سياسة لبنانية

عرسال… كمين لتوقيف مطلوب ام خطأ مقصود ام توريط غير محسوب؟

ماذا يجري في عرسال؟ هل هي مواجهة بين الجيش والاهالي ام انها حادثة تستهدف السنة ويراد منها الايقاع بين ابناء الطائفة والجيش والدولة عبر مؤسساتها؟ هل ستوقظ عرسال نار الفتنة؟ وهل الحادثة اشارة لتداعيات التطورات في سوريا على لبنان؟ هل بالامكان تسوية الامور ووقف الشحن المذهبي والتجييش بين الجيش والاهالي وترك الامر للقضاء للبت به وكشف الحقائق؟

اسئلة كثيرة طرحت على الساحة السياسية منذ حادث عرسال من دون اجابة ومن دون ان يكون لدى المسؤولين الرد الواضح على ما جرى. فقد تناولت الاطراف اللبنانية الحادث كل من منظاره ومن موقعه السياسي، بعد المواقف والتصريحات لعدد من السياسيين، على اثر الحديث عن تصرفات واداء غير لائقين بحق شهداء الجيش وعناصره، وبعيداً عن اخلاق ابناء عرسال وحبهم للمؤسسة ومن بين ابنائهم آلاف عدة في الجيش، وفق ما قال احد الوزراء. ويروي نائب شمالي من قوى 14 اذار انه منذ انطلاق الربيع العربي في سوريا وهناك محاولة دؤوبة تقوم بها قوى محلية لايجاد شرخ بين المؤسسات العسكرية والامنية، والشارع السني في لبنان. وقد ظهر ذلك في عكار عندما وقف الاهالي لافشال المخطط الذي يستهدف ابناء المنطقة، وانتقلت النيران لاستهداف عرسال ومناطق البقاع وتعرض عدد منها الى الاعتداء ولم تستجب الجهات الرسمية الى نداءات الاستغاثة بل اتهمت جهات وزارية ابناء المناطق السنية بايواء عناصر من القاعدة، رغم نفي وزير الداخلية ذلك. كما اتهموا ابناء المنطقة بايواء عناصر من الجيش الحر. واتهمت اطراف سياسية في قوى 8 اذار ابناء القرى السنية الحدودية بتوفير المساعدة للمعارضة في شتى المجالات. يومها قيل الكثير عن مجزرة تل كلخ وعن دخول الهجانة السورية الى المناطق الحدودية وخطف لبنانيين بتهمة مساعدة المعارضة.

استهداف
ويقول نائب في المعارضة ان استهداف الشارع السني لم يتوقف. فمن عكار الى طرابلس وجبهة باب التبانة الى عرسال وجبهة البقاع ومنطقة القاع والمشاريع، كان الجيش السوري يدخل الى المناطق بحجة البحث عن عناصر تابعة للجيش الحر. ويستشهد نائب في تيار المستقبل بمواقف الرئيس ميشال سليمان حول هذه الخروقات، ودعوة الجيش في احدى جلسات مجلس الوزراء الى الانتشار على الحدود، واقامة ابراج مراقبة لمنع التسلل والتهريب في الاتجاهين. وطلب الرئيس سليمان من وزير الخارجية تقديم مذكرة احتجاج على الخرق السوري للسيادة، الامر الذي لم يفعله الوزير بل استقبل السفير السوري في لبنان ليتسلم منه مذكرة احتجاج. ويقول عضو في قوى 14 اذار انه بين الحين والاخر كانت تصدر مواقف واتهامات بان عدداً من الاصوليين والمتطرفين والسلفيين والقاعدة اتخذوا من لبنان ارض جهاد، بعدما كانت ارض نصرة. ونفى المسؤولون هذه الادعاءات التي ترافقت مع انتقاد نواب وسياسيين في المعارضة الرئيس السوري ودعوته الى التخلي عن السلطة ووقف العنف وقتل الشعب.
مقابل هذه المواقف برز خطاب سياسي لدى الموالاة يحمل المعارضة اللبنانية مسؤولية التدخل في الشأن السوري ومساعدة المعارضة انطلاقاً من ان قيادات تعتبر ان السلطة في سوريا ستذهب الى السنة الذين يشكلون 75%. وقد تستخدم المعارضة التغيير في سوريا لتغيير موازين القوى في لبنان. ما حمل وزير الداخلية والبلديات مروان شربل على القول بأن اللبنانيين مختلفون في ما بينهم من اجل سوريا، منهم من يدعم المعارضة ويحاول ان يورط لبنان، ومنهم من يساند النظام من خلال ارسال عناصر تدعمه. ويقول نائب في المعارضة ان حزب الله اعترف بوقوفه الى جانب النظام واعلن عن سقوط بعض عناصره في واجب جهادي، اما المعارضة فليس عندها مشاركة بالعناصر.
ويروي احد الوزراء ان اهالي عرسال استفادوا من الفراغ على الحدود مما جعل حركة التنقل سهلة. والقتيل خالد حميد معروف بدعمه المعارضة السورية وتسهيل المساعدات لها وتشكيل جناح عسكري، وبحقه مذكرات توقيف حملت دورية من المخابرات على نصب كمين له وقتله في مواجهة مع عناصرالدورية مما استدعى «انتفاضة» الاهالي ضد الدورية التي اعتقدوا انها من جماعة المخابرات السورية ترافقها عناصر من حزب الله. وما زاد من هذه الشكوك انتقال عناصر الدورية باتجاه طريق الجرد التي توصل الى سوريا، وحصول الكمين وسط البلدة ظهيرة يوم جمعة يوم صلاة وفي عرسال ما يزيد على عشرات  المساجد، وعدم كشف هوية الدورية الا بعد ساعات عدة كما قال احد الوزراء مما خلق جواً من البلبلة داخل البلدة. بعدما اكتشف الاهالي ان الدورية تابعة للجيش اللبناني سارع عدد من وجهاء البلدة الى  لملمة الوضع ومنع حال الفلتان ورفض الاستغلال السياسي، خصوصاً وان جهات سياسية تمادت في المزايدة والمغالاة بحب الجيش مطالبة بالاقتصاص من المعتدين. وسارع اصحاب الغيرة المفاجئة،الى احراق الاطارات وقطع الطرق دعماً للجيش، في الوقت الذي كثف عدد من فاعليات ابناء عرسال ومرجعياتها الاتصالات، لا سيما بوزير الداخلية، لمعالجة الامر واعلنوا ولاءهم للدولة وحبهم للجيش. وقد يتولى الوزير شربل بعد ابلاله من وعكة صحية وبالتنسيق مع قائد الجيش العماد جان قهوجي المسعى لضبط الوضع، بتسليم المطلوبين والتحقيق معهم بموازاة اجراء تحقيق لكشف حقيقة ما جرى، خصوصاً ان هناك اكثر من علامة استفهام حول حادث عرسال الذي دام اكثر من ساعتين الى حين اتضاح حقيقة الامر.

لماذا عرسال؟
لماذا عرسال الان؟ ان تسليط الاضواء على عرسال يعود الى انسحاب الجيش السوري عن الحدود ووجود محاولة لمنع التواصل بين ابناء البلدة والمعارضة السورية. في حين يضعها بعض السياسيين في سياق الجيوبوليتيك في المنطقة، وتقسيم سوريا الى مناطق طائفية، وتأمين التواصل بين شيعة لبنان، البلدات القريبة من عرسال، وشيعة وعلويي سوريا في القرى الحدودية، الذين سيؤمنون التواصل بين الجنوب وايران. ولماذا تمت تصفية حميد بدل القاء القبض عليه، لانه متهم بتصفية مسؤول حزب الله في المنطقة وبمحاولة اقامة امارة له في عرسال، فلماذا لم يتوجه الجيش بقوة كبيرة الى القاء القبض عليه وليس عبر دورية من عشرة عناصر منهم من كانوا بلباس مدني. وكيف ان احد كبار المسؤولين لم يكن على علم بما جرى الا بعد وقت من وقوع الحادث ولماذا اعتمد كل هذا الغموض؟ هل من ضمن خطة الكمين ام هناك اسباب اخرى؟ ولماذا لا يتم التوضيح والرد على ما تردد عن وجود مدنيين قتلى في الكمين؟
ان حادث عرسال له تشعباته وارتباطاته بالتطورات في المنطقة وقد يكون الشرارة لاندلاع مواجهات مذهبية في لبنان واحياء نار الفتنة اذا لم يسارع المسؤولون الى لملمة الامر، خصوصاً في ظل اجواء التشنج القائمة .

 

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق