غير موجود، فهل ذلك القول هو للتغطية على ما يستأثر به حزب الله…؟
ربما يقصد السيد نصرالله ظاهرة الشيخ أحمد الأسير؟
هي ظاهرة، ومثلها ظواهر أخرى ولكنها ليست قراراً لطائفة بكاملها وليست قراراً لقوة سياسية تستأثر بهذه الطائفة في اتجاه معين. السنّة بغالبيتهم الساحقة حتى اليوم هم من الفئة المعتدلة البعيدة عن العنف والبعيدة عن السلاح، وإذا ظهر بعض المجموعات هنا أو هناك بشكل عفوي فهذا لا يعبّر عن واقع الطائفة السنية، وإنما إذا أراد الفريق الآخر أن يبرّر سلاحه وسطوته وعنفه بوسائل وأحداث مختلفة، وبالتالي يحاول التغطية بهذه النماذج ليقول إنه مستهدف، فهذا أمر أصبح واضحاً للجميع بأنه مصطنع ومن خارج السياق العام لحالة الطائفة السنية.
الى ماذا آلت قضية دار الفتوى والخلاف مع مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وهل من حلحلة بعدما سلّم المفتي دار الفتوى الى العلماء المسلمين؟
عملياً تسليم دار الفتوى هو مسرحية لا أكثر ولا أقل، إنما واقع الحال أن الازمة ما زالت قائمة على خلفية رغبة صادقة عند المجلس الشرعي الاسلامي وفئة كبيرة من القوى السياسية السنية بإجراء اصلاحات في مؤسسات دار الفتوى بإتجاه مأسسة هذه المؤسسات وإبعادها عن الاستئثار والتفرد اللذين يتمثلان بدور دكتاتوري لمفتي الجمهورية نتج عنه منذ مدة بعض الممارسات غير اللائقة وبعض الارتكابات، حتى بخلل مالي هنا وهناك وخلل اداري ايضاً  مما أوجب السعي الى هذه الاصلاحات. ومن هنا نشأ الصراع لأن مفتي الجمهورية لا يريد أن يقرّ بهذه الاصلاحات ويعتبر وكأنها تستهدفه شخصياً، علماً بأنه بقيت له مدة سنة ونصف السنة في هذا الموقع لا أكثر، إلا إذا كان ايضاً يسعى الى التمديد لنفسه أو الى تغيير القانون بما عنده من سلطة دكتاتورية اليوم بإتجاه دعم وجوده ونفوذه في دار الفتوى.

عدم ثقة
حول الانتخابات تمام بك وفي غمرة الخلافات حول القانون هل ستجري الانتخابات في موعدها برأيك وما تعليقك على اتفاق روما بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي والبطريرك الماروني؟
المعطيات الحالية في البلد لا تساعد كثيراً على التوصل الى مخرج في موضوع قانون الانتخابات، أولاً لأن الوقت يضغط وليس من السهل تحقيق شيء في هذا السبيل تحت ضغط الوقت، ثانياً لأن القوى السياسية فاقدة الثقة بين بعضها البعض، فمساحة عدم الثقة بين هذه القوى كبيرة جداً، ومن هنا صعوبة التوصل الى قانون يتفق عليه الجميع وربما أبرز نموذج لعدم الثقة هذه ما سمعناه من كلام على لسان رئيس الجمهورية في إحدى جلسات مجلس الوزراء حيث نبّه الوزراء مجتمعين بأنهم بإسم هذا المجلس تقدموا بمشروع قانون الى مجلس النواب من جهة ومن جهة ثانية كل فئة منهم تسعى الى قانون وتروّج لآخر، فأين التضامن الوزاري في هذا المجال؟ وإذا كان في هذا الموقع خلل كبير من القوى التي تستأثر بالحكم اليوم بين بعضها البعض، فكيف تريد أن يكون الامر بالنسبة الى باقي القوى السياسية؟ هذا من جهة، ومن جهة ثانية نعم الاجواء الامنية غير المريحة وغير المستقرة في البلد تشكل عاملاً ضاغطاً في اتجاه تأجيل الانتخابات في لبنان، وهذا أمر بات يدور الكلام حوله منذ فترة. أما في ما يتعلق باللقاء الذي تم في روما فنأمل منه خيراً، ولكن يبدو أنه تمّ في روما… (ضاحكاً).
تقصد أن روما من فوق غير روما من تحت؟
… هل يُتابع في بيروت بالاجواء عينها التي تسمح بها روما؟ أي بجو بعيد عن الصراعات الداخلية في لبنان؟ وهل عندما يعودون الى لبنان سيبقون على هذا التواصل بهذا الاتجاه؟ هناك تساؤلات كثيرة وحتى هذه اللحظة لم نعرف فحوى هذا التوافق.
هل يمكن أن نبقى على قانون الستين ونجري انتخابات على اساسه علماً بأنهم دفنوا هذا القانون كما يُقال؟
صحيح قانونياً لا يزال هناك القانون القائم، ولكن عملياً لا أحد يريد أن تمضي الانتخابات بموجب هذا القانون.

حاوره: سعد الياس

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق